سلوى بعلبكي
رغم الشكاوى من تردي سرعة الانترنت في لبنان، الا ان التقارير الدولية تظهر أن نسبة نمو المستفيدين من خدمات الانترنت أعلى من الدول العربية والدول النامية، وتؤكد أن لبنان حقق تقدماً ملموساً على صعيد قطاع الاتصالات. ولعل آخر هذه التقارير، ما اورده الاتحاد الدولي للاتصالات (International Telecommunication Union) في تقريره الذي أشار الى أن مرتبة لبنان تقدمت 30 مركزًا عن العام 2013، ما يشكّل التقدّم الأكبر عالميًا، فيما احتل المرتبة 44 بين 207 بلدان حيال نسبة اختراق شبكة الانترنت في العام 2014، متقدماً 4 مراكز عن 2013. والتقدم الذي يحرزه لبنان على هذا الصعيد في نمو مستمر، إذ تشير ارقام وزارة الاتصالات الى أن نسبة اختراق خدمات الانترنت الاجمالية في لبنان ارتفعت من 43,7% عام 2010 إلى 52% عام 2011 إلى 61,3% عام 2012 إلى 70,5% عام 2013 فـ 86% عام 2014. كما ان عدد السنترالات التي يتم تجهيزها بخدمات الانترنت السريع ADSL وVDSL نما من 165 سنترالاً عام 2013 إلى 195 سنترالاً في 2014، وصولا إلى 220 سنترالاً في 2015. وهذا ما يعكس حجم الاستثمارات المالية التي قامت الدولة بتوظيفها في هذه البنية التحتية.
ووفق أرقام وزارة الاتصالات، فإن السوق الإجمالية المباشرة وغير المباشرة لخدمات الإنترنت في لبنان بلغت عام 2014 نحو 740 مليون دولار، فيما بلغ المستوى الوسطي للواردات الناتجة من مشترك الانترنت في لبنان ARPU عام 2014 195 دولاراً/سنة للمشترك الواحد.
وبعد فتح الباب أمام الترخيص لشركات توزيع خدمات الانترنت عبر الكايبل ICP (Internet cable providers)، ارتفع عدد هذه الشركات من 22 شركة عام 2013 إلى 58 شركة في 2014 ، وصولاً إلى 63 شركة في 2015.
وبالعودة الى تقرير الاتـحاد الدولـي للاتـصـالات، صنف لبنان في المرتبة 47 بين 161 دولة في نهاية 2014 حيال نسبة اختراق خدمات الحزمة العريضة للخطوط الهاتفية الثابتة (fixed broadband penetration)، وهو يمثل عدد المشتركين في المنازل والمكاتب والمؤسسات في خدمات الانترنت السريع والانترنت عبر الكايبل لكل 100 نسمة. وتقدمت مرتبة لبنان 30 مركزًا عن العام 2013 عند احتساب عدد البلدان المشمولة نفسها في المسح على أساس سنوي، ما يشكّل التقدّم الأكبر عالميًا. كذلك حل لبنان في المرتبة الأولى بين 17 دولة عربية وفي المركز الثالث بين الدول الـ45 ذات الدخل المتوسط إلى المرتفع المشمولة في المسح. وتقدمت مرتبته ثلاثة مراكز بين الدول العربية لتصبح المرتبة الأولى و17 مركزًا بين الدول ذات الدخل المتوسط إلى المرتفع مقارنة بالعام السابق. ووصل عدد الاشتراكات عبر تقنية الحزمة العريضة في لبنان الى 22,8 لكل 100 نسمة في العام 2014، أي بإرتفاع نسبته 129 % عن 9,95 اشتراكات لكل 100 نسمة في 2013، ما يشكّل نسبة الارتفاع الرابعة الأعلى في العالم. وجاءت هذه النسبة اعلى من المعدل العالمي الذي بلغ 10,3 مشتركين لكل 100 نسمة، ومعدل الدول النامية البالغ 6,6 مشتركين لكل 100 نسمة ومعدل الدول العربية الذي بلغ 3,4 مشتركين لكل 100 نسمة. واحتل لبنان المرتبة 44 بين 207 بلدان حيال نسبة اختراق شبكة الانترنت في 2014، وهي تمثل عدد مستخدمي شبكة الانترنت لكل 100 نسمة، وتقدمت مرتبته أربعة مراكز عن العام 2013. وبلغ عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في لبنان 74,7 مستخدماً لكل 100 نسمة في 2014، أي بارتفاع نسبته %6 عن 70,5 مستخدماً لكل 100 نسمة في 2013. جاءت هذه النسبة أعلى من المعدل العالمي الذي بلغ 40,6 مستخدماً لكل 100 نسمة، والمعدل العربي الذي بلغ 34,7 مستخدماً لكل 100 نسمة ومعدل الدول النامية الذي بلغ 32,4 مستخدماً لكل 100 نسمة. وارتفعت نسبة مستخدمي شبكة الإنترنت في لبنان بمعدل نمو سنوي تراكمي مقداره 19,9% بين 2009 و2014.
ولكن رغم تحسّن مؤشرات قطاع الإتصالات في العام 2014، إلاّ أن كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل، يعتبر أن أداء القطاع لا يزال دون إمكاناته ودون المطلوب للمساهمة الفعّالة في العجلة الإقتصادية ولرفع مستوى تنافسية الإقتصاد”، مشيراً الى “أن بطء الانترنت، ورداءة الإتصالات الخليوية، والكلفة المرتفعة لخدمات الإتصالات على انواعها، ووضع البنية التحتية للقطاع، تقيّد أداء الإقتصاد وتؤدي إلى فرص ضائعة على القطاعين الخاص والعام”.
وعن الحلّ الوحيد لهذه المعضلات، يشير غبريل الى يتمثّل في التحرير التدريجي لكل مكوّنات القطاع، وخصوصاً الخليوي منها، والترخيص لشركة خليوي ثالثة والسماح للمنافسة الحقيقيّة بين الشركات، ما يؤدي إلى زيادة عدد الخدمات ورفع نوعيتها، وخفض التكلفة. ويؤكد أن هذه التدابير يجب ان تقترن برؤية نحو طرح نسبة من أسهم شركات الخليوي على بورصة بيروت تمهيداً لخصخصتها في الوقت المناسب، لأن احتكار الدولة للقطاع ككل أثبت عدم جدواه.