IMLebanon

استبدال “سندات يوروبوند” بـ”شهادات ايداع”..حل سريع بفوائد أعلى

Banque-du-Liban
خضر حسان
أزمة رواتب القطاع العام التي دخلت مؤخراً حيّز النقاش السياسي والمالي، أُتبِعَت اليوم بإعلان مصرف لبنان مباشرته التحضير لإجراء عملية استبدال سندات “يوروبوند” لاستحقاق العام 2015 بشهادات ايداع، وتولي المصرف المركزي لهذه المهمة يعود الى فشل إجراء عملية اطلاق السندات ضمن الإطار القانوني التقليدي الذي تقوم به الدولة عادة عبر وزارة المال. لكن لإستبدال السندات بالشهادات مترتبات ترفع من معدل فوائد الديون على الدولة، نظراً لفارق الفوائد بين الخيارين.

شهادات الإيداع التي سيصدرها المركزي بقيمة 1.5 مليار دولار، يُفترض بها ان ترفد عملية تمويل الدين العام بالعملة الأجنبية، والتي يُعد الإقتراض بها أقل كلفة من الإقتراض بالعملة المحلية، إذ ان “كلفة الإقتراض بالعملة الأجنبية لمدة 10 سنوات ترتب فائدة بنسبة 6.20%، في حين ان كلفة الإقتراض بالعملة المحلية، ضمن المدة نفسها، يصل الى 7.46%”، وفق ما يذكره وزير المال علي حسن خليل، الذي رفض مؤخراً القيام بأي خطوة في اتجاه اصدار سندات “اليوروبوند” خارج الغطاء القانوني لمجلسي النواب والوزراء، والذي على اثره أحيل الموضوع الى المصرف المركزي، وهو الجهة المخولة البت بهذا الموضوع في حال تعذر اصدار السندات.

اصدار الشهادات يختلف بتأثيراته عن اصدار السندات، خاصة وان الدولة مدينة للمستكتبين بمبلغ 500 مليون دولار نتيجة عدم تسديد المبلغ المتراكم من إصدارات سندات سابقة، وهذا المبلغ يُستحق في آخر شهر آب الجاري، ما يعني ان الشهادات المقبلة، ستسجل فوائد ديون إضافية على هذا المبلغ غير تلك الملحوظة في السندات الأساسية. والتأثيرات تلحظ ارتفاع نسبة فوائد الدين في حال اصدار الشهادات، لأن الدولة بهذه العملية تقول للدائنين إنها في أزمة، الأمر الذي يرفع حدة المخاطر بنظر الدائنين، وبالتالي رفع معدلات الفوائد.

من جهة أخرى، يخفف بعض المتابعين للشأن المالي من حدة التهويل من مخاطر تراكم الدين، بأي شكل كان، فهذا التراكم لن يؤدي الى زعزعة الإستقرار المالي لأن أقطاب السلطة هم أصحاب الدين الحقيقيين، أو شركاء فيه، وهؤلاء يستفيدون من الفوائد الجديدة التي ستؤمنها شهادات الإيداع، أي انهم لن يسمحوا للنظام بالإنهيار، كي لا تنهار أرباحهم. لكن الخبير الإقتصادي إيلي يشوعي يرى في حديث لـ “المدن” ان الوصول الى هذه الحالة يؤشر الى أزمة حقيقية، فأقطاب النظام “ضربوا مرتكزات الحكم”. ولا ينفي يشوعي امكان حدوث “إفلاس مالي” في حال استمرار ادارة البلاد بهذه الطريقة، ويشير الى ان “على الإقتصاد تسجيل نمو سنوي يصل على الاقل الى 8% كي يستطيع الصمود”.

إذن، بات من الواضح ان السندات ستُستبدل بالشهادات، وهي ليست المرة الأولى التي يقوم بها المصرف المركزي بتغطية عجز السلطة السياسية مالياً. وان كان المركزي محكوماً بالسياسة العامة لتلك السلطة، الا ان بعض الأسس الإقتصادية تبقى ضرورية للحفاظ على ماء وجه الإقتصاد، لذلك قام المركزي في العام الماضي – على سبيل المثال – بإصدار شهادات إيداع بقيمة ملياري دولار.

وتجدر الاشارة الى ان اجراءات المركزي في هذا الشأن، تذكرنا بأن ماليتنا العامة ما زالت تغرق في تداعيات غياب الموازنة العامة منذ العام 2005، والإنفاق العام يسير ضمن آلية الإرتجال التي لم تعد محصورة بالإطار القانوني ضمن القاعدة الإثني عشرية، فهذه القاعدة يُفترض العمل بها لمرة واحدة، وليس على مدى 10 سنوات وأكثر. فضلاً عن التذكير بأن السلطة السياسية غائبة تماماً عن أي إجراء يتناول تحفيز الإستثمارات في القطاعات الإنتاجية، وإنتهاج سياسات إقتصادية ومالية قائمة على أسس علمية، بدل استسهال الإستدانة وإغراق البلاد بمزيد من الديون والأزمات.