تبحث وزارة الداخلية النمساوية عن أماكن لاستقبال اللاجئين. بلدية نمساوية صغيرة أبدت استعدادها الكامل لمساعدة اللاجئين وتوفير سكن لهم، غير أنه لم يسمح لها بذلك. السبب يكمن في موقعها الجغرافي وإشكالية الوصول إليها.
تقع قرية “كلاينفالسرتال” التابعة لبلدية “ميتلبرغ” النمساوية في الجزء الشمالي من جبال الألب. وهي منطقة ساحرة وتخطف الأبصار من شدة جمالها. وتقع هذه المنطقة على بعد 10 كيلومترات من الحدود الألمانية النمساوية. ما يميز هذه القرية أنها تقع في نهاية الطريق الوطني الألماني السريع (Bundesstrasse) . ولا يوجد طريق من داخل النمسا حتى يمكن الوصول إليها من النمسا. عمدة البلدية آندي هايد وسكان القرية الذين يبلغ عددهم 5 آلاف شخص هم على أتم استعداد لاستقبال 20 لاجئ ، بل وهم في انتظار هؤلاء فعلا. فاللاجئون يمرون عبر هذه الطريق الذي ينتهي مساره في المنطقة النمساوية. عوض ساحات الألعاب الرياضية والخيام التي يتم عادة عرضها عند استقبال اللاجئين، يوفر سكان القرية شققا وفندقين لتسهيل إقامة اللاجئين. وبالرغم من كل هذه الاستعدادات التي يقوم بها السكان وما يقدموه من سبل الراحة للاجئين في رحلتهم الشاقة للنجاة بحياتهم، فمن غير المسموح للقرية باستقبال اللاجئين. إنها مشكلة يمكن وصفها بمسرحية هزلية، ولاشك ، خصوصا بالنظر إلى العدد الهائل من اللاجئين الذين يفرون هربا بحياتهم إلى دول مثل ألمانيا والنمسا، أو من خلفية المشاكل التي تواجه حكومات هذه الدول بحثا عن أماكن لإيوائهم، حيث يصل الأمر إلى أن سياسي الاتحاد الأوربي انشغلوا وتنازعوا حول نسب توزيع اللاجئين بينهم، كما أن وزارة الداخلية النمساوية، على سبيل المثال، طلبت من مواطنيها المساعدة في استقبال اللاجئين.
الموقع الجغرافي يقف حائلا
عمدة بلدية “ميتلبرغ” النمساوية، آندي هايد، يصف الأمر بـ” العبثية”. “فالبلدية محاطة ببلديات ألمانية ونمساوية أخرى وصلت حدها الأقصى في الطاقة الاستعابية للاجئين. وبلدية ميتلبرغ على أتم الاستعداد للمساعدة. من واجبنا التضامن والمشاركة فيما تقوم به البلديات الأخرى من أعمال مساعدة اللاجئين، حيث لا يمكن التغاضي عن هذه الإشكالية”. هكذا يعبر عمدة البلدية المحافظ من حزب الشعب النمساوي عن موقفه من عدم السماح لبلديته باستقبال اللاجئين بسبب الموقع الجغرافي لمنطقة “ميتلبرغ”. ففي أكتوبر الماضي أخبر هايد وزارة الداخلية النمساوية عن استعداد بلديته لاستقبال 20 لاجئا، غير أن ذلك لم يحدث. فاللاجئون الذين يصلون إلى النمسا عليهم ركوب حافلة تمر بألمانيا من خلال استخدام الطريق الاتحادي الألماني “Bundestrasse” للوصول إلى تلك المنطقة أو المشي لساعات طويلة جدا عبر جبال الألب من داخل النمسا للوصول إليها.
من الناحية الإدارية تعد مغادرة اللاجئين للأراضي النمساوية وركوب حافلات تمر بطريق ألماني للوصول إلى البلدية النمساوية خرقا للقانون، حيث إن اللاجئين مازالوا في انتظار الموافقة على طلبات لجوئهم وليس مسموح لهم بالتنقل خارج البلاد. إذن فالوضع الجغرافي والبنية التحتية هي من بين العوامل التي تقف عائقا أمام تنفيذ ما يتمناه أهل البلدية النمساوية من تقديم ليد العون والمساعدة للاجئين.
استعداد كامل وأمل في إيجاد حل
هناك سبعة من المتطوعين على أهبة الاستعداد لتقديم دروس تعلم الألمانية وغير ذلك من المساعدات الأخرى للاجئين في هذه البلدية النمساوية الصغيرة، إلا أن السلطات مازالت تبحث عن مدى الترخيص لها باستقبال اللاجئين. العمدة هايد يبدي تفهمه لهذا الوضع ويلاحظ:”قد تكون السلطات منهكة بسبب البحث في أوضاع اللاجئين حيث ليس لديها وقت كافٍ للبت في وضع بلديتنا. فكل البلديات وصلت لحدها الأقصى في استيعاب اللاجئين ونحن نمد يد العون و نبدي استعدادنا للمساعدة.” لكن العمدة هايد يصر في ذات الوقت على ضرورة التوصل إلى حل مناسب واستثنائي لبلديته، حتى يتسنى لها إمكانية استقبال لاجئين. ويضيف العمدة قائلا: “إيجاد حل استثنائي ليس بالأمر الجديد بالنسبة لبلديتنا النمساوية. فنحن نقع جغرافيا في مكان طالما وجدت له حلول استثنائية. وأنا لا أفهم لماذا كل هذا الوقت للبت في الأمر بالنظر إلى الأوضاع الإنسانية للاجئين “.
من خلال تعاونه مع موظفيه توصل عمدة البلدة لفكرة يمكن عبرها حل المشكلة: ففي سبتمير المقبل ستقوم بلدية “ميتلبرغ” باستقبال عائلتين وبعض الأشخاص ممن وافقت السلطات على طلبات لجوئهم. وبإمكانهم التحرك بكل حرية عبر دول الاتحاد الأوربي.