Site icon IMLebanon

المدارس الخاصّة “تخرق القوانين”.. والشارع قد يكون الحل

school
خضر حسان
تتعدد طرق التحايل على الأساتذة وعلى القانون في بعض المدارس الخاصة، حيث يعمد المدراء في تلك المدارس الى عدم اعطاء المعلمين تعويضات الصرف الذي يكون في الأساس تعسفياً، إضافة الى عدم دفع غلاء المعيشة منذ شباط 2012 في معظم المدارس الخاصة، أما في حال دفعه، تسترده المدرسة في أقرب فرصة. ففي إحدى المدارس “المحترمة” تقدمت معلّمة بالإستقالة، بهدف الانتقال الى مدرسة أخرى، فأوقفت المدرسة راتبها من شهر حزيران حتى أيلول، بحجة إسترداد غلاء المعيشة، وفق ما أورده نقيب المعلمين في المدارس الخاصة، نعمة محفوض، خلال مؤتمر صحافي عقده اليوم في مقر النقابة.
في السياق عينه، لا يدفع بعض المدراء رسوم الإشتراك في صندوق التعويضات، ولا يدفعون متوجبات الأساتذة التي يقتطعونها من رواتبهم بحجة دفعها للصندوق، وبالتالي، فإن نسبة 12%، المقسومة بالتساوي بين المدرسة والأستاذ، لا تُدفع الى الصندوق، وعندما يتقدم الأستاذ بطلب قبض التعويضات، يُردّ خائباً. ومع وجود مئات الإنذارات من قبل إدارة الصندوق، إلا ان الجهات المعنية لم تتحرك. وللتهرب من دفع مستحقات الصندوق، يشير محفوض الى ان “البعض لا يدفع ولا يصرّح بالرواتب القانونية لصندوق التعويضات”، وذلك بهدف تخفيف المبلغ المحدد بـ 6%، وعلى الرغم من حصول الاساتذة على شهادات علمية أعلى، فإن المدرسة تقدّم الشهادة الأدنى، لكي ينخفض الراتب وتنخفض معه مستحقات الصندوق”، علماً ان القانون يفرض حُكماً تقديم الشهادة الأعلى.

والصرف التعسفي إحدى ممارسات أصحاب المدارس الخاصة، اذ يلجأ هؤلاء الى صرف الاساتذة تعسفياً، وإجبارهم على تقديم استقالتهم، لأن في الحالة الأولى يحق للأستاذ المطالبة بتعويض الصرف التعسفي من المدرسة، لكن في الحالة الثانية، يحق له بتعويض صندوق التعويضات. واحياناً، وبحسب سنوات التعليم، يكون تعويض الصرف أكبر من تعويض الاستقالة، فيُجبَر الاستاذ على تقديم الاستقالة واخذ التعويض الاقل، لأن الدخول في سجالات قانونية مع المدرسة، ستأخذ وقتاً وتستنزف الاستاذ نفسه. وأحياناً أخرى، يتمادى أصحاب المدارس أكثر في خرق القانون والأخلاق، فيصرفون الأستاذ دون إعطائه أي مستند يوثّق حالة الصرف، منعاً لتقديم أي دعوى قانونية. ويؤكد محفوض أن “إحدى المدارس أقدمت على صرف إحدى المعلمات شفهياً، وترفض اعطاءها مستنداً خطياً”، ويضيف، إحدى المؤسسات سلّمت إدارتها لإدارة أخرى، وهذه “ترفض إبقاء بعض المعلمين بحجة عدم الحاجة إليهم، وتفاوضهم للقبول بشروط خاصة لإبقائهم، كتقاضي نصف راتب، او 9 أشهر”.

وفي هذا الإطار، عرضت المدرِّسة فريال عبد المجيد الرحّال لـ “المدن” مشكلتها مع إحدى المدارس الخاصة في الجنوب، فقد تعرضت للطرد التعسفي “دون أي حق”، ورفضت المدرسة تطبيق القانون برغم كل المناشدات والاتصالات، حتى مع الإدارة المركزية للمدرسة في بيروت. وتلفت رحّال النظر الى ان ادارة المدرسة، عمدت قبل الصرف النهائي، الى تسجيل ساعات تعليمها بأسماء أساتذة آخرين، وبذلك، كانت رحال تعطي الدروس، ويتقاضى غيرها ثمنها.

واللافت أن المدارس المجانية أيضاً تدخل في بازار التفاوض وخرق القوانين، مع انها تعيش على دعم الدولة. وبعض تلك المدارس يصرف المعلمين “ويطلب منهم توقيع براءة ذمة، لكي يقبض منحة الدولة، ويسدد الرواتب”، وهي في الأصل رواتب غير قانونية.

نماذج مخالفة القوانين المتعلقة بحقوق الاساتذة، ليست الوحيدة التي ترتكبها تلك المدارس، فهي تخالف القانون لجهة الأقساط المرتفعة. فالقانون رقم 515 “يرعى كيفية وضع القسط المدرسي، ويعطي كل ذي حق حقه”، وفي هذا المجال، يلقي محفوض اللوم على لجان الأهل، ويدعوهم – خلال حديث لـ “المدن” الى “عدم الخوف، والى الفعالية أكثر ومراقبة الاقساط والنشاطات وكل ما تقوم به الادارة”، ويأسف لكون أغلب مجالس الأهل “مؤلفة من الأهل المقرّبين من الإدارة”.

دور لجنة الأهل “ليس ببسيط، فاللجنة هي الإدارة الرديفة، وأحياناً تكون الإدارة الفعلية للمدرسة”، وفق ما يقوله أحمد، وهو عضو لجنة الأهل في إحدى مدارس منطقة الشويفات، كونه أب لثلاثة أولاد في المدرسة. وبالنسبة لأحمد “اللجنة هي من تراقب الأقساط وأي مبالغ أخرى تطلبها المدرسة، واللجنة تستطيع إجبار الإدارة على الالتزام بالأقساط المعقولة، لأن أعضاءها أولياء أمور الطلاب، وبكل بساطة عندما يسحب الأهل اولادهم من المدرسة، ستُقفل، لذلك فإن الاهل هم نقطة ضغط فاعلة إذا كانوا يداً واحدة”. وينتقد أحمد توجه بعض المدارس الى إجبار طلاب الشهادات الرسمية على القدوم الى المدرسة بحجة اعطائهم دورات تقوية، وهذه الدورات تكون مدفوعة من قبل الأهل، ويضاف إليها بدل النقل، وفي الوقت عينه، لا تُعطي المدرسة أي بدل للأستاذ، سوى بدل النقل، وهذا كله مخالف للقانون، وهنا يبرز دور لجنة الأهل.

الصوت الذي رفعه محفوض والأساتذة ضد “الصرف التعسفي وضرب القوانين الناظمة بعرض الحائط”، تَبِعه تذكير بأن “كل التحركات الديموقراطية المكفولة بالقانون متاحة أمام نقابة المعلمين”، وعليه، فإن الشارع يبقى “خياراً ديمقراطياً” قد تلجأ إليه النقابة في أي وقت.