ردت الولايات المتحدة بحذر كبير على خفض سعر العملة الصينية، الذي يمكن أن يضر بصادراتها، لكنه يلبي جزئياً مطالبها المتعلقة بسعر صرف اليوان، في محاولة لتحقيق توازن صعب. ولم يعلق البيت الأبيض ووزارة الخزانة الأميركية، على الإعلان المفاجئ للمصرف المركزي الصيني بخفض قيمة العملة حوالى 2% مقابل الدولار. ولا تفوت السلطات الأميركية منذ سنوات فرصةً، من أجل اتهام بكين بالإبقاء على سعر عملتها منخفضاً عمداً، من أجل تعزيز القدرة التنافسية لمنتجاتها في الخارج. ونقلت وكالة “فرانس برس” عن خبراء، أن واشنطن تفضل ضبط النفس، وتنتظر على الأرجح معرفة المزيد عن أبعاد القرار الصيني، قبل دق ناقوس الخطر. ويرى الخبير في شؤون الصين في معهد بترسن في واشنطن، نيكولاس لاردي، أنه “ما زال من المبكر معرفة ما اذا كنا ندخل مرحلة دائمة لخفض سعر صرف العملة، يمكن أن يكون لها تأثير حقيقي على الصادرات الأميركية”. إلى ذلك، نفت السلطات الصينية عند إعلان قرارها أن يكون الهدف منه تحفيز صادراتها، مؤكدةً أنها تريد تحرير استخدام اليوان بشكل أكبر، بما أنه ما زال مضبوطاً بشكلٍ وثيق اليوم. وقال روبرت كان من مجلس العلاقات الخارجية إن “التأثير المباشر على الصادرات الأميركية، سيكون محدوداً على المدى القصير”، مشيراً إلى أنّه “إذا كان ذلك بداية توجه أشمل لخفض سعر الصرف، فسيكون ذلك مشكلة، لأن الأمر سيكون محاولة من الصين للتقدم على شركائها التجاريين الرئيسيين”. ولا تحتاج الولايات المتحدة لذلك، فمنذ سنوات طويلة تعاني من عجزٍ كبير في مبادلاتها مع الصين (أكثر من 31 مليار دولار في يونيو/حزيران). وبشكل عام، تعاني الصادرات الأميركية مؤخراً من ارتفاع سعر الدولار مقابل اليورو، وهو توجه يمكن أن يتعزز مع تطبيع السياسة النقدية المقبل في الولايات المتحدة.
في هذه الأجواء الصعبة، يبدو خفض سعر صرف العملة الصينية حجة لمعارضي القوة الصينية، الكثر، في عالم السياسة الأميركية مع بدء الحملة للانتخابات الرئاسية الأميركية.
وقال كيفن كارمايكل من مؤسسة سنتر فور انترناشيونال غوفرنانس اينوفيشن، إن :” بكين أعطت ذخائر جديدة لخصومها في أسوأ وقت ممكن.. في اللحظات الأولى من حملة رئاسية”. وسارع المرشح للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري دونالد ترامب، الذي لا يبخل في التصريحات الاستفزازية، إلى إدانة القرار الصيني، وقال إنه :” خفض كبير وسيكون الأمر مدمرا لاقتصادنا”. ويمكن أن يكون القرار الصيني مرتبطا بالمشاكل الاقتصادية الصينية، أكثر مما هو بالخصم الأميركي الكبير، وخصوصاً رغبة بكين في إدراج اليوان في نادي العملات المرجعية في العالم، كما يرى خبراء. وتطمح بكين إلى توسيع استخدام عملتها خارج حدودها، بإدراجها في حقوق السحب الخاصة، الوحدة الحسابية لصندوق النقد الدولي، التي تتشكل حاليا من أربع عملات هي الدولار واليورو والجنيه والين. ويقول ديريك سيزرز، الاقتصادي في مركز أميركان انتربرايز اينستيتيوت، إن “البنك المركزي الصيني، يريد اقناع صندوق النقد الدولي بأن الرينمينبي (الاسم الآخر للعملة الصينية) يمكن أن تكون عملة احتياط”. وكان صندوق النقد الدولي، الذي سيتخذ قراره في يناير/تشرين الثاني، وضع شروطه مؤخراً بوجوب تغير العملة الصينية وفق تقلبات الأسواق، ووجوب أن تكون قابلة للاستخدام بحرية”. وفي محاولة لإعطاء بعض الضمانات، أكدت بكين عند خفض سعر صرف عملتها أن هذا القرار استثنائي، وأن قيمة اليوان باتت مرتبطة بالعرض والطلب في الأسواق وتقلبات العملات الأجنبية الرئيسية، ولم يرد صندوق النقد الدولي على الفور. وتساءل كارمايكل “هل الصينيون جادون في أن ذلك لن يحدث مجدداً؟ كثيرون يشككون في الأمر وخصوصا في الكونغرس الأميركي”. من جهته، رأى سيسزرز أن القرار الصيني لن يؤدي إلى حرب عملات فوراً، لكنه يزيد من الغموض، في حين ما يزال الاقتصاد العالمي هشا، وختم متسائلاً “ماذا سيحدث إذا قرر الصينيون تصحيحاً جديدا لعملتهم”؟