خرجت المفاوضات الماراتونية بين اليونان والجهات الدائنة أي صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي وآلية الاستقرار الأوروبية أمس، باتفاق يمنح أثينا خطة مساعدة ثالثة لا تقل قيمتها عن 82 بليون يورو (94 بليون دولار)، لكن بقي «بعض التفاصيل عالقاً» وفقاً لما أعلنه مسؤولون يونانيون.
وتُعدّ هذه الخطة الثالثة لليونان منذ العام 2010. وأفاد مصدر حكومي يوناني وكالة «فرانس برس» بأن المفاوضين «توصلوا إلى اتفاق بعد مفاوضات ماراتونية دامت 22 ساعة». فيما أكد وزير المال اقليدس تساكالوتوس لدى خروجه من فندق هيلتون، «الاقتراب جداً» من اتفاق، لافتاً إلى استمرار «تسوية تفصيل أو اثنين صغيرين جداً حول النشاطات الأولية الواجب القيام بها». لكن هذه التفاصيل «لا تؤثر على جوهر الاتفاق»، وفقاً لمصدر حكومي آخر.
وكشفت صحيفة «كاثيميريني» أن أثينا اضطرت إلى «التعهد بالتطبيق الفوري لـ 35 إصلاحاً» لانتزاع الاتفاق، وهي تغيير في الضرائب للشركات البحرية وخفض سعر الأدوية النوعية، مروراً بتعزيز مكافحة الجرائم المالية أو رفع القيود عن قطاع الطاقة.
وأعلنت الحكومة اليونانية في بيان أمس، أن الاتفاق «يضمن تمويلاً بقيمة 85 بليون يورو على مدى ثلاث سنوات». وأوضحت أن اليونان «تؤمّن» بفضل هذا المبلغ في مقابل لائحة طويلة من التصحيحات في الموازنة والإصلاحات، «تغطية دفعات قروضها ومتأخرات الدفع المترتبة على الدولة».
وكشف المسؤول اليوناني، أن البنوك اليونانية «ستحصل على 10 بلايين يورو، لتمويل إعادة الرسملة فوراً، ويكون موعدها الأقصى نهاية العام الحالي». وشددت ألمانيا على لسان الناطق باسم وزير المال فولفغانغ شويبله، على «ضرورة انتظار الحصول على البرنامج لدرسه والتعليق عليه»، مركّزاً على «المعلومات حول وجود تفاصيل لا تزال عالقة».
وأفاد موقع إعلامي يوناني، بأن الحكومة رفعت الاتفاق إلى البرلمان بعد ظهر أمس للتصويت عليه غداً.
وأشارت الناطقة باسم المفوضية الأوروبية انيكا برايندهارت، إلى أن اليونان ودائنيها «توصلوا ليل الإثنين – الثلثاء إلى اتفاق تقني مبدئي، لكن المفاوضات مستمرة حول بعض التفاصيل، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي بعد». وقالت «بين أيدينا الآن اتفاق على المستوى التقني، وليس لدينا اتفاق على المستوى السياسي وهذا ما نحتاج إليه، وسيجري تقويم سياسي الآن».
يذكر أن على اليونان التزام إصلاحات للحصول على حزمة الإنقاذ المالي الجديدة. وتتمثل الأهداف بـ «تحقيق فائض مبدئي في الموازنة بدءاً من عام 2016، وبلوغ عجز الموازنة المبدئي المستهدف 0.25 في المئة من الناتج المحلي خلال العام الحالي، يتبعه تحقيق فائض نسبته 0.5 في المئة عام 2016 و1.75 في المئة عام 2017 و3.5 في المئة عام 2018». فيما سينكمش الاقتصاد اليوناني بنسبة تتراوح بين 2.1 و2.3 في المئة هذه السنة، و0.5 في المئة عام 2016 ، ليحقق مجدداً نمواً نسبته 2.3 في المئة عام 2017».
أما الإجراءات المسبقة، فيُتوقع أن «تشمل بعض التدابير المطلوب اتخاذها قبل صرف مساعدة الإنقاذ المالي، وهي إصدار قوانين جديدة تتصل بالقروض المتعثرة لدى المصارف، وتحرير أسعار الغاز الطبيعي، وإنشاء صندوق ثروة سيادية مستقل في اليونان بهدف جمع مبلغ 50 بليون يورو تستخدم 75 في المئة من أمواله لإعادة رسملة المصارف وخفض الدَين. يُضاف إلى ذلك إلغاء الخفوضات الضريبية للمزارعين الحاصلين على وقود مدعوم حالياً، وتشريع أكثر إحكاماً حول نظام التسديد الخاص بالأفراد المدينين بضرائب للدولة، وتوسيع تدريجي لنظام يسدد دافعو الضرائب من العاملين لحسابهم الخاص وأصحاب المشاريع الصغيرة بمقتضاه، الضرائب مقدماً عن دخلهم المتوقع. وأخيراً زيادة «ضريبة التضامن» التي يدفعها أصحاب المداخيل التي تتراوح بين 50 ألف يورو و100 ألف سنوياً، إلى 6 في المئة بدلاً من 4 في المئة.
وتتمحور الإجراءات اللاحقة التي سيدرجها الاتفاق ضمن جدول زمني، حول إصلاح طموح لنظام معاشات التقاعد والتداولات التجارية أيام الأحد، وملكية الصيدليات ومبيعات الألبان والمخابز، ومراجعة القواعد الخاصة بالتفاوض الجماعي والإضرابات والفصل الجماعي.