Site icon IMLebanon

الشمال يدفع سنوياً 300 مليون دولار للمولدات الخاصة

ElectricGenerator4
غسان ريفي

لم تعد التغذية بالتيار الكهربائي في محافظتيّ الشمال وعكار مقسمة بين شركتيّ قاديشا ولبنان، بل جرى جمع إنتاج الطاقة من الشركتين في شبكة واحدة مرتبطة بأكثر من معمل حراري لإنتاج الطاقة لتغذية المناطق الشمالية، وتم ربط هذه الشبكة بمصلحة التنسيق في مؤسسة كهرباء لبنان التي على عاتقها تقع مسؤولية التقنين الذي يطال مجموعات هي عبارة عن مناطق محددة يوزع التيار الكهربائي في ما بينها.
تراجع ساعات التغذية
لا تتعدى ساعات التغذية في محافظة الشمال في أفضل حالاتها الـ 16 ساعة خلال فصليّ الخريف والربيع، وهي تتراجع في فصليّ الشتاء والصيف الى 12 ساعة وأقل لتصل الى 8 ساعات، وهي اليوم في أسوأ حالاتها على الإطلاق، نتيجة حجم الأعطال وعدم قدرة الخزانات والمحولات المحلية في المناطق على التحمل في ظل الاعتداءات الأفقية على الشبكات العامة من قبل كثير من المواطنين، ونتيجة غياب الصيانة اللازمة لها من قبل الدولة.
وما يزيد الطين بلة هو النزوح السوري والمخيمات العشوائية المنتشرة في مختلف المناطق، والتي تتغذى كهربائياً بواسطة التعليق على الشبكات العامة ما يؤدي الى إضعافها وتعرضها لكثير من الأعطال، التي تجعل العديد من البلدات والقرى تفتقر الى التيار الكهربائي لسببين: الأول التقنين الرسمي، والثاني الأعطال الناجمة عن الاعتداءات والتي تحتاج الى كثير من الوقت لإصلاحها.
لا بديل في منطقة الشمال عن كهرباء الدولة سوى الشركات الخاصة التي تبيع التيار الكهربائي للمواطنين بواسطة المولدات الكبيرة (بما يعرف بالاشتراكات) إضافة الى المولدات الخاصة التي ما زالت بعض العائلات في القرى الشمالية الجردية تعتمد عليها، وذلك بعد فشل أكثر من محاولة في إيجاد لا مركزية كهربائية من خلال تأسيس شركات خاصة تؤمن التيار للمناطق المتواجدة فيها بمعزل عن شركتي قاديشا وكهرباء لبنان، في حين أن بعض القرى النائية لا سيما في عكار والضنية لا تزال تعتمد على البدائل التقليدية في الإنارة كالشمع والمصابيح على الكاز أو على الغاز، فيما سجل وصول التيار الكهربائي قبل نحو ست سنوات لأول مرة الى قرية جيروم في قضاء الضنية، في وقت تعاني فيه بعض المشاريع السكنية الجديدة في الجرود الشمالية من صعوبات في وصلها بالشبكة العامة بفعل الروتين الاداري. تشير مصادر فنية مطلعة في شركة كهرباء قاديشا الى الفارق الكبير في سعر «الكيلووات» الواحد بين كهرباء الدولة وبين «الاشتراكات»، حيث يدفع المواطن ما يقارب 110 ليرات لبنانية ثمناً لكل «كيلووات» وهو سعر مدعوم من الدولة، بينما يدفع أكثر من 700 ليرة لكل «كيلووات» للشركات الخاصة.
300 ألف مشترك
وفي عملية حسابية بسيطة تشير هذه المصادر الى وجود نحو 300 ألف مشترك في محافظتي الشمال وعكار، لكل منهم ساعة كهربائية رسمية، وإذا كان 250 ألفاً منهم يلجأون عند انقطاع التيار الكهربائي الى الشركات الخاصة «الاشتراكات» ويدفعون سعرا وسطيا مئة دولار أميركي، وهو المبلغ الذي يُدفع لكل 5 أمبير في أكثرية الأقضية والمناطق الشمالية، فإن كلفة المولدات الخاصة في الشهر الواحد هي (250 ألف مشترك × 100 دولار) أي ما يعادل 25 مليون دولار شهرياً، و300 مليون دولار سنويا.
وتذهب هذه المبالغ الى جيوب بعض النافذين والمافيات الذين يديرون تلك الشركات بدعم سياسي وأمني، من دون أن يصل الى الدولة قرش واحد، كونها لم تفلح حتى الآن في تجاوز المحسوبيات وقوى الأمر الواقع والمصالح الشخصية في المناطق الشمالية من أجل تنظيم هذا القطاع والاستفادة منه، ولا حتى في أي منطقة لبنانية.
هذا في الشمال فقط، فكيف هو الحال في سائر المحافظات اللبنانية؟ حيث تشير المصادر الفنية الى أن هذه المبالغ التي تدخل سنويا الى صناديق شركات بيع الكهرباء، من شأنها أن تمكن الدولة من إقامة أكثر من معمل حراري لإنتاج الطاقة بما يساهم في إيجاد حلول نهائية لأزمة الكهرباء في لبنان.
وتدعو هذه المصادر المواطنين الى حماية المنشآت الكهربائية وممارسة رقابة ذاتية عليها لمنع التعديات على الشبكات العامة، من أجل الوصول الى أكبر قدر من ساعات التغذية، خصوصاً أن هذه التعديات التي تتسبب بأعطال مستمرة ودائمة في المحولات والخزانات، وصولا الى التسبب بإحراق بعضها، سواء في المناطق الشعبية في طرابلس أو في البلدات والقرى الشمالية، من شأنها أن تضاعف من ساعات التقنين التي تصل أيام الصيف في بعض المناطق الى 4 و 6 ساعات فقط من أصل 24 ساعة.
كيفية التغذية شمالاً
تتغذى طرابلس من معمليّ الحريشة جنوباً، ودير عمار شمالاً وذلك عبر سلسلة محطات لتوليد الطاقة المنتشرة في البحصاص، وادي هاب (2)، وأورانج ناسو، وتشهد عاصمة الشمال تفاوتاً في التغذية الكهربائية بين منطقة وأخرى، تبدأ من 16 ساعة في المناطق المحظية وتتراجع الى 8 و 6 ساعات في المناطق الشعبية التي تشهد أعطالاً محلية بفعل عدم قدرة المحولات على تحمل الضغط الهائل المفروض عليها.
في حين تتغذى محافظة عكار عبر أربع محطات: البارد، القبيات، حلبا، وبيت ملات التي افتتحت مؤخراً وزادت التغذية 50 في المئة. وتحل الاشتراكات الخاصة في الدرجة الأولى على صعيد البدائل، ومن ثم المولدات الخاصة، وهناك بعض القرى النائية ليس لها بدائل وتعتمد على الوسائل البدائية.
أما زغرتا فتعتمد على محطة دير نبوح بشكل أساسي، وعلى شبكات مرتبطة بمعامل أخرى، وتتراوح ساعات القطع بين 8 الى 12 ساعة بحسب الضغط لا سيما خلال موسم الاصطياف، في حين تتغذى بشري من معمل بلوزا التابع لكهرباء لبنان.
وتتغذى الكورة من معمل الحريشة وتتعرض لتقنين قاس على مدار أيام السنة، وذلك بسب الأعطال المحلية التي تؤدي الى فصل محطات التوليد عن الشبكة العامة، أو احتراق الخزانات التي يحتاج معظمها الى إعادة تأهيل، وتتقدم «الاشتراكات» على ما عداها من بدائل، بينما تعتمد المصانع والمحلات التجارية الكبرى على المولدات الخاصة.
وفي البترون، فإن الاعتماد في التغذية على سلسلة محطات تتوزع ساحلاً ووسطاً وجرداً ويصل التيار الكهربائي الى كل منزل فيها، الا ان المشتركين يخضعون لنظام تقنين تحدده الشركة ويستدعي إيجاد بديل خلال ساعات الانقطاع، وباتت مشاريع المولدات الكهربائية الخاصة وتأمين التيار للمواطنين بموجب اشتراك شهري أو عملا بالعدادات، من ضرورات الحياة اليومية.
وتتغذى قرى وبلدات المنية والضنية من محطة دير نبوح لتحويل الطاقة، ومن معمل دير عمار، بمعدل 12 و14 ساعة في اليوم تتناقص في موجات البرد وعند أعطال المحولات، في حين يعتمد غالبية السكان على المولدات الخاصة، باستثناء قرى الاصطياف التي تنتشر فيها مولدات الاشتراكات.