كتبت منا شعيا في صحيفة “النهار”:
ربما لم تقطع طرق ولم تحرق دواليب، لكن سمير كساب لا يزال مخطوفاً. منذ 15 تشرين الأول 2013، ولا اخبار عن هذا المصور اللبناني الذي يعمل في محطة ” سكاي نيوز”.
ربما لم تنظم “حملات” كتلك التي “نظمت” من اجل اطلاق مخطوفي اعزاز وراهبات معلولا، لكن كساب فقد وهو يمارس عمله في سوريا.
وربما لم يدرك سمير حين دخل سوريا للمرة الاخيرة ليعدّ تقارير عن اطفال سوريا في اول ايام عيد الاضحى، انه لن يعود من بعدها. يوم فُقِد أثره في شمال سوريا، مرّ خبره عاجلا في اسفل الشاشات، وحتى اليوم، نادرا ما تذكر اخباره. وحدها عائلته تعيش المعاناة والمأساة، فيما طرق المعالجة اكثر من خجولة.
تخبر خطيبة سمير، رزان حمدان كيف كان يدخل مرارا الى سوريا، لتغطية الحوادث من اطار انساني، وكيف لم يعد.
تقول لـ”النهار”: “لم تصلنا اخيرا اي معلومات جدّية مؤكدة عنه. هذا الواقع نعيشه منذ وقت طويل”.
عتب على جريج
منذ خبر الاختطاف، بدأت عائلة كساب جولات على المسؤولين، من الرئيس ميشال سليمان الى الرئيس نجيب ميقاتي ومن ثم الى الرئيس تمام سلام. واخيرا، زارت رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، ولا جديد.
وللعائلة عتب كبير على وزير الاعلام رمزي جريج. تقول حمدان: “اكثر من مرة وجهنا اليه دعوات للمشاركة في تحركاتنا، ولم يلب واحدة منها. كذلك الامر بالنسبة الى الرئيس سلام، فلم نسمعه مرة واحدة يأتي على ذكر سمير”.
وعن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، تلفت الى كلامه امامهم حين قال انه “يحمل قضية كساب، لكنه لا يستطيع وحده ان يفعل شيئا”.
كذلك، لم توفر العائلة السفراء، وفي مقدّمهم سفيرا قطر وتركيا. وفي كل مرة وعد جديد “بايصال الرسالة الى دولهم”.
واذا كانت قضية كساب مرتبطة ببعض الصحافيين المفقودين ايضا، الا ان قضيته تستحق المتابعة، اولا من جانب الدولة اللبنانية، وثانيا من النقابات المحلية والدولية، فالسؤال يبدو ملحاً عن مسؤولية نقابتي الصحافة والمحررين ووزارة الاعلام في هذه القضية الانسانية، وقت لا يشعر المتابع ان هذه القضية ضمن سلّم اولوياتها.
انما اللافت ان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم كان قد اشار في حديث تلفزيوني في حزيران 2014، الى ان ” هناك جهدا قد نلمس ثماره في قضية اللبناني المخطوف في سوريا سمير كساب”، متوقعا رؤيته قريبا في مقر عمله في “سكاي نيوز”. اكثر من عام مرّ على هذا الحديث، فهل من جديد الآن؟
تجيب حمدان: ” ابدا”.
عادة عندما يختطف صحافيون من دول اوروبية نرى كيف تجنّد حكوماتها اجهزتها، وكيف تلاحق القضية حتى اطلاقهم. واكثر من صحافي اوروبي خطف واطلق، منذ اندلاع الحوادث في سوريا.
على مواقع التواصل الاجتماعي، ينشط اصدقاء كساب. وثمة صفحة تحمل اسم “اصدقاء المصور اللبناني سمير كساب”، وربما تلك العبارة توجز مجمل ما كتب عنه: “كي ﻻ ننسى قضية المصور في “سكاي نيوز” الشاب اللبناني المخطوف في سوريا، ابن بلدة حردين بيت كساب(…) نحن نصلّي من اجلك ونقدّم صلواتنا ودعاءنا من اجل اطلاقك، وننتظر عودتك بفارغ الصبر(…)”.
سمير كساب مثله مثل العسكريين المختطفين، ومثل المطرانين بولس اليازجي ويوحنا ابرهيم. انما الفرق ان المسؤولين اللبنانيين لا يذكرونه.
تعلّق حمدان: “سمير لا يحمل سوى الجنسية اللبنانية، ومن مسؤولية الدولة اللبنانية ان تتابع ملفه. هو لا ينتمي الى اي حزب، ومن مسؤولية الوزراء اللبنانيين والمسؤولين ملاحقة قضيته”.
وتذكّر رزان هؤلاء بأن “كساب لا يزال مختطفا منذ ما يقارب العامين، فاذا نسوا او تناسوا، النتيجة واحدة: من واجبهم اليوم ان يفعلوا شيئا”.
ذنب سمير ان ظروف العيش في بلده دفعته الى البحث عن عمل خارج لبنان، واندفاعه جرّه الى التفتيش عن قصص الاطفال وسط الحرب والمآسي، فكان ان صار هو القصة!