ذكرت صحيفة “النهار” أنه إذا كان المعنيون في “التيار” يدرجون الموجة الجديدة من الاحتجاجات في الشارع بأنها في إطار طلائع تحرّك متدرج وتصاعدي، فإن التجمع الذي حصل أمس عقب تظاهرات سيارة وفدت الى ساحة الشهداء من مناطق عدة، بدا في بعده السياسي بمثابة ربط نزاع فوري بين زعيم التيار العماد ميشال عون وجلسة مجلس الوزراء اليوم، بدليل أن أكثر الخطب والتصريحات التي أدلى بها وزراء التيار ونوابه وأركانه الذين تقدموا التجمع تركزت على ملف التعيينات الامنية والعسكرية، بما يعني ان وزراء التيار سيعاودون في جلسة اليوم إثارة موضوع التمديد الثلاثي للقيادات العسكرية الذي حصل الاسبوع الماضي، علماً ان الجلسة هي الأولى تعقد بعد هذا التمديد.
وعلى وقع تحرك أنصار العماد عون في الشارع، قام رئيس الوزراء تمام سلام بزيارة امس لعمان، وقع خلالها والى جانبه وفد وزاري كبير ثماني مذكرات تفاهم مع الأردن، بناء على دعوة من نظيره الأردني عبد الله النسور، من أجل تعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين البلدين.
وبدت الزيارة بمثابة تأكيد لتوجه سلام نحو تفعيل عمل حكومته على رغم الاعتراضات التي يواجهها داخلياً. وضمن هذا التوجّه، نقلت “النهار” عن مصادر الوفد الوزاري المرافق لسلام ان الاتصالات التي سبقت جلسة مجلس الوزراء أسفرت عن تفاهم على ضرورة بت ملفين أساسيين هما أزمة النفايات، و مسألة الهبات والقروض الممنوحة للبنان والتي تستدعي إقراراً عاجلاً منعاً لسقوطها بفعل إنتهاء مهلها، وهي تقدر بنحو ٧٤٠ مليون دولار.
ورسم وزراء أكثر من سيناريو لجلسة اليوم، منها ما يرى ان العماد عون ماضٍ في قرار تعطيل الحكومة ومنع البحث في أي ملف قبل بت مسألة آلية مجلس الوزراء والتمديد العسكري الثلاثي، ومنها ما يتوقع تجاوز الجلسة المطب العوني إنطلاقاً من قرار ١٨ وزيراً يمثلون مختلف المكونات السياسية باستثناء تكتل عون تفعيل الحكومة واتخاذ القرارات في الملفات الملحة.
وتلقّى سلام جرعة دعم جديدة من عمان من خلال حرص رئيس الوزراء الاردني على التنويه بنظيره اللبناني أمام الإعلام بقوله: “وجودك وقيادتك للبنان في هذه المرحلة فرصة تاريخية لرجل في انجازك وموقعك وقامتك تشغل حيزاً كبيراً تنوء به الجبال في ظل شغور الرئاسة الأولى”.
وأبلغ مصدر وزاري “النهار” أن وزراء قوى 14 آذار والمستقلين سيصرّون على ان تبقى الجلسات مفتوحة لمعالجة ازمة النفايات والملفات الملحة والعودة الى البحث في جدول اعمال مجلس الوزراء المجمد منذ جلسات عدة سابقة.
إلى ذلك، شددت مصادر في “التيار الوطني الحرّ” لـ”السفير”على ان التيار يتعامل مع التمديد للقادة العسكريين وكأنه لم يكن، لافتة الى ان وزيريه سيظلان متمسكين بإجراء التعيينات في المراكز الستة في المجلس العسكري، وعدم البحث في أي أمر آخر داخل مجلس الوزراء قبل البت بهذه التعيينات، الامر الذي من شأنه ان يقود مجدداً الى إشكالية حسم آلية العمل الحكومي، وسط إصرار «التيار الحر» على التوافق في اتخاذ القرار وتحديد جدول الاعمال ما دام الشغور الرئاسي مستمراً.
إلى ذلك، أشارت مصادر بحسب صحيفة “الأنباء” الكويتية الى أنّ التمديد للقادة الأمنيين كان محسومًا منذ البداية، وتولت مراجع ديبلوماسية في بيروت مواكبته، وعلى رأس هؤلاء السفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل الذي أبلغ كلّ من التقاهم في المرحلة الأخيرة، أنّ اللعب بالأمن وبالاقتصاد النقدي (الليرة) وتطيير الحكومة ممنوع، لأنّ أيّ مسّ بهذه “الأقانيم الثلاثة” يعني دخول لبنان في حال اللاستقرار، وهو ما يرفض المجتمع الدولي الوصول إليه.
وفي إطار متصل، استبعدَت مصادر وزارية أن تذهب جلسة مجلس الوزراء اليوم إلى تفجير يطيح بالحكومة، وقالت لـ«الجمهورية»: «لا أحد يملك السيناريو الحقيقي للجلسة، لكنّ المعطيات تشير إلى أنّها لن تكون جلسة عادية وهادئة، وإن يعمد وزيرا «التيار الوطني الحر» إلى نقلِ الأجواء التي بَدأها في الشارع إلى الحكومة»، تحدّثت عن شِبه قرار لدى جميع القوى السياسية بعدم مواجهتهما وإحباط محاولة استدراجها إلى صدام، وحتى وزراء تيار«المستقبل» الذي وصَفه «التيار الوطني الحر» بـ«داعش» فسيتجنّب الرد إلى درجة تصعيد المواجهة».
وعمّا إذا كان رئيس الحكومة تمّام سلام سيصِرّ على مناقشة جدول الأعمال، لفَتت المصادر الى أنّها الجلسة الأولى بعد التمديد للقيادات العسكرية والأمنية وسيحاول فيها سلام امتصاصَ النقمة العونية قدر الإمكان، ولن يذهب الى تحدٍّ، على أن تدرس خطوات الجلسات المقبلة لاحقاً”.