دعا النائب روبير فاضل، المجتمع الدولي إلى مواصلة مساعداته للبنان، معتبراً أن «تعطيل المؤسسات وشللها هما تحديداً أكبر مبرّر لمواصلة هذه المساعدات وزيادتها». وناشد المجتمع الدولي «عدم ربط لبنان بالصراعات القائمة» لأنه وشعبه «غير قادرين على أن ينتظروا حلّ كل مشاكل المنطقة»، محمّلاً الأسرة الدولية مسؤولية إمكان «إنهيار تجربة لبنان الفريدة»، في حال لم يكفّ عن «تحميل لبنان أكثر من طاقته». وأعلن عن عقد لقاء بمبادرة منه، يستضيفه البنك الدولي في مركزه في بيروت الأسبوع المقبل، يجمع «الدول المانحة والدول الصديقة والمنظمات الدولية من جهة، والمجتمع المنتج والمدني من جهة ثانية»، مشدداً على ضرورة حصول لبنان على «مليار دولار مساعدات». وأشار إلى أنه سيقوم بعد ذلك بجولة على عواصم القرار الدولي للتشديد على أن «لبنان الرسالة حاجة للعالم بوجه نهضة الأقليات الدينية في العالم الغربي، ويقظة جنون التطرف في الشرق».
وفي مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب، أمس، على إثر الإعلان عن رفع الجلسة السابعة والعشرين لانتخاب رئيس للجمهورية، ذكّر فاضل بأنه «قبل ثلاثة أشهر وتحديداً في 13 أيار»، صرّح من مجلس النواب بالذات «أن الأطراف السياسية غير قادرة على انتاج حلول بسبب خلافاتها وارتباطاتها ومصالحها وحساباتها وأجنداتها». وقال «كنّا وقتها نطوي أول سنة من الفراغ الرئاسي من دون أي بوادر حلّ في الأفق. وتوجهت في هذه المناسبة إلى المجتمع المنتج والمجتمع المدني لأطلب منهما التحرّك لأنهما الضحية الكبرى لهذا المسلسل الأسود. وهذا التحرّك أنتج أوسع لقاء في تاريخ لبنان تحت عنوان نداء 25 حزيران. وكان هذا اللقاء عابراً للطوائف والقطاعات وطبقات المجتمع وعبّر عن خوف العمال وأصحاب العمل والمهن الحرة والمجتمع المدني من انهيار شامل بعد فترة طويلة من الموت البطيء».
وأسف فاضل لأن «الأطراف السياسية ردّت على نداء 25 حزيران باللامبالاة والإنكار والاحتقار». وأضاف «طلبنا منهم أن يعيدوا الحياة للمؤسسات الدستورية بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية، فردّوا علينا بمزيد من تعطيل جلسات الانتخاب من جهة، وبجولة جديدة من التمديد وسوء المشاركة من جهة ثانية. وطلبنا منهم إصلاح قطاع الكهرباء الذي كلّف المواطن أكتر من 20 مليار دولار، فردّوا بزيادة التقنين. وطلبنا منهم أن يعطوا الأولوية للمشاكل اليومية كتلوث المياه والهواء في وقت لم نعد نعرف ما يشرب أولادنا وما يأكلون وما يتنفسون، فردّوا بجبال من النفايات أمام بيوتنا وروائح الفساد والصفقات. وطلبنا منهم أن لا يربطوا المساعدات الدولية بالصراع السياسي لأن الضغط السياسي المتبادل يحصل من خلال وجع الناس، فردّوا علينا بمزيد من التعطيل والشلل».
ورأى أن «جواب وأداء الأطراف السياسية بعد النداء يؤكّد أن شعار المرحلة الهروب إلى الأمام في سباق الانتحار بدلاً من إيجاد حلول واقعية وعقلانية تحافظ على الكيان، وحتماً على لبنان»، معتبراً أنه «دليل إضافي على أن القيادات عاجزة عن حلّ الأزمة، لا بل عاجزة عن إدارة البلاد، وأن مفهومها للخدمة العامة هو ان السياسة لخدمة مصالح السياسيين لا لخدمة المواطن والخير العام».
وتابع «في ظل هذا الوضع، ثمة حلّان:إما أن نستسلم، وهو طبعاً أهون الحلول وأخطرها، لأن الإستسلام يعني الانتحار، أو أن نستمر في مواجهة هذه النزعة الانتحارية والعبثية وقلّة المسؤولية».
وقال «يمكننا بكل بساطة أن نستسلم ونقول إن المشكلة أكبر من لبنان ولا نستطيع أن نؤثر عليها، وإن الطبقة السياسية أقوى من أن نضغط عليها وخصوصاً انها أفسدت كل مقوّمات المعارضة البنّاءة والإصلاح الفعلي، وبالتالي فلنراهن ولنسلّم مصيرنا ومصير أولادنا إلى المجهول، على أمل ألا تؤدي لعبة الدول وسوء أداء طبقتنا السياسية إلى الإطاحة بكل شي بقي من شعب ومجتمع وطاقات ومؤسسات، ولكن الاستسلام عندما يكون المرء في موقع المسؤولية، سواء في مجلس النواب أو في الحكومة أو في النقابات أو في المجتمع المدني، يصبح تواطؤاً نظراً إلى الدرجة التي وصلنا إليها من التدنّي والانحلال في العمل السياسي والاستخفاف بعقول الناس وتحويل لبنان مجتمعاً قبائلياً». وأكد أنه قرر أن يقاوم هذا التواطؤ «مهما أزعج ذلك» حلفاءه وخصومه. وأضاف: «هذا يعني متابعة ما أطلقته في 13 أيار، ويعني أنني بعد أن توجهت إلى الطبقة السياسية والمجتمع اللبناني، سأتوجّه إلى المجتمع الدولي والدول المانحة والصديقة، لأقول لهم بكل وضوح: إذا لم تكن الدولة تريد مساعدات، فالمواطن يطالب بها، لا بل هو بأمسّ الحاجة إليها، وإذا كان المجتمع الدولي يوقف مساعداته بحجة تعطيل المؤسسات اللبنانية، فنحن نقول بالعكس إن تعطيل مؤسساتنا وشللها هما تحديداً أكبر مبرّر لمواصلة وزيادة المساعدات الدولية». وتابع: «لا أفهم المنطق القائل إن المجتمع الدولي يجب أن يوقف مساعداته لأن مؤسسات لبنان على وشك الانهيار وكأن الطبيب يوقف معالجة المريض لأن وضعه خطير وميئوس منّه … هذا لا يجوز». وشدد على آن «على المجتمع الدولي مواصلة المساعدة وزيادتها بأعلى معايير الشفافية، ومحاربة الفساد ومكافحة الفقر وتأمين مساعدات اجتماعية، حتى لا تتحول المساعدات مصدراً جديد لتمويل الفساد وتساهم في دوامة الدين العام. والأهم من ذلك أن على المجتمع الدولي الذي حيّد لبنان أمنياً عن الصراع الإقليمي، أن يحيّده سياسياً بعدم ربطه بالصراعات القائمة لأننا بكل صراحة لم نعد قادرين على الإنتظار».
وأكد أن «لبنان وشعبه غير قادرين على أن ينتظروا حلّ كل مشاكل المنطقة. وكفى تحميل لبنان أكثر من طاقته (علماً أن لبنان حامل أعلى نسبة بالعالم من النازحين واللاجئين)، وإلاّ فإن المجتمع الدولي يتحمّل مسؤولية عملية وفعلية ومعنوية في إنهيار تجربة لبنان الفريدة، وهي مثال للعيش الواحد رغم كل التحديات، يحتاجه المجتمع العربي والدولي للمنطقة». وقال «بناءً على مبادرة مِني، سيستضيف البنك الدولي في مركزه في بيروت الأسبوع المقبل لقاء بين الدول المانحة والدول الصديقة والمنظمات الدولية من جهة، والمجتمع المنتج والمدني من جهة ثانية». وأوضح أن «هذا التحرك سيكون له طابع إجتماعي واقتصادي محض، وليس بالطبع لصالح فريق ضد التاني، وليس ركضاً خلف السفارات والدول وتهديداً للسيادة. على العكس هو مئة في المئة دفاع ومناعة للنسيج الاجتماعي والانساني والاقتصادي وبالتالي للسيادة الوطنية». وأضاف «واجب علينا تحصيل وتحصين مليار دولار مساعدات في وضعنا الاجتماعي المتردّي».
وأشار إلى أنه سيتابع نشاطه بعد هذا اللقاء «بجولة على عواصم القرار الدولي» تهدف إلى «كسر هذه الحلقة المدمّرة». وأوضح أنه خلال هذه الجولة سيكرّر الكلام نفسه ويؤكّد «أن لبنان الحقيقي، لبنان الإبداع والحضارة، لبنان الانفتاح والثقافة، لبنان المحبة والعيش المشترك، موجود مهما شوّه صورته الأداء السياسي والفساد والتبعية للخارج، وضروري إعادته كلبنان المثال والنموذج، لأن لبنان الرسالة حاجة للعالم بوجه نهضة الأقليات الدينية في العالم الغربي، ويقظة جنون التطرف في الشرق».