قد يكون مبلغ 7.35 ملايين دولار كفيلاً بإثارة أحلام مكبوتة لدى أكثر الناس واقعية، ويبدو أن هذه الطبيعة البشرية هي التي يعتمد عليها النصابون لحياكة شباكهم حول ضحاياهم العشوائيين، فبفضل الرسائل الإلكترونية بات بالإمكان التواصل مع عدد كبير من البشر والمراهنة على وجود بعض الأغبياء بينهم.
وإلا ما كنا شهدنا استمرار إرسال رسائل إلكترونية تخبرنا بفوزنا بمبلغ من المال، وما علينا سوى إرسال بياناتنا الشخصية التي تعتبر من أهم الكنوز للهاكرز، فمن خلال تاريخ الميلاد مثلاً يمكن لهم توقع كلمة السر لبعض حساباتك.
لكن المفارقة هي بوصول واحدة من هذه الرسائل العشوائية لقسم الاقتصاد في صحيفة البيان، حيث إن المرسل عرف عن نفسه بأنه بنك نيويورك، رغم أن لاحقة الرسالة لا تدل على ذلك، فهي لا تحتوي اسم البنك ولكن إحدى الشركات المشهورة لتزويد خدمات الرسائل الإلكترونية.
وهذه أولى الدلائل على وجود عملية نصب، ناهيك عن أن موضوع الرسالة موجه ممن يفترض أنه البنك الفدرالي الأميركي، بصفته بنكاً مراسلاً لمنظمة صندوق النقد الدولي، وهو أمر غير صحيح أصلاً تسهل ملاحظته.
وتفيد الرسالة بتلقي إشعار رسمي يؤكد التعليمات الصادرة عن لجنة المدققين الخارجية في صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة الأمم المتحدة، والبنك الاحتياطي الفدرالي على التوالي عبر قسيمة دفع دولية تحمل رقماً متسلسلاً تشعر البنك بتوجيه خطاب إلى أحد البنوك العاملة في الولايات المتحدة.
حيث يفترض أن يرسلوا تعويضاً أو دفع مستحقات، وعقد مدفوعات بقيمة 7.35 ملايين دولار لحسابنا عن طريق فرعهم في نيويورك. وأرسلت تلك الزمرة الاحتيالية رقم تعريف شخصي حصري، ورقماً مرجعياً، ورقم اعتماد خاص ورقماً سرياً.
وتبشيرنا بتأهلنا لتسلم وتأكيد المدفوعات خلال الساعات 72 القادمة، وأكدت الرسالة تجهيز الملف الخاص، وإدراج الاسم بقائمة المستفيدين لتسلم المستحقات في الربع الأول 2015 (الذي انقضى أصلاً). أما المطلوب يتلخص في عدم الاتصال بأي طرف لأسباب أمنية، سوى الشخص المذكور اسمه في الرسالة.
وإرسال الاسم كاملاً، والعنوان، ورقم الهاتف والفاكس، والعمر والمهنة، ونسخة عن الهوية الشخصية، ورقم الحساب البنكي، وعنوان البنك، واسم الحساب، ورقم الحساب المصرفي الدولي (آي بان). كثيرون منا يستلمون هذه الرسائل على بريدهم الإلكتروني، لكن من هم يا ترى أولئك الذين ظنوا أنهم سيكسبون تلك الجائزة فعلا!؟