رغم بذل القيمين عليه جهوداً جبارة، فإن الحشد البرتقالي في ساحة الشهداء، الاربعاء، لم يأت على قدر تطلعات العماد ميشال عون، وهو يعبر عن أحد أمرين: إما أن الأخير لا يعلم أن تياره الشعبي بات مجرد ذكرى، وإما أنه يعرف ولكنه يكابر.
وبرأي مصدر سياسي متابع، فإن عون قدم كل ما لديه ولن يمكنه الذهاب بعيداً في لعبة الشارع، لأن المزاج الجماهيري المسيحي تبدل جذرياً في السنوات الأخيرة، خصوصاً بعدما أمعن الجنرال في تعطيل وشل المواقع المسيحية في الدولة، وأهمها موقع الرئاسة. واليوم ثمة رأي عام مسيحي قوي، يحمل عون مسؤولية الفراغ الشامل في المؤسسات، ليس حالياً فقط، وإنما طوال عهد الرئيس السابق ميشال سليمان.
وأشار المصدر لصحيفة “السياسة” الكويتية إلى أن التحرك العوني لن يؤدي إلى نتائج سياسية، لأنه معزول تماماً عن السياق السياسي العام، وظهر ذلك جلياً في نأي الحلفاء بأنفسهم عنه، لكن كان لا بد لعون أن يترجم تهديداته بالتصعيد بعد التمديد للقادة العسكريين، وإلا لفقد كل مصداقية عن مناصريه، لذا جاء التحرك لحفظ ماء الوجه لا أكثر.
وأضاف المصدر “لعل عون يحتفظ ببعض الأوهام عن قلب الطاولة، إذا استطاع القيام بتحركات شعبية متدحرجة، تكبر ككرة الثلج، إلا أن التظاهرة الهزيلة الأخيرة، من شأنها أن تضع حداً لهذه الأوهام. ولم يعد له سوى وسيلة واحدة للضغط والابتزاز وهي اللجوء إلى “حزب الله” لمساندته في تعطيل أعمال الحكومة، ولكن يبدو من خلاصات زيارة وزير خارجية إيران إلى بيروت، أن أجواء الحزب تميل إلى التهدئة، لا بل تنحو باتجاه دعم الرئيس تمام سلام، كي تتمكن حكومته من العمل، خاصة بعد الإشادة الإيرانية البارزة التي عبر عنها الوزير محمد جواد ظريف بالرئيس سلام وحكومته”.
وأكّد مصدر في “التيار الوطني الحرّ” لصحيفة “الديار” أنّ العونيين مستمرين في الشارع “ولم نخرج منه، والخطوات اللاحقة على الطريق وستكون قاسية ومكلفة جداً، اكان هناك من قرارات لمجلس الوزراء أو لا، ولكننا نتناغم مع التطورات”.
وأضاف المصدر أن التحرك بدأ يحقق مطالبه ومنها تعطيل قرارات الحكومة، والدليل ماجرى في جلسة الخميس التي ظهر فيها عجز الحكومة وفشلها في اتخاذ اي قرار.
وأكد المصدر ان على الحكومة ان تقوم بمسؤولياتها في موضوع التعيينات العسكرية التي حصلت وفي موضوع الآلية الحكومية، فعليها ان تبحث الآلية حفاظاً على المشاركة والتوازن.
أما في خصوص موضوع التعيينات فيقول المصدر على الحكومة الرجوع عن هذه الخطوة، وهذا بيد مجلس الوزراء، وخصوصاً في قيادة الجيش حيث ينص الدستور على وجوب تأمين الثلثين لاقرار التعيينات، الأمر الذي لم يحصل، وهذا ما يضرب المؤسسة العسكرية. واعتبر المصدر ان زجّ الجيش في معركة بين ابناء الوطن الواحد هو اخطر ما يكون.
وفي موضوع المشاركة التي يُطالب بها “التيار الوطني الحرّ”، لمّح المصدر الى انه قريباً يمكن ان يكون هناك بعض الاشارات لنوع من التسوية، بمعنى أن يعودوا الى ضمائرهم ويوقفوا محاصرة العماد عون ومحاربته ويعودوا الى “الشراكة” الحقيقية.