IMLebanon

صناعيو البقاع يطالبون بحماية إنتاجهم الوطني

DairyProducts
سامر الحسيني
لا يبالغ أغلب الصناعيين في البقاع في اعتبار مؤسساتهم الصناعية الضحية الاولى لكل اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعها لبنان، وعليه فإن الزيارات المتكررة التي قام بها كل من وزيري الاقتصاد والصناعة الى العديد من المؤسسات الصناعية في البقاع، خلصت الى تسليمهما مطلباً اسمه «حماية إنتاجهم الوطني» الذي يتم إما بقرار الدعم الرسمي لعناصر الإنتاج أو بقرار المنع ووضع العراقيل وفرض الرسوم المالية على المستوردات.
تحت اسم وعناوين اتفاقيات التبادل التجاري الحر الاوروبية والاميركية والعربية من خلال اتفاقية التيسير العربية، يشكو الصناعيون من إغراق أسواقهم الداخلية بسلع صناعية تتميز عن السلع اللبنانية بكلفتها المنخفضة في بلدان المنشأ العربية أو الأوروبية. وبذلك تفعل فعلها في إغراق السوق اللبنانية بهذه السلع، ما ينتج منافسة غير مشروعة في الداخل مع استحالة في المنافسة الخارجية، بسبب الفارق الكبير في أسعار الكلفة التي لا تكون بالتأكيد لمصلحة الإنتاج الصناعي اللبناني الذي يفتقد الحماية والدعم الرسمي، مقابل توفرها بشكل مغدق في بلدان اخرى تنعم بكلفة إنتاجية منخفضة لناحية اليد العاملة والنفط والارض، ناهيك عن التشريعات القانونية والضريبية التي تحمي الصناعي وتعفيه من الضرائب، التي يفتقدها لبنان.
يريد أصحاب المؤسسات الصناعية في البقاع مساواتهم في الحوافز التي تحظى بها الصناعات العربية المجاورة التي تستفيد من تشريعات رسمية وقانوينة في بلدانها تساهم في تخفيض كلفها الانتاجية، يضاف اليها انخفاض كلف عناصر الانتاج وفي مقدمها الوقود.
النكبات الصناعية
في المقابل، أكد وزير الاقتصاد ألان حكيم ان «مستوى الصناعات اللبنانية وخصوصا الغذائية على أنواعها وصل الى مرحلة متقدمة وقد تكون سباقة من نوعها لجهة احتوائها كل المعايير الدولية للسلامة الصناعية والغذائية مع امتلاكها مقومات الجودة والنوعية التي تضاهي أية صناعات اخرى، إلا ان عقبتها تكمن في عناصر الكلفة المرتفعة وإحجام الدولة عن حماية صناعتها التي يراها الوزير حسين الحاج أكثر من أولوية وضرورية».
يسرد الصناعيون الكثير من النكبات الصناعية التي أودت بعدة مؤسسات صناعية، ومنها مصانع ألبسة ومزارع ومصانع غذائية وصناعات تحويلية أعدمت بحجة الاستيراد الحر من الخارج، وهو استيراد يحظى بالكلفة المنخفضة وخصوصا في مجال تصنيعه الذي يعتمد على الغاز المتوفر بكلفة متدنية في كثير من البلدان المجاورة، حسب ما يؤكد موسى فريجي صاحب مؤسسة تنمية للصناعات الغذائية.
لا يجد فريجي حلا أفضل من بقاء لبنان خارج منظمة التجارة العالمية، لأنّ لا مصلحة للبنان بدخول المنظمة إلا بالرسوم الجمركية المرتفعة نظراً لأنّ صادراتنا هي متواضعة نسبة لحجم استيراداتنا ويصعب زيادتها بسبب ارتفاع كلفة إنتاجنا في لبنان.
يأخذ الصناعيون على الدولة اللبنانية تطبيقها الصارم والملتزم لكل الاتفاقيات التجارية عند الحدود اللبنانية، فيما لا يجد الإنتاج اللبناني الذي يستطيع المنافسة سوى العراقيل، فبعض دول الاتحاد الاوروبي تمنع استيراد كل الصناعات المشتقة من الحليب، أما الالبان والاجبان الفرنسية والدنمركية والقبرصية وسواها فتدخل لبنان بسلام وأمان ولا أحد يعترضها، وينطبق الحال على البطاطا المصنعة في المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول العربية التي تفتح لها الحدود اللبنانية أمام قوافل مختلف الانتاجات الزراعية والصناعية من دون قيود يشكو منها الإنتاج اللبناني في الكثير من الدول العربية والاقليمية والاوروبية التي تتقصد فرض شروط قاسية وعقبات ومنع مبطن تحول دون دخول المئات من السلع الصناعية اللبنانية والغذائية على مثال البيض والدجاج المحرم من الدخول الى المملكة العربية السعودية، كما ان السودان والمغرب والجزائر وتونس لا يطبقون شروط وبنود اتفاقية التيسير العربية ويفرضون عند حدودهم رسوما مالية على دخول أية سلعة لبنانية.
تعزيز الوعي
الحماية أمر مطلوب حسبما يرى الصناعي ميشال ضاهر الذي يتحدث عن منافسة غير متكافئة، الامر الذي يبرر الفارق الكبير والرهيب وفق توصيف ضاهر ما بين فاتورة الاستيراد التي تصل الى حدود 21 مليار دولار في السنة ولا يقابلها سوى 3 مليارات دولار مجموع فاتورة التصدير من لبنان، ما يعني أن العجز المالي يبلغ 18 مليار دولار.
على الدولة اللبنانية ان تفرض رسوما على استيراد السلع الصناعية من الخارج توازي كلفة السلع الصناعية المنتجة في لبنان حتى يتمكن الصناعي اللبناني من المنافسة بالنوعية لان المنافسة بالكلفة غير متوفرة في ظل إحجام الدولة اللبنانية عن دعم عناصر الإنتاج في لبنان.
حسب ضاهر فإن تقليص الفارق الكبير بين ميزان الاستيراد والتصدير يكون بأمرين، إما المنع أو وضع عراقيل وشروط تعمل على الحد من انسياب حركة التصدير، وان كان هذا الامر يأتي في سياق يعارض التوجه الاقتصادي المنفتح، ولكن لا بد منه في ظل هذه الظروف المالية التي نعيشها من تراجع واردات السياحة وعائدات أموال المغتربين.
يجد ضاهر أن تعزيز الوعي الوطني ودفعه وتحفيزه للتوجه نحو الاستهلاك المحلي، من شأنه رفع حجم الإنتاج اللبناني وتخفيض فاتورة الاستيراد، وفي المقابل على السفارات اللبنانية والملاحق التجاريين دور كبير في تسويق الإنتاج اللبناني وتقديم التسهيلات المطلوبة لسلعه، والاهم من المفترض ان تعمد الدولة اللبنانية الى إلزام كل الدول المصدرة الى لبنان بأن تستورد ولو ما نسبته 10 في المئة من حجم صادراتها الى لبنان، وهذا رقم من شأنه أن يعزز الصناعة اللبنانية وفق رؤية ضاهر الذي يأمل ان تترجم مسألة حماية الانتاج الوطني على ارض الواقع.
مفهوم حماية الانتاج الوطني عند هيكل العتل قد يختلف عن نظرة ضاهر، فصاحب معامل شوكولا العتل يرى أن حماية الانتاج الوطني تقتضي توفير الدعم الرسمي وإيمان الدولة اللبنانية بقطاعاتها الإنتاجية الصناعية، وهذا الإيمان يؤدي تاليا الى تطبيق سلة حوافز تسمح للصناعة اللبنانية بمواجهة أي إغراق في الداخل أو منافسة في الخارج.
قد لا تكون الحماية عبر المنع عند الحدود لدخول السلع الصناعية المستوردة الى لبنان، انما الحماية تتطلب قرارات رسمية داخلية تبدأ بتأمين أسعار الكهرباء والوقود مدعوماً لمصلحة المؤسسات الصناعية وإعفاء الصناعيين، وخصوصا فئة الموردين من رسوم القيمة المضافة على مستورداتهم من الآلات الصناعية، مع رفع الحسم على ضريبة الدخل التي يدفعها الصناعي إلى 100 في المئة بدلا من 50 في المئة. إصدار تشريعات وقوانين تجيز للصناعيين تأمين ما يحتاجونه من عمالة أجنبية، إضافة إلى تمييز الصناعيين وخصوصا فئة الموردين الى الخارج من خلال القروض المدعومة التي يقدمها مصرف لبنان مع رفع أرقامها وأحجامها المالية لمصلحة هذه الفئة.
ويطالب العتل بتأمين مناطق صناعية بإشراف الدولة اللبنانية وتأمين ما يسلتزم لها من بنى تحتية مع عقود إيجار طويلة الأمد وبأسعار زهيدة، والاهم تتطلب الصناعة اللبنانية التي لا يمكن لأحد أن يشكك بقيمتها المضافة ونوعيتها التي سمحت لها بأن تحجز أماكنها على الكثير من أجنحة المجمعات التجارية في الخارج.
دعم عناصر الانتاج كما هو معمول في الدول المجاورة، يعد الحل الانسب لحماية الصناعة اللبنانية حسب ما يؤكد المهندس وسام تنوري صاحب معامل ميموزا للورق والمحارم الذي يعتبر من المحرم إبقاء الصناعي اللبناني من دون دعم داخلي مع حدود مشرعة لكل أنواع الصناعات التي في معظمها لا تطبق مواصفات الصناعة اللبنانية.
يشدد التنوري على أولوية مكافحة بعض الصناعات التي تتم تحت الأدراج وفي الأقبية والتي تعمل على إغراق السوق المحلية من دون حسيب ورقيب، فيما تلتزم الصناعات الكبرى بكل ما تفرضه وتنص عليه القوانين اللبنانية التي تزيد من سعر كلفة التصنيع.