IMLebanon

إطعام اللاجئين أزمة جديدة على طاولة الحكومة

syrian-refugees

 

 

 

كتبت ريتا صفير في صحيفة “النهار”:

بعد “ازمات النفايات والترقيات والتعيينات”، تبدو الحكومة اللبنانية على موعد مع ازمة جديدة. لبّها هذه المرة، اللاجئون السوريون، مع توجه “البرنامج العالمي للغذاء” (WFP) الى اجراء خفض اضافي على حصص المأكل المخصصة لهم نتيجة نقص التمويل.

“ناقوس الخطر” هذا، دقته المديرة العامة للمؤسسة الدولية الاميركية ارتارين كوزان التي زارت لبنان امس، ناقلة رسائل واضحة الى المسؤولين في هذا الصدد. وبين موعدين، واحد مع وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس وآخر مع رئيس الحكومة تمام سلام، شرحت كوزان في “لقاء مصغر” حضرته “النهار” تداعيات الخطوة، فأكدت بوضوح، التزام “البرنامج العالمي” مهمته، لكنها اوضحت ان الـ “WFP” تعتمد بنسبة 100 في المئة على الدعم الطوعي. واذا لم تتأمن المساهمات اللازمة، فستعجز المؤسسة عن توفير مستوى المساندة المطلوب، ولا سيما بالنسبة الى شريحة اللاجئين الاكثر عوزا، بدءا من تشرين الاول المقبل.

وبعدما وعدت بان المنظمة الدولية ستواصل اثارة تحدي التمويل مع الجهات المانحة، لفتت الى ان الواقع المالي المتردي كان دفع بالمعنيين الى خفض مساهمة “البرنامج العالمي للغذاء” الى 13,5 دولاراً اميركياً يوميا للاجئ، في آب الجاري، والعدد هذا مرشح للانخفاض مستقبلا.

إزاء هذه الحال، لا يبدو ان المسؤولين الدوليين يمكثون مكتوفين. فقد اوضحت كوزان ان محادثاتها ووزير الشؤون الاجتماعية تناولت فرص العمل التي يمكن توفيرها للسوريين في لبنان، ولا سيما اصحاب الكفايات منهم ليتمكنوا من اعالة عائلاتهم. و”بالحرف الواحد”، افادت “ان جزءاً من رسالتي الى الحكومة يتعلق بتوظيفهم في المجالات التي لا تنافس فيها مع اليد العاملة اللبنانية، اضافة الى توفير اذن عمل وتابعت: “طلبت ايضا مواصلة دعم جهودنا في توفير التمويل اللازم مع الجهات المانحة ولا سيما الاقليمية منها. ونقول للجهات التي تعاونت معنا، باننا “اطعمنا” ونحتاج الى المزيد، ولمن لم يقدموا مساهمة، اننا نحتاج الى مساندتكم في دعم اللاجئين”.

إذاً، سؤال كبير سيرتسم حيال مصير توفير التمويل بعد تشرين الاول، بحسب كوزان التي نقلت عن المسؤولين اللبنانيين “تلقفا ايجابيا للرسالة واقرارا بان ثمة اماكن يمكن السوريين ان يعملوا فيها” كاشفة ان “وزير الشؤون الاجتماعية ركز على التحديات التي تواجهها المجتمعات المضيفة، ناقلا قلق الحكومة حيال التنافس على العمل في مجالات يعمل فيها اللبنانيون.” واضافت: “نعترف بمبررات القلق، وقد اجبت وزير “الشؤون” ان هناك مجالات في لبنان كما الاردن، يمكن ان يساهم فيها السوريون، كالبناء او الزراعة او المطاعم.”

وتنأى كوزان بنفسها عن التداعيات التشريعية لاقتراح كهذا على الواقع اللبناني. وتؤكد المحامية السابقة انها لا تنوي التدخل في النظم المعمول بها محليا، مشددة على “اهمية استثمار المجتمع الدولي في مجال المنتجات الزراعية والفرص الصناعية التي تخلق فرص عمل”.

وعن احتمال تأثير خطوة خفض المساعدات على توجه اللاجئين الى الراديكالية والاسلام المتشدد، ردت بسردها “قصصا” سمعتها من امهات وشباب سوريين التقتهم اخيرا في البقاع، فحواها ان العائلات السورية تضطر الى “التقنين” في المأكل فضلا عن ان “الشباب يشعرون بان لا مجال لإعالة عائلاتهم سوى من خلال العودة الى سوريا. ويمكن، بذلك، ان يتحولوا هدفا للاسلام المتشدد. بكلمتين، الامر يقلقنا جميعا”.

عمليا، ليست المرة الاولى تواجه فيها المنظمة نقصا في التمويل. واذا كان احد الخيارات تمثل سابقا في خفض حصة الفرد اليومية من المأـكل، فان الدراسات الجديدة التي تجريها المؤسسة تحدد مستويات فقر وعوز مختلفة.

وفي هذا الصدد، توضح كوزان ان “المسوحات السابقة كشفت ان 70 في المئة من اللاجئين هم في خانة المعوزين. وضمن هذه النسبة، هناك 50 في المئة في حالة عوز شديدة. واذا اقتضت الحاجة، فان الخفض المرتقب سيشمل اولئك المدرجين في الخانة الاخيرة، على غرار ما حصل في الاردن”. وهل تخشى نتيجة ذلك على استقرار لبنان؟، ترد: “اتفقت ووزير الشؤون الاجتماعية على ان الامن الغذائي هو الامن (الفعلي)”.

ختاما، تعزو كوزان التي زارت لبنان بعد الاردن فاليمن، تلكؤ الجهات المانحة في دعم المؤسسات الانسانية الى عوامل عدة، في مقدمها ازدياد عدد اللاجئين عالميا (60 مليوناً) مع تنوع النزاعات، وتذكر بان لا حل سياسيا في الافق للازمة السورية، مرجحة ان يبقى عدد المتأثرين من النزاعات على حاله.

وفي لغة “الارقام”، تلفت الى ان “البرنامج العالمي للغذاء” وفر المأكل لـ 4,2 ملايين فرد في سوريا هذا الشهر، في مقابل 3,9 ملايين الشهر الماضي نتيجة لقلة المنافذ. اما في لبنان، “فيطعم” البرنامج اليوم 770 الف لاجئ سوري مقارنة بـ 900 الف مطلع السنة، علما ان المطلوب 163 مليون دولار كي يستمر البرنامج لشهر واحد، اي في تشرين الاول المقبل.