“روليت” الزمان الغدار دارت على مليونير سابق وسمسار شهير في بورصات أميركا، فحولته إلى “شحات” في شوارع نيويورك، لا يجد حتى أين يسند رأسه لينام، إلا على الأرصفة وفي الحدائق نهارا وزوايا الأبنية ليلاً، وهو الذي كان يحرك الرساميل بالملايين ويربح، ما جعله مليونيرا يغرق في عيش رغيد يسيل اللعاب ويثير الحسد.
وليام بريستون كينغ، الصديق الأقرب سابقا للمستثمر الشهير جوردان بلفورت، المعروف بمحتال البورصات الأميركية وكاتب المذكرات التي جسدوها بفيلم The Wolf of Wall Street الذي تم تصويره حديثا، كان في الثمانينات من أشهر أصحاب الملايين وأشدهم ذكاء في إنفاقها واستثمارها.
كان يتجول بأغلى السيارات، ويملك شققا مهمة في منهاتن بنيويورك، وكان مرغوباً من بنوك وشركات تستثمر بالأسهم، وتغريه بأي أتعاب يطلبها ليعمل لصالحها، لكنه اختفى زمنا أصبح معه وكأنه لم يكن، إلى أن تعرفت إليه صحيفة “نيويورك بوست”.
وكان محرر الصحيفة رآه صدفة في صور عرضتها إحدى الجمعيات التي تعتني بالمشردين، فتعرف إلى هويته، وفي بعضها وجده نائماً على قارعة الطريق، مستخدما حقيبة جلدية طواها ليجعلها وسادة تحت رأسه، وهي صورة وجدت الصحيفة أن نشرها مع ثانية في الحديقة يعكس الحالة البائسة لمن كان ثريا وأصبح فقيرا، ووجدتها مناسبة لتجعل من قصته درساً “لمن يطلب الحاجة فإذا ظفر بها أضاعها” وفق التعبير الوارد بإحدى قصص “كليلة ودمنة”.
“واختفى بعد أن سرق مبلغاً مني”
وشيء ما، غير معروف تماما، حدث لكينغ وجعله يتغير فجأة ويصرف ملايينه بلا وعي واتزان، بل راح يتعاطى المخدرات ويشتري منها الأغلى، ثم قام بعمليات مالية خاطئة واحدة بعد الأخرى، دهورته على مراحل حتى خسر كل شيء، إلى درجة أصبح لا يجد لقمة يسد بها جوعه، فاضطر إلى مد اليد سفلى للعابرين، واتخذ من حي Greenwich Village في منهاتن بشكل خاص، مكاناً ليتسول وينام على رصيف فيه أو حديقة كل يوم.
واتصلت “نيويورك بوست” بشقيقة له اسمها كريستين، فأخبرت أنه “كان بإمكانه الحصول على أي شيء يريده، ثم انقطع ولم أعد أسمع عنه شيئا منذ كانون الثاني الماضي، وكان يرفض مساعدة العائلة، واختفى بعد أن سرق مني مبلغا ولم تضف شيئا مهماً على ما قالت.
أما صديقه “محتال البورصات” جوردان بلفورت، فعبر عن مشاعره نحوه بما لا يضر ولا ينفع، وقال: “هذا محزن جداً. آمل أن تعثر عليه عائلته” وأيضا لم يضف شيئا عما ذكره عن الصديق الذي قد يكون معروفا من مستثمرين عرب أيضا، فقد قرأت “العربية” إشارات عنه وصفته بأحد أشهر سماسرة “وول ستريت” في ثمانينات القرن الماضي، وشهير دوليا.
مما كتبوه عن وليام بريستون كينغ، الذي عمل بشكل خاص مع “مريلينش” كما وشريكة “أوبنهايمر” للسمسرة بالأسهم، أنه كان يتجول في حي “سوهو” بنيويورك، حيث كان يقيم، بسيارة BMW وأحيانا بأخرى من موديل مختلف، واشتهر بأرباح سريعة حققها من السمسرة. أما وقد أصبح عمره 52 سنة الآن، وشحاتا بالشوارع، فإن حياته يمكن اختصارها بأنه يمضي قيلولته على مقعد بحديقة في منهاتن، ثم رصيفا في الليل صيفا أو زاوية بإحدى البنايات لينام في الشتاء، حالما بما يصعب أن يعود كما كان.