IMLebanon

«الريجي» تتحوّل من المنافسة إلى شركة وطنية

regie-tobacco
عدنان حمدان

ؤسسة «الريجي» ليست كباقي المؤسسات اللبنانية، التي تعمل تحت وصاية وزارات الدولة، والتي لم يضربها الترهل ولم تعانِ كغيرها، وهي التي نادى البعض بخصخصتها، أو ببيعها كمؤسسة رسمية أخرى، نتيجة تداعيات الحرب الأهلية ثم الأحداث المتتالية، حيث بقيت المعاناة ملازمة لها من حيث الاستمرارية ومواصلة العمل في الحد الأدنى الممكن، والحفاظ على العاملين فيها، وتشديد إدارتها ورغبتها في المقاومة والبقاء على قيد الحياة، كمؤسسة اجتماعية واقتصادية، ترفد خزينة الدولة بالأموال سنوياً وبمبالغ خيالية.
كان من الطبيعي أن تبادر إدارة «الريجي» إلى اتخاذ قرار جريء، في العام 1993، يجيب عن السؤال المطروح: ماذا نريد من «الريجي؟»، وفق ما يقول لـ «السفير» مدير التصنيع والصيانة المهندس صلاح زيدان، واصفاً وضع المؤسسة بأنها كانت ككل المؤسسات المدمرة، المصانع ومعامل الفرز كانت مستهلكة، لم تكن تنتج أكثر من ألفين الى ثلاثة آلاف صندوق شهرياً.
تحولت «الريجي»، بدعم وتغطية من الرئيس بري، الى عنصر أساسي في إبقاء المزارعين في أرضهم ودعمهم. وقد توازى ذلك مع إرادة الإدارة ورغبتها. فكانت البداية من بكفيا، ومن أساس وجود «الريجي» التي بدأت بالتحول على الصعيد الزراعي، من إقطاعيات في الترخيص الذي بلغ أحياناً مئات الدونمات، الى توزيع الترخيص بالتساوي على المزارعين أنفسهم من دون استنساب، وبالتحديد للذين يزرعون أرضهم. عندها اتخذ قرار الإنماء الزراعي، بموازاة تأمين معامل الفرز في العام 1994. فكان أول معملين كهبة، الاول في الحدث العام 97 والثاني في الغازية العام 1998، وجرى تحديثه هذا العام.
وعن النتائج يؤكد زيدان أن الخطة الاستراتيجية المرسومة نجحت، بحيث بلغ ما دفعته الريجي للموسم الأخير 90 مليار ليرة، لحوالي ما بين 23 الى 25 الف عائلة لبنانية، كان عام العمل لديها 16 شهراً، فأصبح ما بين 10 الى 11 شهراً، ما يعني اختصار معاناة المزارع. هذا إضافة الى أكثر من 50 مليار ليرة دفعت كدعم للمزارعين.
ما هي استراتيجية ادارة «الريجي» بتحويلها الى مؤسسة صناعية؟ باشرت الإدارة برعاية المدير العام ناصيف سقلاوي وبدعم من وزارة المالية كسلطة وصاية تنفيذ الاستراتيجية الموضوعة، حيث تمّ تأهيل المباني كافة وإنشاء معمل حديث لفرز التبوغ الشرقية بطاقة إنتاجية بلغت 2500 كلغ في الساعة وفقاً لأفضل المعايير العالمية لجهة نوعية المنتج.
أدخلت أول ماكينة تعليب حديثة العام 2001، واقتنصت الإدارة كل فرصة تلوح في الأفق لإعادة تأهيل المباني. ففي المركز الرئيسي في الحدث استحدثت معمل التصنيع، وأمّنت له كل ما يلزم من معدات بكلفة 17 مليون دولار سددت الإدارة ثلث المبلغ وحتى آخر العام يكون نصف الكلفة مسدداً، والقسم المتبقي يسدّد كاملاً في العام المقبل، فارتفع الإنتاج الذي يضاهي الانتاج العالمي، الى 35 الف صندوق شهرياً من كل الانواع، فيما كان سابقاً يقتصر على صنف واحد عادي بحدود 2000 الى 3000 صندوق. إضافة الى البنية التحتية للمصنع حيث إن إحدى ماكيناته تلفّ 12 الف سيجارة في الدقيقة. مع الإشارة الى أن الانتاج بكامله يستهلك محلياً عبر وكلاء البيع بالجملة، ويقوم به ويشرف عليه حوالي 200 عامل يعملون بدوامين وينتجون الأصناف كافة.
مع اكتمال توسيع مصنع الحدث وتحديثه انتقلت الريجي من التنافس والخصخصة الى شركة وطنية، تضخ الاموال في خزينة الدولة عبر وزارة المال، حيث بلغت عائدات الدولة العام 2014 حوالي 790 مليار ليرة.
أخيراً يمكن القول إن «الريجي» دخلت السوق العالمية من الابواب الواسعة، فقد بدأت الشركة الالمانية «ألور» التصنيع في لبنان، وتفاوض شركة «فيليب موريس» إدارة الريجي لتصنيع منتجاتها في مصنع الحدث.