الفونس ديب
واصل القطاع التجاري تراجعه في فصل الصيف، متأثراً بعوامل عدة، أبرزها: التجاذبات السياسية والشلل الذي يصيب المؤسسات الدستورية والتباطؤ الاقتصادي وتراجع القدرة الشرائية وانخفاض ثقة المستهلك، اضافة الى أزمة النفايات التي أصابت بشظاياها كل مفاصل الحياة في البلد.
وأبدت بعض القيادات التجارية خوفها من حصول انهيار في القطاع، بعد خسائر اصابت التجار منذ العام 2011، وفي ظل انخفاض حركة الاسواق حوالي 25 في المئة خلال موسم الصيف، الذي كان يعول عليه، لتحقيق بعض الارباح تقي المؤسسات شر السقوط.
وتحدث «المستقبل» الى عدد من رؤساء الجمعيات التجارية للوقوف على الحركة التجارية خلال موسم الصيف، والاطلاع على أوضاع القطاع والمؤسسات التجارية.
عيتاني
في هذا الإطار، أكد رئيس جمعية تجار الحمرا زهير عيتاني ان الوضع التجاري في شارع الحمرا ومتفرعاته صعب جداً، مشيراً الى أن الحركة التجارية خلال موسم الصيف تراجع بحدود 25 في المئة مقارنة مع صيف العام الماضي.
وقال عيتاني: «التجار يعانون كثيراً، جراء ارتفاع الاعباء والتكاليف التشغيلية في ظل تراجع المبيعات وهذا ما يضع الكثير منهم على شفير الافلاس والإقفال»، مؤكداً ان «المبيعات اليوم هي اقل من الحد الأدنى الذي يسمح بالبقاء او التطور».
ولفت الى انه على «الرغم من التنزيلات التي أجراها التجار والنشاطات والمهرجانات التي نظمت في شارع الحمرا، الا ان ذلك لم يعط دفعاً للسوق».
وإذ أكد ندرة السياح الخليجيين، اشار الى وجود سياح عراقيين والقليل من المغتربين اللبنانيين، وحذر من ان جميع التجار في خطر، إذا استمرت الاوضاع على حالها.
عيد
من جهته، قال رئيس جمعية تجار الاشرفية طوني عيد: «الموسم ضعيف جداً، ولا يعكس طموحات التجار الذين كانوا يأملون ان تتحرك الاسواق خلال الصيف لتقليص خسائرهم المتراكمة التي باتت تهدد الكثير منهم».
وأضاف: «فعلاً، وضع التجار يرسى له، فبالرغم من التنزيلات الكبيرة والعروضات التي تم تقديمها، الاسواق بقيت جامدة»، مشيراً الى ان الحركة تارجعت بين 15 في المئة و20 في المئة مقارنة مع الصيف الماضي الذي كان بالأصل سيئاً«.
وعزا عيد هذا التراجع الى «الواقع الاقتصادي المتردي والضائقة المعيشية والتجاذبات السياسية والشلل الذي يتحكم بكل مؤسسات الدولة، مضاف اليها أزمة النفايات التي أضرت كثيراً بصورة لبنان وأكدت عجز السلطة عن حل اي مشكلة ممكن ان تواجه البلد». وقال: «هذا الامر، انعكس سلباً على ثقة المستهلك اللبناني الذي احجم عن الشراء خوفاً مما هو آت».
ولفت الى انه يتلقى يومياً شكاوى كثيرة من التجار، مشيراً الى ان التجار يواجهون ارتفاع التكاليف التشغيلية من إيجارات وكهرباء وهاتف وضرائب وخلافه وفي الوقت نفسه تراجع في المبيعات، وهذا الامر أدى الى زعزعة الوضع المالي لدى الكثير من التجار.
وإذ اكد عيد انه إذا لم يتم إيجاد حلول دائمة للوضع الاقتصادي والتجاري، فاننا ذاهبون الى انهيار تجاري لن يسلم منه أحد. وقال: «نحن الآن دخلنا أصلاً في مرحلة الانهيار، وبدأنا نشهد اقفال مؤسسات تجارية، وهناك تجار يفكرون بالهجرة في ظل عدم قدرة الطبقة السياسية على انتاج الحلول».
حلوة
ووصف رئيس جمعية تجار طرابلس فواز حلوة الوضع التجاري في المدينة خلال الصيف بـ»الجمود الكلي«. وقال: «شهنا حركة قليلة في عيد الفطر، لكن بعد ذلك لم نشهد اي حركة تذكر، إلا من بعض المغتربين الشماليين الذين تعودوا على أسواق طرابلس».
واكد حلوة ان «وضع الناس في طرابلس غير مريح اقتصادياً واجتماعياً، وهذا بفعل الازمة السياسية المفتوجة في البلد وانسداد افق الحلول».
وأبدى حلوة تخوفه من انهيار القطاع التجاري في طرابلس، جراء معاناته لسنوات عدة من دون ان يشهد اي انفراج «يسد رمق المؤسسات التجارية التي باتت قاب قوسين من الانهيار».
وقال: «لقد بدأنا نشهد اقفال مؤسسات في شوارع طرابلس، وإذا استمرت الاوضاع على حالها فاننا سنشهد قريباً إقفالات بالجملة».
شهيب
رئيس جمعية تجار عاليه سمير شهيب، أطلق صرخة دعا فيها السياسيين الى تحييد مصالح الناس وحياتهم عن التجاذبات السياسية، وقال: «من غير المقبول تعطيل كل شيء في البلد، حتى الامور الخدماتية والحياتية والمعيشية التي تمسّ كل مواطن لأي منطقة وفئة انتمى باتت محكومة بهذا الشلل الذي يأكل الاخضر واليابس«.
واشار الى ان الحركة التجارية في عاليه متراجعة بشكل كبير، جراء غياب السياح الخليجيين، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنيين، كما ان أعداد المغتربين على تناقص، وهذا كله أثر بشكل مباشر في الحركة التجارية وأضر كثيراً بالتجار في المنطقة«.
ولفت شهيب الى ان «عاليه هي جزء لا يتجزأ من لبنان، وهذا ينسحب على النشاط الاقتصادي والتجاري الذي شهد تراجعاً كبيراً«.
وإذ أكد «اننا لن نيأس وسنبقى مؤمنون بالبلد وبمستقبله«، شدد على ان التجار لم يعد باستطاعتهم التحمل أكثر، «ككل اللبنانيين»، والمطلوب الذهاب فوراً الى حلول جذرية لأن العلاج بالمسكنات لم يعد يجدي نفعاً.
البراكس
أما رئيس جمعية تجار بدارو، فأبدى عدم تفاؤله مما يجري في البلد من تشنجات وتصعيد على الارض وصولاً الى أزمة النفايات، لانعكاس ذلك على الوضعين الاقتصادي والتجاري.
وقال: «الوضع التجاري في البلد ليس سيئاً، لدينا معاناة كبيرة خصوصاً لدى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة». واضاف: «إذا كانت الحركة في شارع بدارو حافظت على ادائها المسجل في العام الماضي لكنها تعتبر متراجعة كثيراً عن معدلاتها العامة التي توفر الاستمرارية والنمو للمؤسسات».
وأكد أن الحركة التجارية بشكل عام ضعيفة جداً، وهذا ناتج عن الخوف لدى الناس وتراجع قدرتهم الشرائية، فضلاً عن عدم وجود سياح، معتبراً ان أزمة النفايات أطاحت بموسم الصيف.
وإذ اعتبر ان وضع التجار غير مريح، طالب لجنة المتابعة لـ»نداء 25 حزيران» ممارسة الضغط على المسؤولين، للوقوف الى «جانب المؤسسات المتعثرة ومساعدتها لحل أزماتها المتعددة مع المصارف والدوائر المعنية والضمان الاجتماعي».
وقال البراكس: «إذا كانت الحكومة معطلة، فهناك امكانية للتحرك مع كل وزير على حدا ومع حاكم مصرف لبنان ومدير عام الضمان لحل هذه المشاكل».