IMLebanon

أزمة النفايات: تعثر الشحن وانتظار المناقصات

waste

 

 

كتب حبيب معلوف في صحيفة “السفير”:

حملت عملية الاحتجاج التي نفذها موظفو المرفأ في بيروت وتوقفهم عن العمل، أمس، احتجاجا على ما أثير عن إمكان جمع نفايات العاصمة في محيط المرفأ بشكل موقت، علامات استفهام كثيرة. العلامة الأولى حول كيفية تنفيذ خطط الطوارئ التي تقضي برفع نفايات العاصمة من الشوارع ووضعها في أماكن موقتة مختارة، لحين إيجاد الحلول وبالتالي تهديد الخطط الطارئة بالفشل، وعودة النفايات لتتراكم في شوارع العاصمة، مع الإشارة إلى أن قدرة استيعاب محلة الكرنتينا أوشكت على النفاد (نهاية هذا الأسبوع)، بعد أن بدأ تكديس النفايات و «البالات» بشكل أكبر، مما يهدد سلامتها. أما العلامة الثانية فهي حول توقيت الاعتراض، قبل أن تتحول الفكرة إلى قرار رسمي وإمكانية تسريبها من جهات تريد عرقلة خطط الطوارئ، في وقت ليس عند أي مسؤول، مهما بلغت مسؤولياته أي حلول طارئة لمشكلة النفايات المتراكمة. أما علامة الاستفهام الأبرز، فهي بمثابة الضربة القوية والاستباقية لفكرة شحن النفايات الى الخارج، التي يراهن عليها طيف كبير من السياسيين والمسؤولين، بمن فيهم رئيس الحكومة الذي أجرى اتصالات مع الدول لهذه الغاية.

فكيف سيتم شحن النفايات الى الخارج من دون ان يتم استخدام المرفأ، مع ما تحتاجه هذه العملية لحجز رصيف ومكان دائم لترسو فيهما البواخر وأماكن لتكديس النفايات قبل الشحن، مع الروائح التي ستنبعث بالتأكيد من كل هذه العملية؟ فإذا كانت حجة المعترضين في المرفأ على وضع النفايات بالقرب منه في ارض ليست له، هي الروائح التي يمكن ان تنبعث، فهذا يعني بطريقة غير مباشرة رفض شحن النفايات من المرفأ الى الخارج.

بذلك، تكون النتيجة العودة الى نقطة الصفر في المساعي المبذولة لحل مشكلة النفايات موقتا، لا سيما في العاصمة بيروت، وزيادة إمكانيات تكدسها من جديد في الشوارع، مع تلميح وزير البيئة محمد المشنوق أمس إلى ان هذه النفايات المكدسة لن تصلح للنقل الى الخارج وان وجهتها ستكون اما الطمر او الردم.

وذكرت مصادر متابعة لـ«السفير» أن الأرض المختارة لنقل النفايات اليها قرب المرفأ، والتي كانت مختارة ضمن خطة الطوارئ، هي ملك عام يمكن استخدامها كملك بلدي او من اجل المصلحة العامة الوطنية. ويبدو ان هناك من علم باستخدام قطعة الأرض لجمع النفايات، فتم حشرها بشاحنات وآليات تابعة للمرفأ، لعدم تسهيل هذه العملية كما تم تحريض عمال المرفأ للجوء الى الإضراب مما يهدد بتعطيل مرفق حيوي واستكمال خطة الطوارئ لجمع نفايات العاصمة.

وأكد محافظ بيروت زياد شبيب لـ «السفير» انه لم يفهم «جيدا معنى هذا الاعتراض المسبق وبالطريقة التي اثير فيها»، معتبراً أن «إمكانيات رفض الأماكن، موجودة في أي مكان، وإمكانيات إيجاد حلول طارئة تصبح أصعب».

المناقصات الثلاثاء

بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء أمس، أكد وزير البيئة أن «النقاش الذي لا يصل الى نتيجة في مجلس الوزراء، هو الذي يمنع المجلس من اتخاذ قرارات أساسية في معالجة كارثة النفايات القائمة حالياً «، مشيراً الى أن «عجز القوى السياسية لا يساعد على التعجيل في وضع خطط لإنقاذ البلد من النفايات».

وفي شأن موضوع ترحيل النفايات الى الخارج، قال المشنوق: «الأمور في أوروبا منتظمة، وهناك حجوزات لقصة المحارق، وبالتالي علينا أن نحجز دوراً للبنان، وهذا يأخذ ترتيباً، ما يجعل من غير السهل ترحيل الكميات المكدّسة عندنا من النفايات الى الخارج، وإذا اعتمدنا التخزين فمعنى ذلك أن هذه الكميات ستكون وجهتها إلى مطمر أو إلى ردم»، معتبراً أيضا ان هناك ضرورة لتعاون القوى السياسية كافة لحل الأزمة».

وعن مصير مناقصات بيروت والمناطق، أوضح المشنوق: «أبلغت رئيس مجلس الوزراء، والوزراء، بأننا سنعلن عن نتائج المناقصات يوم الثلاثاء بكل شفافية ومن دون حرج، إنما هذا لا يغطي المرحلة الفاصلة الموجودة أمامنا، فنحن بحاجة لننتقل من نظام الى نظام، وهناك مناطق وبلديات موافقة على استقبال مطامر لكنها حذرة من حركات احتجاج ومن قطع الطرق».

وسط ذلك، لا نعرف على ماذا استند وزير البيئة حين تحدث عن إمكانية «فرض المطامر»، مع العلم ان لا توافق على شيء في مجلس الوزراء وبين القوى السياسية المشاركة في الحكومة، وان أحدا، لن يغامر بإغضاب مناطق بعينها، في ظل أجواء من الانقسام السياسي وفقدان الثقة من قبل الناس؟ّ!

في حين تستمر عمليات تهريب الشاحنات بين المناطق ويستمر الرمي في الوديان كيفما اتفق، بقيت النفايات مكدسة في شوارع مناطق وقرى عدة في جبل لبنان، بينما تنادى العديد من ممثلي المجتمع المدني وخبراء للاجتماع والخروج برؤية مشتركة لكيفية الخروج من الأزمة. وقد بدأ الإعداد فعلا لمقترحات وخطط بديلة يبدأ النقاش بشأنها الأسبوع القادم.

وانقسمت الآراء بين المتحمسين لضرورة الإسراع في انجاز ورقة مطلبية ومقترحات تعرض على المسؤولين لتبنيها للخروج من الأزمة، وبين من يتمنى على القوى الجدية في المجتمع المدني عدم القيام بهذه المهمة التي تعني في الحصيلة مد يد العون لسلطة فاشلة يفترض عدم مساعدتها وترك النظام يغرق أكثر في نفاياته، مما يعجّل في سقوطه ويسهل عملية استبداله.

إلا أن الرأي الأول هو الغالب حتى الآن، بحجة ان غرق النظام في هذه الفترة يعني العودة الى فترة الحرب الأهلية وسلطة أمراء الطوائف والميليشيات العشوائية ولا يعني الانتقال إلى وضع أفضل لعدم وجود قوى جديدة بديلة ومهيأة، وبالتالي لا يفترض المغامرة بترك الأمور تتفاقم أكثر، خصوصا ان بعض الإجراءات الطارئة والعشوائية الآن والتي تعني ترك النفايات تتراكم في الشوارع او رمي كميات كبيرة منها في مكبات عشوائية او فوق مصادر المياه الجوفية او في البحر او في مجاري الأنهر او في الاحراج (ومساهمتها في الحرائق)، او إحراقها وتلويث الهواء، كلها إجراءات تشكل خطرا كبيرا على الصحة العامة وعلى البيئة بشكل عام، يفترض تحاشيها.

وسيشهد الأسبوع المقبل نوعاً من السباق، بين الإعلان عن مناقصات، بات يعلم الجميع انها لن تكون ناجحة ولن تحصل على رضا الأهالي إذا حصلت على موافقة بلدية أو صاحب ارض في موقع ما، وبين انسداد أفق الشحن إلى الخارج ونفاد قدرات الأماكن الموقتة المختارة على الاستيعاب، وزيادة تحلل النفايات التي لا تزال متراكمة… وبين محاولات المجتمع المدني غير المضمونة النتائج أيضا.

قمامة أمام منزل المشنوق

نفذ ناشطون من حملة «طلعت ريحتكم»، أمس، احتجاجاً «خاطفاً» أمام منزل وزير البيئة محمد المشنوق، إذ قاموا برمي أكياس من النفايات أمام مدخل المبنى في فردان، رافعين صور الوزير مذّيلة ببيان يطالبه بالاستقالة.

وأوضح الناشط في الحملة عماد بزي لـ«السفير» ان «الحركة كانت خاطفة وسريعة، حيث تجمعنا وتوجهنا إلى فردان ثم سألنا عن منزل المشنوق، وقمنا برمي النفايات قرب بيته، لأنه يتحمــل مســؤولية ما يحدث في شأن أزمة النفايات الراهنة»، مشيراً إلى «وجود خطوات تصعيدية ستطال غالبية الوزراء والنواب».