ذكرت صحيفة “الأخبار” انه لم يعد قيد التداول سوى أفكار المدير العام للأمن العام بحظوظ أفضل من سواها، من خلال خطة مثلثة الهدف: إنهاء الخلاف على التعيينات العسكرية والأمنية، تحريك مجلس الوزراء وإعادة الروح الى مجلس النواب بإعادة فتح أبوابه.
ترمي خطة اللواء عباس ابراهيم الى تعديل المادة 56 في قانون الدفاع، المتعلقة بتسريح الضباط، بحيث ترفع سن التقاعد ثلاث سنوات، وإن يكن ثمة مَن يفضّل سنتين فقط. هي المادة نفسها في مشروع أعدته قيادة الجيش قبل أكثر من سنتين، ووضعه وزير الدفاع سمير مقبل في جاروره ثمانية أشهر، ثم طلب قائد الجيش العماد جان قهوجي وضعه في جارور آخر لوقت إضافي، فغفا ولا يزال لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء منذ 31 كانون الأول 2014.
لا أحد يختلف على النص، بل ثمة مَن يسعه حمله بين يديه والتحرّك به لتفكيك العقد المحيطة به، على نحو يفتح الأبواب ليس على إخراج المؤسسة العسكرية من الجدل السياسي فحسب، بل إخراج مجلسي الوزراء والنواب من الأصابع التي تقبض على عنق الزجاجة.
في الأفكار الأولى لاقتراح اللواء ابراهيم، القابلة لتعديل الجوانب التقنية فيها، المعطيات الآتية:
1 ــ فصل سن التقاعد عن سني الخدمة على نحو لا يربط بينهما، بحيث يصير الى رفع سن التقاعد دونما مسّ سني الخدمة.
2 ــ اعتماد مبدأ ما يسمى الترشيق، القائل بتجميد قاعدة الترقية الحكمية كل ثلاث سنوات تفادياً للتخمة المشكو منها.
3 ــ اتسام الاقتراح بالشمولية، فلا يرتبط بإفادة شخص دون سواه ما يكسبه طابعاً شخصياً الى حد.
4 ــ الإبقاء على حوافز الاستقالة للضباط بغية تسهيل مغادرتهم الوظيفة، فلا تتراكم أعدادهم في رأس السلم أكثر مما يحتمل.
5 ــ اعتماد القاعدة الشائعة في معظم جيوش العالم بربط الرتبة بالوظيفة. لا عميد بلا وظيفة، كذلك حال سائر الرتب من فوق الى تحت. عندما تشغر وظيفة يُرقى الضابط الى رتبة أعلى كي يحل فيها. سوى ذلك تتيح الحوافز الاستقالة من المؤسسة العسكرية بالرتبة التي تعلوها مباشرة. لا تمسي المشكلة ثقيلة الوطأة عندما يكثر عدد الضباط ذوي رتبة لواء أو عميد أو سواهما وهم في بيوتهم، لا داخل الجيش الذي لا يسعه في الوقت الحاضر سوى استيعاب ما يقرب من 150 الى 200 عميد فقط.
جال اللواء ابراهيم على المسؤولين والقيادات، علناً وبعيداً من الأضواء، بغية إخراج أفكاره تسوية يقتضي أن يؤول التفاهم عليها، في أسابيع قليلة حتى منتصف أيلول حداً أقصى، الى صدور مرسوم فتح عقد استثنائي لمجلس النواب. بالتأكيد لا تصل المهلة ــ إن قُيّض للاقتراح النجاح ــ الى منتصف تشرين الأول، موعد إحالة قائد فوج المغاوير على التقاعد. إذ يدخل الرجل في صلب التسوية، وهو أحد أبرز مرتكزاتها ومبرراتها.
تبعاً لإيحاءات المواقف من مبادرة اللواء ابراهيم، أن رئيس المجلس يوافق عليها لأنها تعيد فتح أبواب البرلمان وتنطوي على إجراء شامل، كذلك حزب الله عندما ترضي رئيس تكتل التغيير والإصلاح، وصولاً الى العقبتين المعلنتين: تيار المستقبل، إذ يتذرع بالأعباء المالية المترتبة على رفع سن التقاعد، وعون الذي يرفض ــ كما قائد فوج المغاوير ــ ترقية يُستشم منها رشوة وظيفية. واقع الأمر أن ترقية روكز الى لواء تبدو غير ذات معنى ولا تمسي هدفاً في ذاته، عندما تجعله في رتبة أعلى، إلا أنها تحرمه وظيفة ينص عليها القانون. ناهيك بحرمانها إياه من قيادة فوج المغاوير وقد أصبح في رتبة أعلى أدنى أهمية.
بذلك يكمن مغزى مهمة المدير العام لدى الأمن العام في الآتي:
ــ ربط الترقية بوظيفة يرعاها القانون.
ــ رفع سن التقاعد بقانون يقرّه مجلس النواب، يصبح كإجراء أكثر احتراماً ومهابة من تأجيل تسريح، مرة لمبدأ الشمول وأخرى لانبثاقه من مرجعية تملك الاختصاص والصلاحية.
ــ إقناع عون بتجاوز شرط لا يزال يحول دون توقيع مرسوم العقد الاستثنائي ـ بل تكمن المشكلة الفعلية في حضوره وكتلته الى المجلس ــ هو إدراج بندي قانون الانتخاب واستعادة الجنسية في أول جلسة عامة للهيئة العامة. ثمة إحراج اضافي يكبّل عون الى حدّ، هو اتفاقه مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في “إعلان النيات”، على موقف مشترك أن لا يذهبا معاً الى جلسة للبرلمان لا يكون في جدول أعمالها بندا قانون الانتخاب واستعادة الجنسية.