Site icon IMLebanon

سندات الشركات البريطانية تكتسب جاذبية أكبر

britishPound

جافين جاكسون

لطالما كانت المملكة المتحدة تعتبر نفسها في مكان ما بين أوروبا والولايات المتحدة من الناحية الاقتصادية، وكذلك من الناحية الجغرافية.

الآن، مع إشارة بنك إنجلترا إلى أنه ليس في عجلة من أمره لرفع تكاليف الاقتراض لليلة واحدة، فإن سندات الشركات المقوّمة بالاسترليني تحتل مكانة رائعة في زمن التباعد الحاد في السياسة النقدية بين الولايات المتحدة ومنطقة اليورو.

سوق السندات المقوّمة بالاسترليني تُقدّم للمستثمرين عوائد أعلى من تلك السائدة في جميع أنحاء منطقة اليورو، وفي الوقت نفسه توفّر أسعارا أكثر استقراراً من الولايات المتحدة، التي يُمكن أن تُصبح غير مستقرة بسبب السياسة النقدية النشطة من البنك المركزي. هذه الديناميكية علامة على البنك المركزي الأوروبي الذي ينفذ حالياً برنامجا للتسهيل الكمي، ويبقى سقفا ثابتا على عوائد السندات المقوّمة باليورو، في حين إن كثيرا من المستثمرين يتوقّعون أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة الشهر المقبل.

في المقابل، محضر الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية التابعة لبنك إنجلترا الذي عُقد الأسبوع الماضي، كشف عن انقسام بواقع 8-1 لمصلحة إبقاء أسعار الفائدة منخفضة. وهذا تبعه توجيه من مُحافظ البنك، مارك كارني، ترك المستثمرين يعتقدون أن أي رفع من جانب المملكة المتحدة في نهاية المطاف ينبغي أن يكون بعد فترة طويلة من بدء الاحتياطي الفيدرالي في تنفيذ سياسة التشديد.

يقول “بانك أوف أمريكا ميريل لينش”، “إن السندات المقوّمة بالاسترليني هي الأفضل أداءً هذا العام. مع تحقيق عوائد مرتفعة بنسبة 4.88 في المائة منذ بداية العام حتى الآن، مقارنة بـ 2.99 في المائة في سوق اليورو و1.86 في المائة للسندات المُقوّمة بالدولار”. وكان أداء السندات المُقوّمة بالاسترليني من الدرجة الاستثمارية أيضاً أفضل من السندات المُقوّمة باليورو والدولار ذات التصنيف نفسه.

وطرح محللون في “بانك أوف أمريكا” في مذكرة تم نشرها أخيرا حجة لمصلحة امتلاك سندات الشركات المُقوّمة بالاسترليني: هوامش الربح، وهي الفرق بين العوائد التي يحصل عليها المستثمرون على السندات الحكومية الخالية من المخاطر وسندات الشركات، هي أكثر جاذبية بكثير في المملكة المتحدة مما هي في القارة الأوروبية.

ويقول بارنابي مارتن، رئيس استراتيجة الائتمان الأوروبي في “بانك أوف أمريكا”، “إن برنامج التسهيل الكمي للبنك المركزي الأوروبي يعمل على تحفيز مُصدّري السندات في جميع أنحاء العالم للنظر أولاً وقبل كل شيء إلى التمويل في اليورو”، مُشيراً إلى كيف أن برنامج شراء السندات السيادية في منطقة اليورو من قِبل البنك المركزي الأوروبي جذب مُصدّري السندات إلى العملة الموحدة وأبقى العرض الجديد من سندات الشركات المُقوّمة بالاسترليني منخفضا. ويُضيف “من الناحية الفنية، الأسواق في حالة جيدة للغاية. فنحن لا نواجه خطر طوفان عمليات الإصدار من قِبل الشركات”.

هناك سبب آخر لاحتمال الحصول على عوائد أفضل في سوق الائتمان المُقوّمة بالاسترليني، وهو أنها يغلب عليها امتلاك حصة أكبر من السندات طويلة الأجل من الأسواق المُقوّمة باليورو والدولار.

ومع تلاشي رفع أسعار الفائدة في المملكة المتحدة في الوقت الراهن، مزيد من رفع أسعار السندات من المحتمل أن يكون بقيادة قطاع السندات طويلة الأجل، الذي أصبح محور التركيز في الآونة الأخيرة بسبب التغيرات في المعاشات التقاعدية.

تقليدياً الحصة الكبيرة من سندات الشركات طويلة الأجل في المملكة المتحدة كانت تعكس الحاجة إلى شراء المتقاعدين دخلا سنويا بمعاشاتهم التقاعدية، وذلك بمنحهم دخلا ثابتا كل عام. شركات إدارة الصناديق بدورها ستشتري السندات طويلة الأجل لتلبية هذه الالتزامات طويلة الأمد. التغييرات في القانون التي تسمح للمتقاعدين بسحب كامل المبلغ الذي ادخروه، واستثماره أو صرفه بالطريقة التي تُناسبهم، أدت إلى تخفيض الطلب على السندات المُستحقّة بعد فترة طويلة.

لقد تمت تصفية السندات طويلة الأمد المُقوّمة بالاسترليني بعد التغييرات على القانون، الذي أُعلِن عنه عام 2014 وبدأ العمل به في نيسان (أبريل) الماضي، لكن ليس واضحاً بعد ما إذا كان التأثير الكامل للتغييرات قد انعكس على الأسعار. وعلى الرغم من أن الأساسيات تبدو جيدة بفضل مجموعة البيانات الاقتصادية البريطانية السليمة والبنك المركزي المُسالم، على خلفية انخفاض أسعار السلع الأساسية الذي يؤدي إلى إحباط التضخم، إلا أن هناك تحدّيات فنية تواجه سوق السندات.

يقول زوسو ديفز، مختص استراتيجية الائتمان في “باركليز”، “إن نصف السندات المُقوّمة بالاسترليني تقريباً مملوكة من قِبل شركات التأمين على الحياة، تليها صناديق المعاشات التقاعدية بنسبة تبلغ نحو 24 في المائة”. ويُشير إلى أنه على الرغم من أن هوامش الربح تبدو جذابة للمشترين الأفراد والأجانب، إلا أن العوائد منخفضة، الأمر الذي يهُم أكثر أموال الشركات في المملكة المتحدة التي عادةً ما تحرك السوق.

ويقول ديفز “إن الأسواق بحاجة إلى وجهتي نظر مختلفتين حتى تحدث عملية تبادل وكثير من السوق يملك صلاحيات مماثلة، من آثارها إبقاء الطلب ضعيفاً”.

هناك عامل آخر يتعلق بالعرض. ففي حين إن السوق المُقوّمة بالاسترليني كانت هادئة حتى الآن هذا العام من حيث العرض، إلا أنه لا يوجد ما يضمن أنها ستستمر على ذلك، كما يقول أندرياس ميشاليتسيانوس، وهو مدير أحد صناديق سندات الشركات المُقوّمة بالاسترليني في شركة جيه بي إم لإدارة الأصول.

وكانت عملية إصدار السندات الجديدة تجري بقوة في الولايات المتحدة لعدة أعوام، وهذا العام كانت الشركات على جانبي المحيط الأطلسي تتدافع للاستفادة من تكاليف الاقتراض الرخيصة المعروضة بفضل برنامج التسهيل الكمي من البنك المركزي الأوروبي. ويقول ميشاليتسيانوس “السوق الأمريكية مُشبعة تماماً. والسوق الأوروبية كانت مُشبعة من جهات الإصدار من الشركات غير المالية”.