IMLebanon

هل استبدل الجنوبيون أسواق صيدا بغيرها؟

SaidaMall
ثريا زعيتر
اليوم، يبدو أنّ مدينة صيدا لم تعد المتنفس الوحيد لبلدات وقرى الجنوب، كما كانت سابقاً قبل أكثر من 3 سنوات، فقد دفعت المدينة، للأسف، ثمناً غالياً من أجندة «جماعة الأسير»، فتكاد تكون «معزولة» تقريباً عن الجنوبيين ويومياتهم، ما عدا الإدارات الرسمية من دوائر النفوس والعقارية والمالية فقط، مقابل اهتمام الجنوببين بمناطقهم وأسواقهم التجارية أكثر، وافتتاح مجمّعات ومحلات ضخمة ومراكز ترفيهية وسياحية تعوّضهم عن صيدا وغيرها…
على الرغم من هذا الواقع، لا يزال بعض الفاعليات الصيداوية وأهالي المدينة يسعون إلى ترتيب الأوضاع وإعادة وضع صيدا كما كانت عليه «عاصمة الجنوب» من خلال تحسين الأسواق واستقطاب الجنوبيين والسيّاح، وإزالة كل المعوّقات من الاحتقان المذهبي التي خلّفتها «جماعة الأسير»، لكن هل يُسمِع الصدى وتعود المياه إلى مجاريها كما كانت؟…
«لـواء صيدا والجنوب» يُسلّط الضوء على هذا الواقع الجديد بين تداعيات أزمة «جماعة الأسير» والمرتجى اليوم مع بدء تنفيس الاحتقان المذهبي، ومحاولة إعادة تنشيط الأسواق مجدّداً…

صيدا ممر
شهدت مدينة صيدا في السنوات الأخيرة «اكتفاء» أهالي الجنوب، وخاصة بعدما قامت معظم البلدات والقرى الجنوبية بـ «الاكتفاء الذاتي»، من خلال افتتاح أسواق ومحلات تجارية كبيرة، وهو ما شكّل ضربة قاسية لـ «عاصمة الجنوب»، فشهدت مدينة النبطية والجوار نهضة سياحية وعمرانية، حيث افتُتِحَتْ محلات ضخمة و«مولات» كبيرة استقطبت من خلالها أبناء المنطقة، ما ساهم بانتعاش المدينة اقتصادياً، وأتاح الفرص لعمل أبنائهم.
* وقفت زينب جابر وهي تتسوّق من أسواق النبطية قائلةً: «بالرغم من وجود السوق في مدينة النبطية، إلا أنّنا كنّا نحب أنْ نذهب إلى مدينة صيدا كي نتسوّق منها كل شيء تقريباً وبشكل يومي، لكن بعد قطع الطريق من قِبل «جماعة أحمد الأسير» وإهانتنا بطريقة أو بأخرى، أصبحنا نستغني عن «نزولنا» إلى صيدا، حتى الأطباء لم نعد نتعالج عندهم، أصبحنا نتلقّى العلاج في منطقتنا، فنحن نحمّل المسؤولية لمَنْ ترك «جماعة الأسير» وغيرها يتحكّمون بمصير المدينة وعلاقاتها مع الجوار».
وأضافت: «لقد شهدت المناطق الجنوبية نهضة للمحلات التجارية مثل منطقتَيْ الصرفند وكفرجوز، وصولا إلى إنشاء مجمّعات تجارية في المنطقة، كذلك افتتاح «مول» على طريق النبطية، لذلك أصبح لدينا كل شيء من «مقاهي» و«مطاعم» و«استراحات» جميلة، فأصبحت صيدا بالنسبة لنا فقط ممرّاً إلى بيروت».
تعصّب… وقرار
* ومن النبطية إلى مدينة صور والجوار، الحال واحد، فكثير من المواطنين استغنوا عن مدينة صيدا تدريجياً، على الرغم من أنّ المدينة كانت الشريان النابض لهم، وتجسّد ذلك رجاء سعد، التي وقفت تنظر إلى صيدا من بعيد، قائلة: «أنا أحب بل أعشق مدينة صيدا، فهي «عاصمة الجنوب» و«بوّابة المقاومة» ونحن نعرف أنّه يوجد الكثير من أبنائها يحبوننا، لكن بعد إقفال الطريق من قِبل «جماعة الأسير» وتحريضهم ضدنا، أصبحنا نشعر بأنّه غير مرغوب فينا، لذلك قرّرنا عدم التسوّق والتنزّه أو المعالجة عند الأطباء في المدينة، فهي كانت المتنفّس لأهالي وقرى صور، رغم وجود أسواق ومحال تجارية ومنتزهات رائعة لدينا، إلا أنّنا كنّا نترك كل شيء ونذهب إلى مدينة صيدا، لكن للأسف بعد تفاقم الاحتقان المذهبي من قِبل «المتعصّبين»، دفعنا تلقائياً للاتجاه إلى أسواق أخرى، وبالتحديد أسواق النبطية وصور».
وأضافت: «أيضاً تم افتتاح مكتب للأمن العام مؤخّراً في المنطقة، وفرع للضمان الاجتماعي، بعدما كان كل الأهالي يلجأون إلى مدينة صيدا من أجل إتمام معاملاتهم الإدارية، ما سهّل الأمر علينا، لكن ما زالت الإدارات الرسمية مثل دوائر النفوس والدوائر العقارية فقط في صيدا».
كورنيش الغازية بديلاً
* وبين صور والنبطية، شهدت بلدة الغازية القريبة من مدينة صيدا، نهضة عمرانية ضخمة من أسواق، فأصبح الأهالي يستغنون تدريجياً عن صيدا، لتفوق النسبة الـ 80%، أضف إلى ذلك افتتاح كورنيش الغازية، ليكون المتنفّس لأهالي البلدة والجنوبيين، وهو البديل عن كورنيش صيدا، بعدما تخلّى الجنوبيون عنه بسبب الأحداث الأخيرة والمشاكل التي تحصل فيه من بعض الشبان المتهوّرين.
* عند كورنيش الغازية الجديد، يجلس «أبو محمد حسون» مع عائلته يراقب مغيب الشمس وموج البحر مع فنجان القهوة و«النرجيلة»، وقال: «كنتُ أرتادُ أنا وعائلتي كورنيش صيدا البحري بشكل يومي للاستمتاع ببرودة الطقس والهواء العليل على ضوء القمر، لكن بعد ما شهدته المنطقة من أحداث أمنية متوتّرة وحركات «طيش» شبابية متهوّرة من «زعرنات» و«تلطيش» على البنات لم أعد أذهب إلى الكورنيش، خاصة أنّه أصبح لدينا في الغازية «كورنيش»، وهو راقٍ جداً من حيث النظافة والأشخاص الذين يأتون ليستمتعوا بأوقاتهم، فقد أصبح الكورنيش ملتقى للعائلات ومكاناً للترفيه عن النفس… فهؤلاء هم أطفالي يتجوّلون بالقطار، يمرحون كثيراً، هنا أكون سعيداً ومرتاحاً جداً، ومطمئناً على أولادي، وأيضاً هؤلاء الشباب يشاهدون المباراة، والبنات ذهبن ليتمشّين قليلاً».
تابع «أبو محمد» وهو يسحب نفساً من «النرجيلة»: «المعاملة هنا جميلة جداً، والجلسة مريحة، حتى الأشخاص تجدهم قريبين منك، لقد تعرّفت على جماعة جنوبيين، ومع الوقت أصبحنا جيراناً وعائلة واحدة، الناس هنا كل في حاله، فتجد مَنْ يأتي ليمارس الرياضة، ومَنْ يجلس مع البحر شاكياً همومه، وهناك العشّاق في أول مراحل علاقتهم… حيث لا يخلو الكورنيش من الأشخاص الذين يبحثون عن لقمة العيش، فترى من يحمل باقة من الأزهار، يتجوّل بها على الشباب، وتلحقه «البصّارة» لتُدلي بكلمات تفرح قلوبهم، وهذا بائع الذرة وغزل البنات، ولا ننسى الرجل الذي يحمل البالونات على أشكالها، والألعاب الملونة فيفرح بها الأطفال».