ابراهيم عواضة
دخل الاقتصاد اللبناني في العام 2015 مرحلة مفصلية وخطرة مع تراجع مؤشرات محركات الاقتصاد الاساسية اي نسبة كبيرة.
وبحسب الخبراء والباحثين في مسار الاقتصاد اللبناني فان الاداء الاقتصادي في 2015 هو الاسوأ منذ العام 2010 حيث «يقبع» الاقتصاد منذ بداية السـنة في مربـع الانكــماش والجـمود وسـط غياب اي من المؤشرات التي تعطي الامل بتحسن الوضع الاقتصادي في الفترة المتبقية من العام الحالي.
واذا كان الخبراء يستبعدون حتى الساعة امكانية حصول انهيار اقتصادي عام، الا ان هذا الانهيار يهدد بقوة قطاعات اقتصادية اساسية (القطاع العقاري) على الخصوص وذلك في حال استمرار المسار السياسي السلبي السائد في البلاد على ما هو من انحلال وتفكك وتعطيل لانتاجية المؤسسات الدستورية، يضاف الى هذا الامر استمرار تلقي الاقتصاد تداعيات الازمة السورية اقتصاديا وماليا واجتماعيا.
رئيس قسم الدراسات والابحاث في بنك «بيبلوس» نسيب غبريل يرفض ما يقوله البعض عن وجود انهيار اقتصادي في لبنان ويقول «نحن في حالة جمود وهناك خسائر متراكمة من 2011 الى 2014 وستزداد الخسائر في 2015، ولكن هذا لا يؤدي الى انهيار لانه لدينا استقرار اقتصادي ولكن ليس جمود».
ويقول: الاستقرار مبني على ثقة المودع بالمصارف اللبنانية التي لا تزال تستقبل ودائع ولديها نسبة مرتفعة من السيولة بشكل يخولها تمويل احتياجات القطاع الخاص بمبالغ وصلت الى 52 مليار دولار في نهاية حزيران الماضي. وفي الوقت نفسه قادرة على تلبية حاجات الدولة للاستدانة وتدعم قدرات مصرف لبنان بالعملات الاجنبية من خلال الاحتياطي الالزامي.
ويقول غبريل: للسنة الخامسة منذ العام 2011 يعاني الاقتصاد ليس فقط من تبعات سياسية وامنية بل ايضا من عدم وجود ارادة سياسة لتطبيق الاصلاحات البنوية التي من شأنها ان تزيد المنافسة في الاقتصاد ليصبح اكثر قابلية لاستيعاب الخضات الامنية والسياسية ويعاني الاقتصاد منذ العام 2011 من عدم الاستقرار الامني والضغوط السياسة وتباطؤ الانشطة الاقتصادية. ويتعامل منذ بداية العام 2015 وللسنة الخامسة على التوالي، مع التحديات والتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية السلبية الناجمة عن الحرب الدائرة في سورية اضافة الى الاثار الجانبية للصراعات الدائرة في المنطقة ككل.
وقد اثبتت الازمة السورية مرة اخرى مدى تأثيرها العميق والطويل الامد في استقرار لبنان السياسي والامني وفي اوضاعه وآفاقه الاقتصادية: فالازمة السورية تواصل كبح النمو عن طريقة التأثير في السياحة والتجارة والاستثمار الاجنبي المباشر وغيرها من الامور. علاوة على ذلك، يشكل عدد اللاجئين السوريين في لبنان، والذي يقارب 5،1 مليون نسمة، ضغطا اضافيا كبيرا لا سيما على الانفاق العام والبنى التحتية والخدمات وسوق العمل كون المــساعدات والتبرعات الخارجية الدولية، من دول ومنظمات حكومية وغير حكومية لمساعدة اللاجئين والدولة اللبنانية التي تحتضنهم غير متناســبة مع الاحتياجات. وكان على لبنان واقتصاده التعامل ثانيا مع الجمود السياسي النسبي الذي طال امده والفشل في انتخاب رئيس للجمهورية، مما اثر ويؤثر سلبا في ثقة المستهلكين والمستثمرين معا، وبالتالي في حجم الاستهلاك والاستثمار، وهما المكونان الرئيسيان للناتج المحلي الاجمالي.
وعلى هذه الخلفية ازداد تباطؤ معدل النمو الحقيقي في العام 2015 الى 5،1 في المئة بحسب توقعات المؤسسات الدولية من 2 في المئة في العام 2014 ونسبة 5،2 في المئة خلال السنوات الثلاث الاخيرة كمعدل وسطي.
ومن الصعب توقع حصول اي تسارع في نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي في العام 2015 في ظل عدم توقع اي تغيير في الوضع السياسي المتأزم وبقائه عرضة للاضطرابات الخارجية الاقليمية.
ومن شأن الفراغ السياسي المستمر منذ ايار 2014 والمأزق السياسي بوجه عام ان يشتتا الجهود ويحولا دون تمرير التشريعات ذات الضرورة القصوى وان يعيقا اجراء الاصلاحات الهيكلية التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي المستدام.
وسط هذه الاجواء، من المتوقع ان يبقى النمو الاقتصادي عند مستواه المنخفض اي بين 5،1 في المئة و2 في المئة في العامين 2015 و2016 ويشار الى ان وزارة المال تقدر في مشروع موازنة العام 2015 المرفوع الى مجلس الوزراء الناتج المحلي الاجمالي الرسمي ب8،49 مليار دولار في العام 2014 و3،53 مليار دولار في العام 2015، اي بمعدل نمو حقيقي قدره 5،1 في المئة و5،2 في المئة تباعا للسنتين المشار اليهما. وتوقع صندوق النقد الدولي من جهته ان يبلغ معدل النمو الاقتصادي الحقيقي في لبنان 0،2% و5،2 في المئة في كل من العامين 2015 و2016 على التوالي، مع توقع استمرار اسعار النفط عند مستويات منخفضة، ما يؤثر بشكل ايجابي في الاقتصاد اللبناني.