كشفت صحيفة “النهار” ان رئيس الحكومة تمام سلام أبدى امام عدد من الوزراء إستياءه من التعقيدات التي ترافق العمل الحكومي، آملاً في حصول تطورات من شأنها أن تحلحل الامور.
وأبلغت مصادر وزارية “النهار” ان توجيه الدعوة الى عقد جلسة عادية لمجلس الوزراء سيتضح بعد غد الاثنين وذلك في نطاق المهلة المتوافق عليها أي 72 ساعة قبل انعقاد الجلسة أي الخميس المقبل. وأشارت الى ان عطلة عيد السيدة اليوم حال دون معرفة ما إذا كان الرئيس سلام يعتزم توجيه هذه الدعوة أم لا.
ولم تستبعد ان يكون تريثه في الرد على مداخلات الوزراء في الجلسة الاخيرة مدخلاً الى تعامل حازم في الجلسة المقبلة أياً يكن موعدها، اذ يكون سلام قد أمهل القوى السياسية وقتاً لتنفيس الاحتقان ليستعيد المبادرة الى طرح الملفات الملحة واتخاذ القرارات في شأنها.
وسألت “النهار”: “ماذا بعد الجلسة الحكومية الصاخبة؟ وهل الفشل الذريع الذي سجلته بفعل تعذر طرح أي بند ملح على طاولة البحث يشي بأن الحكومة دخلت مرحلة الموت السريري في انتظار تسوية ما تعيدها إلى الحياة”؟.
وقالت: “ليس في المعلومات المتوافرة ما يدعو إلى التفاؤل بإمكان عقد جلسة قريبة لمجلس الوزراء. ويتريث سلام في توجيه الدعوة الى جلسة الاسبوع المقبل، وهو يجري عملية تقويم لخلاصات الجلسة الاخيرة.
وفي حين تعتقد مصادر وزارية مطلعة أن سلام كان يترقب إطلالة الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله لتلمس التوجه الفعلي للحزب، تشير إلى أن قراره في شأن الجلسة لا يزال رهنا بعاملين أساسيين:
– موقف الحزب من الحكومة ولا سيما لجهة ترجمة الوعود البراقة التي اطلقها وزير الخارجية الايراني من باب السرايا الحكومية حيال دعم الاستقرار والسلام والتنويه برئيس الحكومة.
– التشاور مع رئيس المجلس نبيه بري في شأن الخطوات المقبلة، وهو ما فسر استمهال سلام لوزير المال علي حسن خليل عندما راجعه في شأن مسألة الرواتب والاجور.
في الاوساط السنية وعي أن حملة عون على سلام لا تستهدف الحكومة أو تحصيل حقوق المسيحيين بقدر ما تستهدف تعزيز وضعية عون في الشارع المسيحي. ولوزير بارز في الحكومة قول إنه “لا تقوم زعامة مسيحية الا على حساب الهجوم على السنّة”، في إشارة منه إلى عنوان هجوم عون على الحكومة، الذي لا يوفر في حيز كبير منه رئيس المجلس نبيه بري لدوافع أخرى.
وعليه، لا تستبعد المصادر، ربطاً بصمت رئيس الحكومة وامتناعه عن الرد على الوزراء في جلسة مجلس الوزراء، أن يكون هذا الصمت مدخلاً إلى تعاطٍ حازم في الجلسة المقبلة، أيا كان موعدها الاسبوع المقبل أو بعده. إذ يكون سلام قد أمهل الحكومة وقتا لتنفيس الاحتقان، ليستعيد المبادرة في طرح الملفات الملحة واتخاذ القرارات في شأنها.
وتؤكد المصادر أن سلام لم يعد في وارد الاستقالة، وهو قال ذلك صراحة في عمان أمام الجالية اللبنانية هناك عندما أكد أنه لن يتخلى عن مهمته “مهما كلف الامر”.
أما عون الذي يستمد قوته التعطيلية من “حزب الله” وليس من قواعده الشعبية وحجمه التمثيلي، فسيكون محرجا في رفضه اتخاذ القرارات التي تلامس القضايا الحياتية الملحة لهذه القواعد من ضمن شرائح الشعب اللبناني.
وفي حين يوفر الحزب الدعم السياسي المطلق لعون، فهو لن يفرط في رأي المصادر بأمرين: الحكومة والملفات الملحة التي يريد تسييرها. وبالتالي فإن إنتاجية الحكومة ستكون رهن استنسابية الحزب في اختيار الملفات التي يرغب في إقرارها.
صحيفة “الجمهورية” قالت إنه على رغم دخول البلاد مرحلةَ الجفاف الحكومي، إلّا أنّ هذه المرحلة لن تَدوم طويلاً، إذ مِن المرتَقَب وفقَ معلومات لـ»الجمهورية» أن تجري اتّصالات داخليّة وخارجيّة لإنقاذ الوضع من الشلل والعجز اللذين تميّزَت بهما جلسات مجلس الوزراء منذ نحو ثلاثة أشهر إلى اليوم. وفي هذا السياق، تأتي زيارات عددٍ من المسؤولين العرب والأجانب إلى لبنان قريباً.
إلى ذلك، أعلنت مصادر نيابية أنّ الوضع الحكومي لم يعد يعمل خارج الاشتباك، الأمر الذي يعني ان المعالجة لن تكون على طاولة مجلس الوزراء، بل في الاتصالات البعيدة عن الأضواء والمبادرات، سواء جاءت من الرئيس نبيه برّي أو تولاها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
وأشار المصدر لصحيفة ”اللواء” الى أنّ أيّ مبادرة لا تأخذ بالاعتبار ملف الرئاسات الثلاثة وازمتي التشريع ورواتب موظفي القطاع العام وسائر الملفات العالقة من نفايات وكهرباء، لا يمكن ان يكتب لها النجاح، وبالتالي المسألة لم تعد مسألة آلية في مجلس الوزراء أو اعداد جدول أعمال، بل تتعلق بالقرار السياسي وبكيفية تدوير الزوايا للحفاظ على الاستقرار الذي لم يعلن أي طرف من الأطراف خروجهم عليه بعد.
ولم تستبعد مصادر وزارية لـ”اللواء” أن يكون الوضع الحكومي مفتوحاً على احتمالات عدّة ما لم يتم التوصّل إلى حل سياسي، معربة عن اعتقادها أنّ هذا الحل يجب أن يأتي من خارج مجلس الوزراء.
ولفتت المصادر نفسها إلى ان بعض الوزراء الذين شاركوا في الجلسة “العقيمة” للحكومة أمس الأوّل أبدوا استياء من واقع الحال وشككوا بإمكانية مواصلة أعمال الحكومة.
وقال وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ”اللواء”: “عار على مجلس الوزراء إلاَّ يتخذ قرارات تتصل بالمواطنين”، معلناً ان الوضع المأزوم بحاجة إلى حل سياسي سريع، كاشفاً ان وزراء حزب الكتائب طالبوا في مجلس الوزراء بجلسات مفتوحة لإيجاد حلول للأزمات الراهنة، نافياً ان يكون هناك توجه بالاستقالة من قبل وزراء الحزب.
إلى ذلك، أكدت مصادر الرئيس سلام لـ”اللواء” أنّ خيار الاستقالة لديه غير واردة وهو “مطوي” حالياً، وتحدثت عن اتصالات ستتمّ بهدف منع تأزم الأوضاع.
وأبلغ أحد الوزراء لـ”اللواء” ان أي موعد جديد لمجلس الوزراء لم يحدد وهو لن يُحدّد قبل بلورة صورة الاتصالات التي ستحصل علماً أنّ اليوم السبت الذي يوجه فيه عادة الدعوة لانعقاد الحكومة هو يوم عطلة رسمية.
وفي ردّ على سؤال أعلن وزير الدولة نبيل دو فريج لـ”اللواء” ان الرئيس سلام كان واضحاً في تأكيده انه مستمر في مهامه حتى الدقيقة الأخيرة.
وأكّدت أوساط وزارية قريبة من سلام لصحيفة ”السياسة” الكويتية أن جلسات الحكومة باتت عقيمة، بسبب تعمّد بعض الوزراء وهم قلة وضع العراقيل في العجلة الحكومية لأسباب ومصالح خاصة لا يمكن القبول بها، متذرعين باستعادة حقوق المسيحيين تارة وبالمحافظة عليها تارة أخرى، من دون الأخذ بمصالح لبنان واحترام المؤسسات الدستورية، بعدما أمعنوا في تعطيل الاستحقاق الرئاسي وها هم اليوم يحاولون أن يعطلوا عمل الحكومة باختلاق العراقيل وزرع بذور الشقاق بين اللبنانيين، مشددة على أنّ ما يجري خطير للغاية ويكشف النوايا المبيّتة للفريق المعطل، لكنه في المقابل، يزيد سلام صلابة في التأكيد على التمسك بمسؤولياته وممارسة صلاحياته كاملة، في ظلّ الظروف الصعبة التي يمرّ بها البلد، وأنّه لن يسمح لهؤلاء المعرقلين بأن يحققوا مبتغاهم.
وكشفت صحيفة “الأنباء” الكويتية أنّ الدعوة الى اجتماع مجلس الوزراء رهن فضّ العروض الخاصة بنفايات بيروت وجبل لبنان يوم الثلاثاء المقبل، بيد أنّ مصادر تستبعد صدور قرارات عن مجلس الوزراء في الاجواء الراهنة.
وأعلنت مصادر سلام أيضًا لصحيفة “القبس” الكويتية أنّ رئيس الحكومة يدرك مدى الترابط بين الأزمة اللبنانية وأزمات المنطقة، ويدرك ان الوضع اللبناني في الثلاجة لحين تبلور المشهد في سوريا، ولكن هل سنضع الشعب في الثلاجة من خلال تعطيل مصالحه بشل العمل الحكومي، بل وبشل الدولة، وهو ما ينطوي على دلالات خطيرة.