وائل مهدي
شهدت أسعار النفط أسوأ صيف لها منذ عام 1983 وهي السنة التي بدأ فيها خام غرب تكساس في التداول في نيويورك، ما يخالف عادة ارتفاع الطلب في أشهر الصيف وارتفاع الأسعار.
وهبطت هذا الأسبوع أسعار النفط بشكل مقلق وواصلت الهبوط في سوق لندن ونيويورك أمس لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2008، وهو العام الذي شهد انهيار الأسعار إثر الأزمة المالية العالمية.
ومنذ يونيو (حزيران) وحتى أمس، فقدت أسعار نفط مزيج خام غرب تكساس في سوق نيويورك 30 في المائة من قيمتها وهو أهم هبوط لها منذ عام 1983. وغطى هذا الهبوط على كل الأزمات السابقة، مثل أزمة عام 1986 وأزمة عام 1998 والأزمة الأخيرة في 2008.
وتعليقا على الهبوط، يقول أحد المصادر في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لـ«الشرق الأوسط» إن ما يحدث في السوق متوقع، إذ إن العوامل الأساسية لم تتحسن كثيرًا، فالإنتاج ما زال مرتفعا والفائض في السوق لا يزال كما هو عند نحو 1.5 مليون برميل يوميًا، والطلب وإن كان ينمو بصورة جيدة، إلا أنه لا يمكن أن يستوعب الفائض الحالي.
وأضاف المصدر: «في ظل الأوضاع الحالية ومع تأثر العامل النفسي للمضاربين بسبب توقعهم بقاء الفائض لمدة أطول مما كان الجميع يتوقعونه، فإن المقبل للأسعار هذا العام لن يكون أفضل كثيرًا مما نراه اليوم».
وفي السوق، بدأ الجميع بإظهار تشاؤمهم حيال تعافي الأسعار إذ خفض بنك «سيتي غروب» توقعاته لسعر النفط إلى 54 دولارا للبرميل من خام برنت في 2015 و53 دولارا في 2016 بينما خفض توقعاته لسعر الخام الأميركي إلى 48 دولارا لعامي 2015 و2016. وقال محللون من البنك الأميركي في مذكرة بحثية صدرت يوم الجمعة إنه «من المرجح أن تتضخم المخزونات الهائلة من الخام بدرجة أكبر بالفعل، خلال موسم صيانة المصافي. كما أن النمو المتوقع في الإنتاج من إيران والعراق من شأنه أن يفاقم هذا الأمر».
أما العامل الأساسي الآخر، فيتعلق بالطلب من الصين التي خفضت قيمة عملتها مما يجعل أسعار النفط عالية لمن يشترونه بالدولار. وقال مصرف «غولدمان ساكس» إن انخفاض قيمة اليوان الصيني يفرض المزيد من الضغوط النزولية على أسواق السلع الأولية.
واستقرت أسعار النفط الخام الأميركي بالأمس، بعدما تراجعت إلى أدنى مستوى لها في نحو ستة أعوام ونصف العام حيث أذكى ارتفاع المخزونات وغلق بعض المصافي المخاوف بشأن تخمة المعروض العالمي.
وهبطت أسعار النفط بالفعل أكثر من 3 في المائة يوم الخميس متأثرة بتقرير عن ارتفاع المخزونات في «كاشينغ» بولاية أوكلاهوما، وهي نقطة تسليم عقود الخام الأميركي الآجلة، بأكثر من 1.3 مليون برميل في الأسبوع الذي انتهى في 11 أغسطس (آب).
وهبط الخام الأميركي إلى أدنى مستوى له أثناء الجلسة عند 41.35 دولار للبرميل، وهو أقل مستوى له منذ مارس (آذار) 2009 قبل أن يتعافى إلى 42.86 دولار عشية يوم أمس، مرتفعا 63 سنتا.
وتراجع مزيج برنت الخام خمس سنتات إلى 49.17 دولار للبرميل. وينتهي تداول عقود برنت تسليم سبتمبر (أيلول) يوم الجمعة. وبات الخام الأميركي أضعف كثيرا من خام برنت القياسي لأسباب، منها توقف بعض المصافي عن العمل وهو ما أضعف الطلب الأميركي الداخلي. وأكبر هذه المصافي مصفاة «بي بي» في «وايتنج» بولاية إنديانا، والبالغة طاقتها 413 ألفا و500 برميل يوميا والتي عطلت ثلثي طاقتها الإنتاجية لإجراء أعمال صيانة قد تستغرق شهرا أو أكثر.