Site icon IMLebanon

الراعي للسياسيين: تلوثون لبنان بالنفايات!

 

وجه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي تحية شكر وتقدير الى الجيش اللبناني والى سائر الاجهزة الامنية اللبنانية على الانجازات التي تحققها وعلى التضحيات والجهود التي تبذلها في سبيل صون الحدود وحفظ الامن في الداخل، وتعقب الارهابيين والمجرمين الذين يهددون امن المواطنين.

الراعي، وفي عظة الاحد في الديمان، قال: “تتجه افكارنا الى الاسرى من العسكريين الذين بلغت مدة احتجازهم السنة وهم يواجهون المصير المجهول، فيما تتواصل معاناة عائلاتهم واهلهم الذين لا يترددون حتى بتعريض سلامتهم للخطر من اجل إلقاء، ولو نظرة اطمئنان عليهم من قريب او بعيد. واننا نجدد تضامننا معهم في هذه المأساة العائلية ونكرر مطالبتنا بإخلاء سبيلهم وهذا حقهم الطبيعي الذي تضمنه شرعة حقوق الانسان. من مقتضيات الخير العام أنه يفترض احترام الشخص البشري بحد ذاته، بكل حقوقه الأساسية المرتبة لنموه الشامل، وأنه يقتضي رغد العيش الاجتماعي أي الاستقرار والأمن في نظام لا يمكن أن يتحقق من دون عدالة توزيعية، يولد انتهاكها دائما العنف”.

وسأل: “كيف يمكن أن يعيش بسلام مجتمع تسوده اللامساواة في الحقوق والواجبات، وفي حق التنعم بخيرات الأرض المعدة من الخالق لجميع الناس، ويتزايد فيه عدد الفقراء والمعوزين والمشردين والمحرومين، ويتكاثر الظلم والاستبداد والاستكبار والحرمان؟ مثل هذه الأوساط والحالات تسهل ظهور تصرفات غير إنسانية، واستعمال الأشخاص من قبل منظمات مجرمة وإرهابية، لعمليات الخطف والقتل والسرقة ، كما نشهد اليوم في مجتمعنا اللبناني، وبكل أسف. إن المبرر الأساس لوجود السلطة السياسية وللعمل السياسي هو تأمين هذا الخير العام، ليس فقط للجيل الحاضر، بل أيضا للأجيال المقبلة. ولهذه الغاية تتنظم الدولة برئيس يسهر عليها، ويحافظ على دستورها، ويعمل من أجل وحدة شعبها وبسلطة تشريعية تسن القوانين وتحاسب وتسائل بشأن تطبيقها وبسلطة تنفيذية تتخذ القرارات الإجرائية وتسهر على تنفيذها وبسلطات قضائية وإدارية وعسكرية”.

وأضاف: “نسأل القيمين اليوم على السلطة والعمل السياسي: أي خير عام تؤمنون للشعب اللبناني، وأي مستقبل لأجيالنا المقبلة، وأنتم تتخاصمون وتتراشقون التهم، وتحجمون بالتالي عن انتخاب رئيس للبلاد منذ سنة وخمسة أشهر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، سواء بالمقاطعة أم بعدم اتخاذ أي مبادرة فعلية تسهل إجراء الانتخابات؟ وقد عطلتم المجلس النيابي، واليوم تنذرون بشل الحكومة، وتسهلون انتشار الفساد والرشوة في الإدارات العامة، وتكبلون القضاء، وتستبيحون حرمة القوانين، وتلوثون لبنان الجميل بالنفايات؟

وأكد ان لبنان لا يستطيع النهوض والتحليق، إذا كان أحد جناحيه ضعيفا أو مكسورا. على هذا الأساس قام النظام السياسي في لبنان على المساواة والتوازن في الحكم والإدارة بين جميع مكوناته. ما لم نعد إلى هذا المفهوم، لن يكون للبنان رئيس ومؤسسات وحياة ومستقبل.

وتابع: “إن القضية تضع كرامتنا الإنسانية واللبنانية على المحك. وتشكل مأساة لنا كلبنانيين ووصمة عار، لجهة تشويه معنى مرورنا على هذه الأرض اللبنانية، ولجهة هدم ما ترك لنا الآباء والأجداد من إرث كونوه بالعلم والتضحيات والجهود، وجعلوا من لبنان قيمة حضارية في الأسرتين العربية والدولية”.

ودعا الراعي إلى وقفة ضمير معا، وحوار عميق مشترك لا يستبعد احدا، للتفكير جديا في البحث عن سبل إعادة التوازن والشراكة الحقيقية بين جناحي لبنان المسيحي والمسلم، انطلاقا من الميثاق الوطني وصيغته التطبيقية والدستور، من أجل الخروج من مأساة وطنية تفكك مقومات البلاد وتعطل دوره ورسالته المنتظرين منه في محيطه العربي، وفي تعزيز قضايا السلام والعدالة وحقوق الإنسان على الضفة الشرقية من المتوسط.