IMLebanon

تسارع التمدّن في شرق آسيا يعزّز وسائل النقل المشتركة

train

شهدت دول شرق آسيا تمدّناً سريعاً خلال العقدين الماضيين، وفق تقرير أصدره «البنك الدولي» أخيراً ويُفيد بأنّ عدد السكان في المدن في شرق آسيا زاد بين 2000 و2010 بمعدل ثلاثة في المئة سنوياً، مضيفاً 200 مليون شخص إلى المدن في المنطقة. ونقل التقرير الأسبوعي لـ «شركة آسيا للاستثمار»، الذي أعدّه الخبير أحمد النفيسي، أن تلك الأراضي نمت بمعدل بطيء بلغ 2.4 في المئة سنوياً خلال الفترة ذاتها، علماً أنّ السمة البارزة للتمدٌّن في شرق آسيا هي أن المدن أصبحت أكثر كثافة سكانية، إذ ارتفعت هذه الكثافة بنحو 1.5 مرة من متوسط الكثافة السكانية المدنية في العالم، بزيادة من 5400 إلى 5800 شخص في الكيلومتر المربع الواحد بين 2000 و2010.
وعلى رغم حدوث هذا التحول السكاني الهائل في المدن فإن 36 في المئة فقط من سكان شرق آسيا يسكنون المدن التي تمثّل فقط واحداً في المئة، ما يشير إلى أن التمدٌّن السريع يمكن أن يستمر لفترة طويلة في العقود القليلة المقبلة. ولفت تقرير «آسيا للاستثمار» إلى أنّ التمدٌّن يمثّل دافعاً للنمو الاقتصادي، ونتيجة له أيضاً في شرق آسيا. وتوصّلت دراسات كثيرة إلى وجود علاقة سببيّة بين التمدٌّن وارتفاع مستويات الدخل. فعندما تبلغ معظم الدول مرحلة الدخل المتوسط تصبح على الأقل 50 في المئة متمدٌّنةً في حين ترتفع النسبة في البلدان ذات الدخل المرتفع إلى أكثر من 70 في المئة. يُشار إلى أن العلاقة بين مستوى الدخل والتمدُّن طردية، فإذا ارتفع الدخل سترتفع نسبة التمدُّن لأن ارتفاع معدلات الدخل يرتبط بالتحول في التكوين القطاعي للإنتاج من الزراعة والقطاع الريفي ويتجه إلى الصناعات التحويلية والخدمية المتركزة في المدن. في المقابل، من شأن ارتفاع نسبة التمدُّن تعزيز مستويات الدخل من خلال التكتل الاقتصادي، وتمركز الموارد والمواهب في المدن ما يجعلها عوامل مهمة للنمو الاقتصادي والابتكار.
وأفاد تقرير «آسيا للاستثمار» بأن معدلات نمو التمدٌّن تتفاوت على نطاق واسع بين البلدان في أنحاء المنطقة. فعلى مدى العقد الماضي، شهدت الصين وإندونيسيا وماليزيا وتايلاند أسرع معدلات نمو للتمدٌّن من أي بلدٍ آخر في المنطقة. وتضاعفت نسبة سكان المدن في الصين مسجلةً نمواً تراوح ما بين 30 في المئة و55 في المئة بين عامي 2004 و2014. وفي إندونيسيا نمت من 35 في المئة إلى 54 في المئة. أما في ماليزيا فارتفعت نسبة عدد السكان في المدن من 54 في المئة إلى 74 في المئة، وزادت في تايلاند من 30 في المئة إلى 47 في المئة.
ورجّح التقرير أن تتأثّر دول الخليج سلباً بنمو التمدٌّن في شرق آسيا خلال العقود المقبلة. إذ إنّ زيادة تكثف المدن يعني مسافات سفر أقل، وزيادة في الاعتماد على وسائل النقل العام والدراجات، وهذا بدوره يقلّل من الطلب على الوقود. بالإضافة إلى ذلك، يميل التمدٌّن إلى الارتباط بالتحول عن الصناعات التحويلية إلى الخدمية، التي تعتمد على النفط بمعدل أقل. وإذا أُدير التمدٌّن السريع في شرق آسيا في شكل صحيح، فإن اعتمادها على منتجات النفط سيقل خلال العقود القليلة المقبلة، ما يُضر مُصدّري النفط في الخليج. وهذا سبب إضافي يدفع دول الخليج إلى تنويع اقتصاداتها بعيداً عن اعتمادها شبه الكامل على عائدات النفط.