ذكر مصدر أمني رفيع المستوى لصحيفة “الحياة” أن “بلدة جدرا في ساحل الشوف كانت آخر محطة أقام فيها الإمام السابق لمسجد بلال بن رباح في بلدة عبرا (شرق صيدا) الشيخ أحمد الأسير، وقال أنه توجه منها مباشرة إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت للسفر إلى نيجيريا عبر مطار القاهرة، نافياً ما أشيع عن توقيف شخص آخر في المطار يحمل جواز سفر لبنانياً باسم خالد صيداني، مؤكداً أنه لم يتم توقيف أي شخص أثناء توقيف الأسير”.
ولفت المصدر الأمني نفسه إلى أن “الأسير أقام في مخيم اللاجئين الفلسطينيين في عين الحلوة بصيدا قبل أن ينتقل منه إلى جدرا ومنها إلى المطار”.
وأكد أن “قوة تابعة لفرع المعلومات في الأمن العام داهمت المنزل الذي أقام فيه الأسير في جدرا ولم تعثر على صاحبه الذي توارى عن الأنظار، لكنها أوقفت ابنه رهن التحقيق للاستماع إلى إفادته حول إخفاء والده الأسير. وقال أن صاحب هذا المنزل هو من مناصري الأسير”.
ودعا المصدر الأمني عينه وسائل الإعلام إلى “عدم الاجتهاد والابتعاد عن المبالغة في التعامل مع توقيف الأسير الذي اعترف فور إلقاء القبض عليه في قاعة الانتظار المخصصة للمسافرين إلى القاهرة بأنه هو أحمد الأسير”. وقال أن “فرع التحقيق بإشراف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم يواصل تحقيقه مع الأسير، مشيراً إلى أن التحقيق معه سينتهي خلال أيام ليصار بعده إلى إحالته على النيابة العامة العسكرية تمهيداً لاستجوابه من جانب قاضي التحقيق بعد أن ادعى عليه مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، خصوصاً أن القرار الاتهامي كان صدر غيابياً في حق الأسير خلال محاكمة عدد من أنصاره بتهمة الاعتداء على الجيش في عبرا في 23 حزيران (يونيو) 2013، وهذا ما يسرع البدء في محاكمته”.
واستغرب “ما أشيع عن قيام فرع المعلومات في الأمن العام بحملات دهم أدت إلى توقيف أحد أنصار الأسير في إحدى ضواحي بيروت اعترف بأنه كان يخطط لتنفيذ اغتيالات تشمل بعض الأشخاص”.
وافادت “الحياة” أن “التوسع مع الأسير سيشمل الأمكنة التي لجأ إليها بعد اعتدائه على رأس مجموعة من أنصاره على الجيش، ومن تولّى تأمينها وتوفير الحماية لها خصوصاً في منطقة الشمال”.
وبالنسبة إلى ما أشيع عن توقيف الشيخ يوسف حنينة في المطار قبل توقيف الأسير، ذكرت “الحياة” أن “لا صحة لهذا الخبر مع أنه مطلوب للقضاء بموجب مذكرات توقيف صادرة في حقه، لا سيما أنه يعتبر كاتم أسرار الأسير وبمثابة يده اليمنى، إضافة إلى شقيقه أمجد الأسير المتواري عن الأنظار”.
في سياق متصل، كشفت مصادر قضائية لصحيفة “اللواء” أن “ملف المحاكمات في أحداث عبرا سيتوقف بانتظار ضم أوراق أحمد الأسير إليه، باعتباره أبرز متهم موقوف فيه”.
وكان توقيف الأسير الذي أضاف إلى إنجاز الأجهزة الأمنية اللبنانية إنجازاً نوعياً جديداً، على حدّ تعبير معظم القيادات اللبنانية، قد حظي باهتمام محلي وعلى مختلف المستويات، كما عربياً ودولياً لمعرفة ظروف التوقيف ووجهة هرب الأسير، وإن كانت محطته الأولى مصر ثم نيجيريا، فضلاً عن الخلايا المرتبطة به، لتفتح اعترافاته الأبواب على مصراعيها، لما في حوزته من “بنك معلومات” ستطال شخصيات كانت لها علاقات وعلى أكثر من مجال ومستويات متعددة في لبنان وخارجه.
وذكرت مصادر مطلعة لـ”اللواء” أن “الأسير كان يعدّ منذ مُـدّة لهروبه من لبنان، خاصة بعد انتقاله من منطقة الشمال إلى منطقة صيدا، حيث خضع لعمليات تجميل في وجهه على يد جرّاح سوري غير التي كان أجراها لدى فراره من عبرا، وجرى التقاط صور له أرسلت إلى أحد خبراء التزوير ويدعى “أبو يزن” المقدسي الذي أعدّ له وثيقة سفر فلسطينية مزورة باسم “رامي عبد الرحمن طالب” وبطاقة صادرة عن المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين الفلسطينيين باسم رامز العباسي، ضمن مجموعة أوراق جرى تزويرها، واستحصل من خلالها عى تأشيرة سفر صحيحة إلى نيجيريا”.
وانطلق الأسير قرابة التاسعة من صباح السبت من مخبئه السري في منطقة صيدا باتجاه مطار بيروت، بواسطة سيّارة أجرة مرسيدس بيضاء تحمل الرقم 254635ط جرى توقيف سائقها، وكان يرتدي ملابس مدنية حليق الذقن وبشارب كثيف بعدما أطلق شعره، وبعدما أنجز كافة مراحل السفر، واجتاز الفحص الروتيني عند مدخل المطار والحجوزات ولدى وصوله إلى دائرة ختم جوازات السفر لدى الأمن العام وهي المرحلة الأخيرة، قبل عبوره إلى السوق الحرة، وكان متتبعوه من الأمن العام اللبناني يلاحقونه، وحين تأكدوا من مطابقة ملامح وجه الشخص الحاصل للوثيقة المزوّرة، جرى توقيفه، ونقل إلى غرفة المعلومات في المقر المركزي للأمن العام حيث اعترف بهويته وهوية بعض الأسماء التي كانت تساعده، ومن ضمنها سائق المرسيدس البيضاء، بحسب “اللواء”.
وأفادت معلومات “اللواء” ان “الأسير كان موضع مراقبة منذ عودته إلى مخيم عين الحلوة، حيث تمّ رصد اتصال هاتفي مع “أبويزن” الذي قام بإنجاز وثيقة السفر المزوّرة، بعد ذلك بثلاثة أسابيع، وكانت آخر مكالمة بين الاثنين تمت مساء الجمعة، بكلمات مشفرة، أدى بعد تحليلها وتفكيكها إلى كشف تفاصيل المخطط وموعد السفر”.
كما اشارت مصادر واسعة الاطّلاع لصحيفة «الجمهورية» الى ان التحقيقات الأوّلية التي خضَع لها الأسير «لم تكن صعبة إطلاقاً، نظراً إلى حجم الثقة التي كانت موجودة بأنّه هو الأسير بلا شكّ، «لأنّ كلّ المعلومات عنه كانت موثوقة وعلى جانب كبير من الدقّة، ما جعلَ توقيفَه عملية نظيفة لم يَشعر بها أحد حتى في المطار عندما اصطحبَه ضابط في الأمن العام بلِباس مدني ورافقَه إلى مكتب التحقيق من دون أن ينتبه إلى ما حصل أيٌّ مِن ركّاب الطائرة وروّاد المطار».
وقد اتّخِذت في محيط مبنى الأمن العام – وزارة الهاتف سابقاً في منطقة العدلية، الذي نقِل إليه الأسير تدابير إستثنائية، حيث انتشَر العسكريون في المنطقة لرصدِ أيّ حركة مشبوهة، عِلماً أنّها لم تكن متوقّعة ولكن لا بدّ مِن الاحتراز.
و قال مرجع معني لـ«الجمهورية»: «إنّ البيئة الحاضنة لظاهرة الأسير غير متوافرة في أيّ بقعة من لبنان، وإذا وُجِدت «فإنّها تَعدّ للعشرة». وأضاف: «حتى في عبرا وصيدا ومخيّم عين الحلوة الذي آواه لفترة لم نَرصد أيَّ حركة مشبوهة. ولو لم تتحرّك زوجتُه الثانية وبعضُ رفيقاتها في صيدا لَما شعَر أحدٌ بأنّ هناك ردَّ فعل على عملية بهذا الحجم».
وذكرَ المرجع المعني أنّ التحقيق «كان سَهلاً، وتجاوَب خلاله الأسير في التعريف عن نفسه، وردّ على أسئلة المحقّقين بسهولة، متردّداً في بعض الأسئلة، ليتذكّر وقائع محدّدة واجَهه بها المحقّقون، كاشفاً عن كثير ممّا هو في عهدة الأمن العام من معلومات، فيُؤكّده ويوضح جوانبَ منه كانت تحتاج إلى توثيق وتوضيح من دون أيّ مفاجآت».
وأوضَح المرجع «أنّ الأسير «أكّد المؤكّد» في التحقيقات وكشفَ عن قضايا يمكن اعتبارها «حسّاسة ومهمّة»، لأنّها أضاءت على ملفّات عدّة وكشفَت عن أخرى ستسَهّل عملاً أمنيّاً إستباقياً بدأ بدَهمٍ في مناطق عدّة في جوار صيدا ومنطقة سيروب وعبرا منذ اللحظة الأولى للاعترافات، وسَهَّلَ الإيقاع بعدد من المتورّطين في عمليات كانت متوقّعة أو يخطّط لها ولم يكشف عنها كاملةً بعد».
ونَبَّه المرجع المعني إلى ضرورة الترَيّث في نسجِ السيناريوهات ومنها التي نشِرَت، لأنّ كثيراً ممّا نُشر لم يكن صحيحاً، وأنّ مثولَ الأسير أمام القضاء في غضون 12 ساعة على الأكثر من اليوم سيُغيّر معظمها ويوضح ما ذهبَت إليه بعض المخيّلات.
وعن الأماكن التي خضَع فيها الأسير لتغيير بعض ملامحِه، أكّد المرجع أنّها «باتت في أدقّ تفاصيلها في عهدة التحقيق، أمّا مَن أجرى هذه العمليات، وهل كان يَعلم بشخصية الأسير وأهدافِه مسبَقاً فهذه أمور ليست ثابتة بعد، في انتظار مزيد من التحقيقات، في وقتٍ أخضِع سائق السيارة التي نَقلت الأسير إلى المطار لتحقيق سرّي وسط إصرار على عدم كشفِ تفاصيل أدلى بها، ستكون في تصَرّف الرأي العام فورَ الانتهاء من استثمارها أمنياً لتعزيز الملف الذي سيُحال إلى القضاء المختص.
وأفادت المصادر الأمنية «الجمهورية» أنّ أبو يزن المقدسي من مجموعة الارهابي بلال بدر ومقيم في مخيم عين الحلوة، هو مَن وفّر جواز السفر المزوّر للأسير. لذلك اتّجهت الأنظار الى المخيم تخوّفاً من أيّ تحرّك للتكفيريّين فيه إستنكاراً للتوقيف، خصوصاً أنّ الرفيق الأول للأسير، فضل شاكر، متوارٍ في حيّ الطوارئ داخل المخيم، وقد سَيَّر الجيش دوريات في محيط المخيم وعلى الطريق المؤدية اليه وفي صيدا تحسّباً لتحرّك مجموعات أسيرية للاعتداء على الجيش والأمن العام وبقية القوى الامنية.
وبعد تأكّد نبأ توقيف الأسير، اعتصمت زوجته أمل وعدد من زوجات مناصريه الذين تمّ توقيفهم أو هم متوارون عن الانظار، عند دوّار مكسر العبد احتجاجاً، وقطَعن الطريق المؤدية الى بيروت من الجهة الشرقية مردّدات هتافات مناصرة للأسير.
وبعد مفاوضات مع زوجة الأسير تولّاها عناصر من قوى الامن الداخلي، فتح الجيش الطريق وتمّ فضّ الاعتصام، فيما أوقفت الاجهزة الامنية أحد الاشخاص المشاركين في قطع الطريق (أحمد .ق) وباشرت التحقيق معه.
وفي سياق متصل، أبلغت مصادر فلسطينية في عين الحلوة «الجمهورية» أنّه وبعد توقيف الاسير، لم يَبت فضل شاكر في منزله في حي الطوارئ، وقد نام بعيداً عن أعين المقيمين في الحي تخوّفاً من عملية أمنية مشتركة بين الجيش والقوى الفلسطينية لتوقيفه وتسليمه الى الاجهزة الامنية اللبنانية، خصوصاً أنّه قد تبيّن لهذه الاجهزة أنّ الأسير ومرافقه الشيخ يوسف حنيني باتا الليلة الاخيرة لدى شاكر في عين الحلوة، وأنّ الاسير كان مراقباً ولم يتمّ توقيفه على حاجز الجيش تخوّفاً من أن يكون مرافقه يحمل حزاماً انتحارياً، وبقيت سيارة الأسير مراقبة حتى المطار حيث كان القرار للأمن العام بالتدقيق في جواز السفر المزوّر وتوقيف الأسير.
وتوَقّفَت مراجع أمنية أمام الدعم الفوري الذي حظيَت به العملية. فبَعدما اتّصلَ المدير العام للأمن العام بسلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق اللذين هنّأاه، تلقّى اتصالاً من الرئيس سعد الحريري الذي نوَّه بالعملية، بالإضافة إلى عشرات الاتصالات المماثلة من الداخل والخارج.
وأكدت مصادر امنية لصحيفة “الراي” الكويتية ان الامن العام يحاول التحرك سريعاً لتوقيف عدد من الاشخاص المرتبطين بالأسير قبل هروبهم بعد اعتقاله في المطار، بينما لم يُسجل اي تطور أمني او ردة فعل في عاصمة الجنوب، علماً انه جرى توقيف شخصين في الساعات الماضية: الاول اوقفته القوى الأمنية على خلفية مشاركته في قطع الطريق عند مستديرة مكسر العبد عند الجهة الشمالية لمدينة صيدا (يوم السبت) ويدعى احمد.ق وباشرت التحقيق معه، والثاني الفلسطيني أحمد ع. م وقد أوقفته قوة من الامن العام التي دهمته قرب “بناية البرج” في منطقة عبرا ولم يُعرف سبب التوقيف وما اذا كان مرتبطاً باعترافات الأسير الأولية التي أدلى بها بعد توقيفه.
من جهته، أكد المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود في حديث لصحيفة “السفير” أن “أحمد الأسير سيحال إلى المحكمة العسكرية” بشأن قضية أحداث عبرا باعتبارها الجهة التي تضع يدها على الملفّ”.
ورجحت مصادر قضائية لـ”المستقبل” أن تتم إحالة الشيخ أحمد الأسير الثلاثاء للمثول أمام المحكمة العسكرية بعد الانتهاء من التحقيقات الأولية الجارية لدى “معلومات” الأمن العام تحت إشراف مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود.
وذكرت مصادر قضائية لصحيفة “الأخبار” أن “مسار محاكمة أحمد الأسير امامه عدة عقبات، إذ لا وجود لمحام يترافع عن الأسير، سواء إن اختار الموقوف تعيين محام أو قررت المحكمة الطلب من نقابة المحامين تعيين محام من المعونة القضائية”.
ورأى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ان ما حصل يشَكّل خطوة مفصلية في ملف الإرهاب والتعَدّي على الدولة وعلى المواطنين، وهو إثبات بما لا يقبَل الشكّ بأنّ العدالة لا تموت وأنّ دماءَ العسكريين والمواطنين وأرزاقَهم ليست رهنَ مزاجية أحد وأنّ الدولة إذا “ما قرّرَت، فعَلت”.
وأوضَح ابراهيم لصحيفة “الجمهورية” أنّ التحقيقات التي أجرتها المديرية منذ ساعات التوقيف الأولى قادتهم إلى كثير من الخيوط والمعلومات المهمّة التي سيكشفون عنها في حينها حفاظا على مسار التحقيق. وكشفَ أنّ تطوّرات جديدة ستَشهدها الساعات المقبلة مرتبطة بالملف والتحقيقات، مؤكّداً أنّ جهاز الأمن العام مستمرّ في مكافحة الإرهاب، وتوقيفُ الأسير ليس سوى محطّة. وردّاً على بعض الانتقادات، قال ابراهيم: “ليس لدينا مشكلة مع أحد إلّا مع مَن لديه مشكلة مع العدالة”.
وقالت مصادر أمنية لـ”الجريدة”، إن الأسير بدا هادئاً خلال عملية الاعتقال، ولم يبد أي مقاومة للعناصر الأمنية، مشيرة إلى أنه اقرّ منذ اللحظة الأولى بهويته.
وأضافت المصادر أن فور وصول الأسير إلى غرفة التحقيق طلب لقاء المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بهدف محاولة عقد صفقة تتضمن الإفراج عن العسكريين المخطوفين لدى النصرة وداعش مقابل إطلاق سراحه، وخاطب الأسير ضابط التحقيق، قائلا: «بإمكانكم القول إنكم اعتقلتم شبيهاً لي نتيجة معلومات أمنية خاطئة.