يقول خبراء اقتصاديون إن الأموال التي تودعها وزارة المالية في المصارف الحكومية تشكل خطراً على السياسة المالية للدولة، حيث تعطي تلك المصارف سلفاً مبالغ كبيرة جداً بموجب قرارات حكومية ولا تتمكن من استردادها بعد ذلك، ما يجعل تلك المصارف بابا خلفيا لضياع مدخرات العراق، خاصة أن تلك الأموال كان من المفترض استثمارها في مشروعات تنموية تهم البلاد. وقال الخبير الاقتصادي، ممدوح العامري، إن “هناك تقاطعات بين المصارف الخاصة والحكومية؛ وهذا تتحمله الحكومة التي يجب أن تعامل المصارف العامة والخاصة على حدٍ سواء”، موضحاً لـ “العربي الجديد” أن أغلب القروض الضخمة التي تنفذها المصارف العامة تكون بموجب توجيهات حكومية، وليس من قبل المصارف نفسها. وبين العامري أن “هناك مشاكل في كيفية السيطرة على تلك المصارف، ويجب أن تكون هناك رقابة مشددة ومباشرة من قبل البنك المركزي على تلك المبالغ، خاصة أن أغلب المصارف الحكومية والخاصة غير مؤهلة حاليا لاستقبال أموال لأنها غير جاهزة لذلك، فهي بحاجة إلى إصلاح النظام المصرفي، وإعادة هيكلته بما يتناسب مع الحاجات والضرورات الاقتصادية في البلاد، رغم وجود عدد من المصارف الخاصة مؤهلة لاستقبال ودائع مالية كبيرة”. واعتبر مظهر محمد، مستشار رئيس الوزراء حيدر العبادي، في تصريح صحافي، أنه “في ظل عدم توفر الحماية الكافية للمصارف الخاصة، فإنها قد تتعرض لأزمة سيولة إذا وضعت الحكومة ودائع مالية فيها، وتحتاج تلك الودائع إلى ضمان وأولوية”. وتابع محمد “تلجأ الجهات الحكومية إلى وضع ودائعها في المصارف الخاصة لتقليل الإجراءات الروتينية، فيما تتمتع الودائع المالية في المصارف الحكومية بحصانة خاصة، كونها مسنودة حكومياً وهذه مشكلة”، موضحاً أن إيداع المبالغ الحكومية في المصارف الخاصة يجب أن يتم بشكل تدريجي مع توفر حصانة كافية، كونها أموالا عامة يجب أن تكون في مكانها المناسب. واعتبر مصرفيون أن المصارف الخاصة في العراق لا تمتلك السيولة الكافية، فهي بحاجة إلى الودائع الحكومية تحت إشراف البنك المركزي العراقي. وأشار الخبير المصرفي، عبد الودود الملا، إلى أن هناك حاجة كبيرة للسيولة المالية في المصارف الخاصة، ومن شأن الودائع الحكومية أن تنشط الاقتصاد المحلي عبر تلك المصارف، خاصة أن كثيرا من الشركات والمصانع متوقفة وتحتاج لتمويل لإعادة تأهيلها. وتابع الملا لـ “العربي الجديد” أن المصارف الخاصة تمتلك ضمانات تؤهلها لتقبل الودائع الحكومية؛ فهي تمتلك رصيداً قانونياً في البنك المركزي العراقي، إضافةً إلى أصولها الثابتة والمعروفة. ورأى أن المصارف الخاصة قادرة على استقبال الودائع الحكومية وإعادة ضخها بإشراف مباشر من البنك المركزي العراقي، لافتاً إلى أن “هناك مبالغة بشأن المخاوف المترتبة على وضع ودائع حكومية في المصارف الخاصة، فالرصيد القانوني والموجودات والأملاك الثابتة للمصارف الخاصة تؤهلها لاستقبال الودائع الحكومية وضمانها”. ويعمل في العراق 77 مصرفاً، منها 23 مصرفاً تجارياً خاصاً وسبعة مصارف حكومية ومصرف إسلامي واحد حديث التأسيس، فضلاً عن 15 فرعاً لمصارف أجنبية و34 شركة تحويل مالي و200 شركة صرافة تتعامل مع المصارف أو تابعة لها، وشركة للقروض وأخرى لتمويل المشاريع الصغيرة، وشركات لخدمات الصرافة الإلكترونية والبطاقات الذكية و800 فرع للمصارف تنتشر بكافة محافظات العراق.