Site icon IMLebanon

ثلاثة وزراء طاقة «عونيون»… خطط كثيرة و«الكهرباء الى الخلف در»

Electricity4
رائد الخطيب

لم تكن الاتهامات التي وُجِّهت الى الفريق «العوني» بسوء إدارة الملف الكهربائي، لتأتيْ من فراغ أو أنها مجرد قصف عشوائي، يُرادُ منهُ تحقيق أهدافٍ في المرمى السياسي لهذا الفريق، الذي لطالما برهن بالأرقام المالية وبساعات التقنين الطويلة، أنَّهُ عجز عن تقديم أي انجاز في قطاع حيوي واستراتيجي باتت مديونيته تشكل نحو 50 في المئة من مديونية الدولة.

إن التفحص في توزيع المبالغ المحولة من قبل الدولة الى مؤسسة كهرباء لبنان، يبين أن الحصة من الدين العام التي أسهم فيها وزراء التيار العوني منذ توليهم مسؤولية وزارة الطاقة والمياه، يتعدى مجموعها 9.79 مليارات دولار وذلك منذ تموز 2008 ولغاية شباط 2014. أما اذا تم اخذ تكلفة الفوائد بالاعتبار، فسيتبين أن المبالغ المحولة الى مؤسسة الكهرباء خلال فترة ولاية وزيري التيار العوني (آلان طابوريان وجبران باسيل) لوزارة الطاقة، بالاضافة الى الفوائد المتراكمة عليها تتخطى 12 مليار دولار، أي ما نسبته نحو 62 في المئة من مجموع المبالغ المحولة على مدى عشرين عاماً، هذا دون احتساب بعد المبالغ المحولة في عهد وزير الطاقة الحالي آرتور نظريان. وهو ما سيعني أنَّ ثمة إدارة سيئة لقطاع بات يشكل قلقاً كبيراً للدولة والمواطنين في آن، وقد عكس الشهر الماضي التخبط الذي عاشهُ الطرفان من جراء أزمة صيانة بعض الوحدات في معملي الزهراني ودير عمار فقط، مصحوبة بموجة حر لاهب.

والسؤال الذي يتبادر الى ذهن كل مهتم اليوم هو، هل يفكُّ المخطط التوجيهي للانتاج والنقل العام، الذي وضعته «كهرباء لبنان» هذا القطاع من الأسر؟، هذا السؤال يطرحه القاصي والداني عن حال قطاع التيار الكهربائي في لبنان «مالئِ الدنيا وشاغل الناس»، رغم كثرةِ الخطط (التي باتت بالعشرات) والمؤتمرات عن حال القطاع، والتي تتقاطع في الكثير في ما بينها إلا أنَّها تبقى حبراً على ورق، مع استمرار وضع العربة السياسية أمام حصانِ السباق نحو الحل. وهي العرقلة التي يتفق عليها الجميع دونَ الالتفات الى حل سياسي لمعضلة الكهرباء التي تستنزفُ الخزينة مع مجموع تحويلات وفوائد متراكمة بلغت منذ العام 1992 وحتى نهاية شباط 2014 نحو 29,2 مليار دولار (علما ان تحويلات وزارة المالية إلى كهرباء لبنان بلغت 2,1 ملياري دولار سنة 2014 بارتفاع نسبته 3,3 في المئة عن ملياري دولار في 2013). ورغم انخفاض الدعم للقطاع بفعل انخفاض أسعار النفط ما بين 500 مليار ليرة و600 مليار لعام 2014 (لان انخفاض اسعار النفط تحقق في النصف الثاني من السنة)، من المحتمل أن يزيد على 1000 مليار ليرة للعام الجاري، بفعل احتساب سعر البرميل لموازنة العام الجاري على أساس 80 دولاراً للبرميل.

رغم كل هذا، فان إنتاج الكهرباء تراجع نحو 6 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية بفعل العجز والأعطال والتعديات. فالخسارة التقنية او ما يعرف بالهدر الفني الذي يتسبب بها اهتراء الشبكات وحاجة المعامل الى الصيانة، لا تقلُ عن 40 في المئة، في موازاة خسائر غير تقنية (تلك الناجمة عن التعديات والسرقات) بلغت نسبتها نحو 20 في المئة.

وعليهِ، فإنَّ لجنة الأشغال العامة والطاقة النيابية خصصت خلال الشهر الجاري، أكثر لمعالجة الكارثة الكهربائية التي أنشبت أظفارها بلا هوادة، فاتحةً المجال أمام غزوٍ غير تقليدي متمثلٍ بمولدات الكهرباء الخاصة والتي بات انتاجها يعادل انتاج معامل الكهرباء. لكن المفارقة أن أصحاب المولدات لا يُدخِلونَ «قرشاً» واحداً الى الخزينة، وإذا ما تمَّ احتسبت عمليات البيع التي تقوم بها هذه المولدات فهي بالطبع لا تقل عن 3،5 مليارات دولار.

واستدراكاً للأزمة «اللامتناهية» والتي تبقى معلقة على خطوط التوتر السياسية العالية، فإنَّ مؤسسة كهرباء لبنان أعدت مخططاً توجيهياً للانتاج والنقل والعام، بالتعاون الاستشاري كهرباء فرنسا EDF ما بين العامين 2010 و 2013، قسمتها الى ثلاث مراحل بتكلفة تصل الى نحو 3.1 مليارات دولار، على كافة الاراضي، حيث إن المؤسسة ومجلس ادارتها ومنذ نحو السنوات الخمس الفائتة، اتخذت اجراءات لازمة للقيام بهذه الدراسات للاستثمارات، الواجب القيام بها للتمكن من تأمين التيار الكهربائي 24/24 لجميع المواطنين، وقد رفعت المؤسسة الخطة الى مجلس الوزراء، للموافقة على مخطط حل معضلة الكهرباء المزمنة منذ ما يزيد عن أربعة عقود. وترى المؤسسة أنه دون إنجاز وصلة المنصورية، لا يمكن زيادة الانتاج على الشبكة. وتخلص الى أن المخطط التوجيهي للإنتاج وللنقل العام، إلا أنَّ ذلكَ يتطلب تأمين التمويل اللازم من الحكومة أو الصناديق العربية والدولية واتخاذ القرارات اللازمة في مجلس الوزراء أو اعتماد IPP بخصوص انشاء معامل الانتاج المحددة في المخطط حيث تفضل المؤسسة اشراك القطاع الخاص في استحداث معامل انتاج الكهرباء الجديدة.

وعلى أيِّ حال، فإنَّ رئيس مجلس الادارة المدير العام لـ«كهرباء لبنان» كمال الحايك، تحدث بشيء من الألم والحسرةِ في تعثر حل الازمة المزمنة، من جراء عدم اقرار خطة انقاذية التي تحتاج فعلياً الى «قرار سياسي«.

فالمخطط التوجيهي للإنتاج والنقل العام، يرتقب ان تصل قدرة انتاج كافة المعامل البخارية والغازية والمائية الحالية بالإضافة الى تلك المقترح استحداثها الى حدود 5484 ميغاوات بحلول العام 2025 وذلك ملاقاةً لتطور الاحمال المرتقبة في الـ13 سنة القادمة، حيث من المرتقب أن يصل الطلب لحدود 5083 ميغاوات في العام 2025 انطلاقاً من 2800 ميغاوات في العام 2013.

علماً، ان مجموع قدرة الطاقة الانتاجية حالياً، في كافة معامل الانتاج لا تتخطى 1500 ميغاوات، هذا في حال عدم وجود أي من مجموعات الانتاج في الصيانة، أضف اليها 270 ميغاوات منتجة بواسطة بواخر انتاج الطاقة المستأجرة حديثاً، ليصبح الانتاج العام الآن بحدود أقصاها 1770 ميغاوات بينما الطلب الحالي يقارب 3200 ميغاوات حيث من المرتقب ان يتطور الطلب خلال 12 سنة التي تلت العام 2013، وفق تقديرات الاستشاري EDF.

يبقى أن مشكلات الكهرباء باتت معروفة، إلا أن مقاربة الحلول الناجحة والتقدم على مسارات الانجاز شابته الكثير من العوامل السلبية، وفي طليعتها «الكيد السياسي» وليس آخرها رفض الكثير من الوزراء المتعاقبين على سدة وزارة الطاقة من تنفيذ القوانين، وهو ما يجعل هذا الملف بلا ضوء في آخر النفق….