هاجر كنيعو
لا تزال الحكومة اللبنانية مستمرة بالتخبط في إختيارها أراضي لتجميع النفايات، فبعد إستحداث موقع الكارنتينا المحاذي لمطاحن بقاليان حيث وضعت بالات نفايات العاصمة على مساحة 10 آلاف متر مربع، تبرز باحة AB داخل مرفأ بيروت كاحد الأماكن الممكن إستعمالها لوضع نفايات بيروت بعد وصول موقع الكارنتينا إلى قدرته الإستيعابية.
وإذا كان الإضراب التحذيري الذي نفذه موظفو وعمال المرفأ قد أثبت نجاحه عبر حث وزير الإقتصاد والتجارة آلان حكيم على القيام بزيارة تفقدية إلى إهراءات الحبوب للاطلاع على احوال محيط الاهراء في ظل الحديث عن وصول تجميع النفايات بالقرب منه، إلا انه لم يفلح في صرف نظر المسؤولين عن تحويل باحات المرفأ إلى مركز لتجميع وفرز النفايات، علماً أن مرفأ بيروت يساهم ب 30 في المئة من مداخيل الدولة، التي تتأتى من حركة المرفأ، فهل المطلوب أن ينسحب الشلل في المؤسسات الدستورية إلى المرافق الحيوية؟؟؟
حجم الكارثة ينبع من كون هذه الباحة AB هي ملاصقة للعنبر 19. عنبرٌ محاذٍ لشركة كهرباء لبنان وقريب من إهراءات الحبوب وعلى تخوم منطقة الأشرفية والجميزة. كما يشكل نقل النفايات إلى هذه المنطقة، كارثة حقيقة على الأمن الغذائي، إذ قالها حكيم بالفم الملآن يوم أمس «بتنا اليوم في واقع النفايات على ابواب هذه المؤسسات الغذائية الحيوية، مطحنة من اهم المطاحن تؤمن 40 في المئة من حاجة لبنان الى الطحين، واهراء اهم مورد للقمح الى لبنان، ومنطقة سكنية باتت معرضة لسموم النفايات التي قد يتم تكديسها على مساحة كيلومتر مربع بعلو يناهز 12 مترا مما يعرض هذه المنطقة الى اخطار اكبر مما كنا نلاحق عليها».
ولكن قصة أرض العنبر 19 ليست بهذه البساطة، وتحمل في طياتها العديد من السيناريوهات إذ تشير المصادر إلى أن الأرض هي على مقربة من معمل سوكومي التابع لسوكلين بالتالي فإن الأرض ستكون حاضنة عملية جمع وفرز النفايات في الأشهر الستة القادمة، على إعتبار أن الشركات التي ستفوز بمناقصة جمع وفرز النفايات لن تكون قادرة على المباشرة بأعمالها قبل هذه الفترة. ولكن الإشكالية هنا، أن كل ما يصب في خانة المؤقت يتحول إلى حل دائم وفق العرف المتبع في الدولة اللبنانية! من هنا يبدي رئيس نقابة موظفي وعمال مرفأ بيروت بشارة الأسمر تخوفه من أن يدخل هذا الإقتراح في صلب نتائج المناقصات، كون الشركات المقدمة عاجزةٌ حتى اليوم عن إيجاد أماكن جديدة للطمر عوضاً عن مطمر الناعمة. ويقول « لا يخفى على أحد أن شركتي سوكلين وسوكومي أخذتا الموافقة عليهما بقرار مؤقت، مسلخ بيروت بقرار مؤقت، سوق السمك بقرار مؤقت وغيرها من الأمثلة التي تحولت إلى حلول دائمة. من هنا فإن الإحتمالات مفتوحة في أن تمتد فترة جمع وفرز النفايات في باحة AB من ستة أشهر كما يدعون إلى ست سنوات أو أكثر. من هنا، يعلن الأسمر إستمرار تحركات النقابة بالزخم نفسه، حتى يصرف المسؤولون النظر عن نقل النفايات إلى داخل المرفأ، كاشفاً عن سلسلة من الإتصالات أجريت مع المنظمات العمالية العالمية التي تعنى بشؤون النقل البحري لشرح ما يمر به المرفأ الخاضع للمعايير العالمية من مخالفات فاضحة للأنظمة والقوانين البيئية والصحية العامة، تمهيداً لوضع حد لهذه «المهزلة» والقرارات العشوائية.
أما السيناريو الأخر، وفق المصادر فهو «أن سوكلين ستفرز النفايات في أرض العنبر 19 تمهيداً لترحيلها إلى بلد أوروبي، قد يكون هولندا التي وصلت المفوضات معها إلى مرحلة متقدمة». ويبدو أن هذا الحل مرجحٌ إلى التنفيذ قريباً خصوصاً مع إعلان حكيم يوم أمس «أنه لا حل إلا بترحيل النفايات على رغم من صعوبته ومن لديه إعتراض فليتقدم بإقتراحات أخرى، ونحن نعلم جميعا أن الحلول المقترحة هي إما بالعودة للنظام العمول به حالياً أو بترحيل النفايات».
أمام هذا الواقع، تتجه الإنظار إلى إعلان نتائج المناقصة يوم غد الثلاثاء علّ وعسى يستطيع مجلس الوزراء أن يتخذ قرارات اساسية في معالجة كارثة النفايات القائمة أو يكون تعبيراً عن حالة تخل سياسية من قبل الطبقة الحاكمة في تحمل مسؤولياتها وحمل البلد إلى الخراب!