تراجع سعر صرف الجنيه السوداني في السوق الموازية بنحو 5.2% خلال الأسبوع الجاري، جراء شح العملات الصعبة في السوق المحلية، وسط توقعات بمزيد من التهاوي للجنيه السوداني خلال الفترة القليلة المقبلة.
وقال مصرفيون لـ “العربي الجديد”، إن أسعار الدولار قاربت 10 جنيهات سودانية في السوق غير الرسمية، خلال تعاملات أمس الإثنين، مقابل 9.5 جنيهات في الأسبوع الماضي.
وبلغ سعر الدولار في السوق الرسمية أمس نحو 6.07 جنيهات للشراء و6.1 جنيهات للبيع.
ويعاني السودان طوال الفترة التي أعقبت انفصال جنوبه وتكوين دولته المستقلة قبل أربع سنوات، أزمة في العملات الصعبة لاسيما بعد انسحاب إيرادات النفط جنوباً والتي كانت تشكل نحو 70% من ميزانية الدولة.
وعزا أحد تجار العملة في العاصمة الخرطوم، ويدعى محمد، ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه لقلة المعروض مقارنة مع الطلب. وقال محمد(..) رفض ذكر لقبه لـ “العربي الجديد”: “هناك طلب كبير على الدولار من قبل التجار لمزاولة نشاطهم، هذا يدفعهم للسوق السوداء”.
وفشلت محاولات الحكومة في محاربة السوق الموازية، رغم أن القوانين المنظمة لسوق الصرف، تتضمن ملاحقة تجار العملة غير الرسميين جنائياً من خلال فرق شرطية تابعة للمباحث الجنائية.
ويرى محللون أن إعلان الحكومة من وقت لآخر عن ودائع ومنح خارجية تعمد من خلالها تخفيض سعر الدولار في السوق الموازي، لم يتعد مجرد مسكنات، قد تسهم في تراجع الدولار نسبياً قبل أن يعود لوتيرته التصاعدية مرة أخرى بعد زوال المؤثر.
وتدرج سعر الدولار في الارتفاع مقابل الجنيه السوداني خلال الأربع سنوات الماضية من 2.5 جنيهاً قبيل انفصال دولة جنوب السودان في يوليو/تموز 2011، إلى أربعة جنيهات مع نهاية ذات العام، ليقفز في العام الذي يليه إلى ثمانية جنيهات، ووصل أقصى ارتفاع له في 2014 إلى تسعة جنيهات.
وقاد فشل الحكومة في محاربة السوق الموازي إلى اعتمادها لأول مرة لسعر صرف مرن خلال الموازنة العامة للدولة.
ويقول الخبير الاقتصادي أحمد كمال لـ “العربي الجديد”: الدولار مثله كأي سلعة، إذا زاد عليه الطلب ولم يتوفر بشكل كاف يرتفع سعره”، مشيراً إلى محدودية مصادر النقد الأجنبي في السودان مع غياب مصدر مستقر له بالنظر إلى قلة الصادرات البترولية وغير البترولية.
وأضاف، أن الطلب على العملات الصعبة كبير ومتزايد نظراً لاعتماد البلاد على الاستيراد بشكل أساسي بما فيها استيراد الغذاء والكساء. وأردف، “لذا في ظل عدم توفر الدولار يعمد المستوردون نحو السوق السوداء لتوفير الدولار”.
واعتبر كمال، في ارتفاع الدولار مؤشراً على انهيار الاقتصاد، وأشار لآثاره السلبية على الأسعار والتضخم فضلاً عن تدني الأجر الحقيقي وزيادة الضائقة المعيشية وتوليد الفقر بجانب تأثيراته على صادرات البلاد على قلتها.
وأضاف، “طالما أن الهيكل النقدي مختل والعملة المحلية متراجعة أمام الدولار فالتعاملات في السوق السودانية ستتحول من الجنية إلى الدولار مما يفقد المواطن الثقة في عملته الوطنية، الأمر الذي يمثل خطراً على الاقتصاد”.
ويقول الخبير الاقتصادي عبدالوهاب محمد إبراهيم، إن “الجنية السوداني منذ الانفصال دخل في جولة صراع مع الدولار فقد خلالها ما يقرب أربعة أضعاف قيمته خلال أربع سنوات، وهي خسارة مرشحة للزيادة”.
ويرى إبراهيم، أن الإجراءات التي تتبعها الحكومة حالياً لن تحل الأزمة، وشدد على أن الحل يكمن في انتهاج الحكومة لسياسية الترشيد على طلب الدولار وخلق بدائل محلية للواردات فضلاً عن ترشيد الإنفاق الحكومي فيما يتصل بسفر الوفود، الذي يستنزف رصيد البلد من العملات الصعبة.