اذا كنت تشك بأن أحدهم مضطرب عقلياً، فأمامك طريقة مضمونة النتائج لتتأكد، وهي أن تتثاءب حين يكون قربك ويراك، إذ إن دراسة علمية صدرت حديثاً تؤكد أنه كلما انخفضت نسبة انتقال عدوى التثاؤب إلى شخص ما، زادت المؤشرات على أنه مضطرب وعصياني.
فقد نشر علماء جامعة “بايلور” بولاية تكساس الأميركية، بحثاً علمياً في دورية Personality and Individual Differences المعروفة كأكاديمية مختصة بمراجعة الأقران وتقويم الفوارق والاختلافات وتصدر 16 مرة بالعام، وفيه استندوا إلى تجارب أجروها على 135 طالباً، للبحث عن أولئك ممن لديهم صفات تقترب مما لدى “الشخصية المكيافيلية”، وهو تصنيف لمن يشابه بطبيعته آراء الفيلسوف الإيطالي الراحل نيكولو مكيافيلي، مؤلف كتاب “الأمير” المثير للجدل، وصاحب العبارة الشهيرة “الغاية تبرر الواسطة”، وهي شخصية لا تتمحور إلا على نفسها التي تراها مركزاً لكل ما حولها، في أنانية جامحة لا تعير اعتباراً لأي كان، وهذه واحدة من أهم صفات الإضرابات العقلية والانعزالات المتنوعة عن الآخرين.
وبحثت الدراسة في مسألة التثاؤب المكروه، حيث تم عرض شرائط فيديو متنوعة المحتويات على الطلاب الذين أخضعوهم للتجارب، شاهدوا في بعضها تعابير على الوجه مختلفة يقوم بها بعض الأشخاص، ومنها التثاؤب الذي هو مرتبط إلى حد كبير “بالتعاطف مع الآخر وقبوله”، والطالب الذي وجدوه أقل تثاؤباً مع المتثائبين، اتضح فعلاً أنه من نوع انعزالي ومضطرب ورافض القبول للآخر.
كما توصلت الدراسة إلى ان “الذكر القيادي” أو ما يسمونه alpha male لدى الثدييات، والساعي إلى أن يقلده الآخرون، في جماعات قردة “الرباح” المعروفة بالبابون، “يميل إلى التثاؤب قبل سواه” فقط في رغبة منه بأن يقلده المتواجدون معه، ممن لا يرغب أن يسبقه أحد منهم إلى التثاؤب قبله ويضطره إلى تقليده، وهذه هي الشخصية العصيانية الرافضة التكيف والانصهار، والمعتلة بمس عقلي.
