Site icon IMLebanon

“معجزة” الزبداني.. 5 كيلومترات تستعصي على النظام و”حزب الله”

zabadani

 

سبعة وأربعون يوماً على أعنف حملة يشنها النظام السوري، مدعوماً بقوات من “حزب الله”، على مدينة الزبداني الواقعة على بُعد 45 كيلومتراً إلى الغرب من دمشق، على طريق دمشق ــ بيروت، جرّب خلالها النظام الطرق العسكرية والسلمية مستعيناً بإيران، من دون أن ينجح في السيطرة على المدينة المحررة منذ مطلع عام 2012.

تمكن مقاتلو النظام والحزب بفعل الهجمة الشرسة والإمكانات العسكرية من السيطرة على سهل الزبداني البالغة مساحته 10 كيلومترات مربعة، وهو في الأصل ساحة عمليات عسكرية ولا يشهد تواجداً دائماً لقوات المعارضة، التي كانت تستخدم منطقة السهل كنقطة انطلاق لمهاجمة حواجز قوات النظام على طريق دمشق ــ بيروت، وطريق وادي بردى ومنطقتي الجبل الشرقي والجبل الغربي المحيطتين بمدينة الزبداني وبالسهل الملاصق لها.

غير أنّ كلمة السرّ التي تحاول قوات النظام والحزب اختراقها هي المدينة، التي باتت تشكل حرجًا كبيرًا لدى الرأي العام، فعلى الرغم من السيطرة على بعض المواقع من المدينة، كجامع بردى وطريق ترابي يشبه طوقاً في محيط الزبداني من الجهة الشمالية والغربية، يسهل لهما التنقل في محيط المدينة بين منطقة الجمعيات ومنطقة شارع بردى عند مدخل مدينة الزبداني الغربي، إلا أنّ الفشل لا زال يلازم 12 ألف مقاتل للنظام و2500 مقاتل من “حزب الله” في السيطرة على مدينة الزبداني التي تبلغ مساحتها 5 كيلومترات مربعة، بحسب تقديرات مصادر من حركة “أحرار الشام الإسلامية”، والتي فضّلت عدم ذكر أعداد مقاتلي المدينة لـ”العربي الجديد”.

وتحتفظ قوات المعارضة، بالرغم من تواصل الحملة العسكرية على الزبداني والنقص الكبير الحاصل لديها ولدى السكان في المواد الطبية والأغذية والمحروقات والذخيرة، بالسيطرة على المدينة بشكل شبه كامل، بنسبة تقدر بـ90 في المائة، في مقابل سيطرة قوات النظام على معظم ضواحيها وهي الجرجانية والمعمورة والإنشاءات شرق وجنوب المدينة ومنطقة طريق سرغايا في المنطقة الواقعة إلى الشمال من منطقة السكة شمال الزبداني.

وتسيطر قوات النظام عملياً على بلدة سرغايا، الواقعة إلى الشمال من مدينة الزبداني، لكن قوات المعارضة تتواجد في منطقة الجرود التي تفصل بين بلدة سرغايا والزبداني. وتشارك هذه القوات بالقتال إلى جانب قوات المعارضة شبه المحاصرة في الزبداني، أمّا بلدة مضايا الواقعة إلى الجنوب من مدينة الزبداني، فهي تشهد تواجداً لقوات المعارضة. إلا أنّ هذه القوات لا تقدم أي دعم لقوات المعارضة في الزبداني بسبب قوة النظام و”حزب الله” المتمركزة بين الزبداني ومضايا.

وبشأن وضع قوات المعارضة في مضايا، يؤكد الناشط الإعلامي، رواد علوش، لـ”العربي الجديد”، أن هذه القوات لديها مشاكل داخلية كثيرة وهناك خلافات في ما بينها وقد بايعت إحدى المجموعات تنظيم “داعش” الشهر الماضي وقامت ببث صور على أساس أنّ “داعش” متواجد في الزبداني، مع أنّ الصور كانت ملتقطة في مضايا التي لم تشهد قتالاً في أثناء الحملة العسكرية الأخيرة على الزبداني. وهذه المجموعة التي بايعت “داعش” هي نفسها التي سلّمت الطريق الرئيسي لمدينة الزبداني لقوات النظام إبان اقتحامها الأول للمدينة في شهر شباط 2012 قبل أن تتمكّن باقي قوات المعارضة من استعادة السيطرة عليها لاحقاً.

ويشير علوش في حديثة إلى أنّ “منطقة بلدة بقين المجاورة لمضايا تشهد قصفاً انتقامياً مع قصف مشابه على بلدة مضايا من قبل قوات النظام بهدف الضغط على قوات المعارضة في الزبداني، ذلك أن معظم الساكنين في بقين ومضايا حالياً هم من عائلات الزبداني النازحة منها، وخصوصاً أن هذه المناطق هي مناطق سياحية أصلاً فيها الكثير من مباني جمعيات السكن والاصطياف التي امتلأت بالنازحين”.

وبدأت قوات النظام السوري بتطبيق سياسات تهدف إلى تهجير نازحي مدينة الزبداني المقيمين في البلدات المحيطة بها، والتي تسيطر قوات النظام على معظمها، حيث أفادت مصادر محلية لـ “العربي الجديد” عن “قيام مجموعات من قوات النظام وعناصر “حزب الله” بعمليات تفتيش في منطقة وادي غزال الواقعة عند مدخل مدينة بلودان شرقي الزبداني مباشرة، وهي منطقة ممتلئة بالكامل بالنازحين. وتتألف هذه المنطقة من مباني اصطياف تعود ملكيتها أصلاً لأثرياء من دول الخليج العربي ومن دمشق وحلب وغيرها، سكنها النازحون عن مدينة الزبداني، ليتم أخذ بطاقات النازحين الشخصية وليطلب منهم عبر النداء في الجوامع، التوجه مع أمتعتهم الشخصية إلى حاجز قوات النظام المعروف باسم (حاجز القوس) في مدينة بلودان، ليؤمَروا هناك جميعاً بمغادرة المنطقة”.

ويشرح مسؤولون عسكريون سبب الطرد أن منطقة وادي غزال السياحية، التي سكنها النازحون، تقع قرب معسكر الحرش الذي توجد فيه غرفة قيادة عمليات “حزب الله” في منطقة غرب دمشق. ويبدو أن قوات النظام تسعى لإفراغ هذه المنطقة من السكان لتحويلها بالكامل إلى مقار لـ”حزب الله” الذي يتواجد على أطرافها في معسكر الحرش وفي حاجزي “الريجنسي” وفينيقيا.

تتميز جبهة الزبداني بأنّ معظم عناصر قوات المعارضة، الذين يخوضون معركة الدفاع عنها، هم من أبناء المدينة، حيث توجد في المدينة ثلاثة تشكيلات هي “كتيبة شهداء الحق” التابعة لـ”الجيش السوري الحر”، و”لواء حمزة بن عبد المطلب”، و”لواء مصعب بن عمير” التابعين لحركة “أحرار الشام”. ويحصل هؤلاء جميعاً الآن على الدعم العسكري بالذخيرة والسلاح من “أحرار الشام”.

صمد في مدينة الزبداني حتى اليوم، نحو 500 من المدنيين جلهم من النساء والأطفال من عائلات مقاتلي قوات المعارضة، بعدما تمكنت قوات المعارضة من إخراج نحو ألفي مدني من الزبداني باتجاه بقين ومضايا مع بداية الحملة العسكرية الشهر الماضي. ويعاني الصامدون في الزبداني من ظروف إنسانية صعبة جداً بسبب عدم توفر الماء والكهرباء والمحروقات وانقطاع الإمدادات الغذائية عنهم. كما أنّ الواقع الطبي تردّى في المدينة بشكل كبير أخيراً مع وجود نحو 250 جريحاً بحسب مصادر طبية.

تبدو قوات المعارضة عاجزة عن تحقيق النصر في مدينة الزبداني من خلال فك الحصار إذا لم تحصل على مساعدة من باقي قوات المعارضة الموجودة في ريف دمشق، عبر فتح طريق للمحاصرين في الزبداني من بلدتي بلودان وبقين.