Site icon IMLebanon

“دويلة اللاجئين” تستنزف الدولة!

RefugeesIraq

 

 

حدد سفير فرنسا في لبنان ايمانويل بون ثلاث أولويات لبلاده: تقديم الدعم للمؤسسات اللبنانية وانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، دعم أمن كل اللبنانيين وفرنسا ملتزمة داخل “اليونيفيل” وترغب في تطبيق برنامج تجهيز الجيش اللبناني، ودعم معالجة مسألة اللاجئين السوريين في لبنان.

وعن اللاجئين، تحدث الى صحيفة “النهار” مساعد الامين العام للامم المتحدة للشؤون الانسانية ستيفن أوبراين، فقال: “إن لا جدوى من مناقشة المناطق الآمنة في سوريا إلا اذا برزت نية واضحة لضمان أمن الذين يرغبون في العودة الى هذه المناطق وتوفير سلامتهم. هذه احدى النقاط التي ناقشتها مع وزير الشؤون الاجتماعية وحصل توافق على انه لا يجب ايهام الناس بأن ثمة مناطق آمنة”.

وأضاف: “أعتقد ان الخوف من التوطين، على رغم انه مبرر في عقول الذين يراودهم، في غير محله. المهم اليوم هو اننا نعترف بأن الشعب اللبناني يستضيف رقماً قياسياً لجهة الهاربين من النزاع الصعب والمتواصل في مناطق النزاعات في سوريا. هذا أمر حيوي وخصوصاً لجهة مساعدة الشعب اللبناني في الحفاظ على دعمه الشعب المحتاج”.

صحيفة “السفير” كتبت: “هي من المرات النادرة التي يتوافق فيها اللبنانيون على أن عبء النزوح السوري أكبر من قدراتهم الهزيلة وقدرات دولتهم المفترضة. لكن توافقهم لا ينعكس بأي حال ترجمة عملية لإيجاد مخارج لأزمتهم، وأزمة حوالي مليون و170 الف نازح سوري مسجلين.

فقد أبلغت المنظمات الدولية الدولة اللبنانية، عبر وزارة الشؤون الاجتماعية، أنّ مبلغ الـ 12 دولاراً الذي تدفعه شهرياً الى النازح السوري كبدل لتأمين الطعام، سيتوقّف نهائياً في شهر تشرين الثاني المقبل. وكان هذا المبلغ قد انخفض من 29 دولاراً الى 19 ثم 12 دولاراً. وتعزو المنظمات الأسباب الى عجزٍ متزايد في ميزانيتها المخصصة للنازحين.

اذاً، شهر تشرين الثاني سيكون مفصلياً في هذا المجال، مما يفرض، نظرياً، استنفاراً عاماً للبحث عن حلول. لكن الواقع غير مشجّع ولا مطمئن. فمجلس الوزراء في شبه اجازة قسريّة والمجلس النيابي ينتظر نفض الغبار عنه. أما الرهان على بُعد النظر والتخطيط والاستعدادات المسبقة ووضع الخطط المتوسطة والبعيدة المدى، فتعاطي الدولة وأمرائها مع كل الملفات، من «أخطرها» كالانتخابات الى «أتفهها» كالنفايات وكأنها فاجأتهم بتوقيتها، ما يُسقط كل رهان وأمل.

وأضافت “السفير”: “هي أزمة جديدة تطل على اللبنانيين وشركاء بؤسهم من السوريين. فالمعنيون بهذا الإجراء ووقف المساعدات هم الفقراء الذين تقفل في وجههم آخر كوّة مساعدة.

فكيف تستعد الدولة للتعاطي مع الموضوع؟ هل تعي أبعاده الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الأمنية على البلد؟

وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي استمع الى المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمية ارثارين كوزين تبلغه قرار وقف المساعدات في تشرين، تزايد إحساسه بالعجز «جراء عيشنا في دولة مشظاة.. في أشلاء دولة».

كيف يمكن مواجهة الواقع الذي سيستجد وتداعياته؟ يقول «لدينا خطط عرضناها منذ البداية. لكن كيف يمكن إنجاز أي أمر ومجلس الوزراء معطّل؟ هناك فريق يخلط الأمور ببعضها بعضاً من باب الشعبوية والديماغوجية. فيحولون الحق البديهي مثلاً في تسجيل المولود السوري في مفوضية اللاجئين إلى قضية اندماج وإقامة وتوطين. فإذا كانت الأم اللبنانية عاجزة عن اعطاء ابنها الجنسية، فكيف بالأم السورية؟».

ربما تكون «المنطقة الآمنة» التي يُحكى عنها على الحدود التركية، فرصة يمكن الاستفادة منها لتخفيف الضغط على لبنان، عبر إرسال بعض النازحين الى تلك المنطقة، برأي درباس الذي يخشى «أن تأتي هذه الفرصة ونضيّعها كما سواها من الفرص ونحمّل المسؤولية للآخرين». إلا أنه يرى أن ذلك يتطلب عناصر عدة منها خطة وطنية واضحة، تنسيق مع الدول العربية لتمويل حل كهذا، مخاطبة المانحين للاستثمار في تلك المناطق لخلق فرص عمل.

يعي درباس كل المخاطر الناتجة عن النزوح السوري. يذهب أبعد من ذلك ليقول «لن يرعى لنا أحد بيتنا إن لم نفعل. ففي مقابل أربعة ملايين لبناني هناك مليونا شخص غير لبناني. وعدد السكان يبلغ في بعض المناطق 570 شخصاً في الكيلومتر الواحد وهي من اعلى النسب العالمية. كل ذلك في بلد تتراجع نسب النمو فيه، ولا تملك حكومته القدرة على الاجتماع وإدارة الامور بحدها الادنى. فماذا بمقدورنا ان نفعل؟».

في موازاة العجز السياسي عن مواجهة هذه الأزمة، تتنبه مصادر معنية الى تداعياتها الأمنية. ويؤكد أحد السياسيين المطلعين، أن الاجهزة الامنية توقفت عند خبر تجميد المساعدات في تشرين الثاني، ربما بقدر أكبر من توقف السياسيين عنده. «فالجوع يُخرج أسوأ ما في الانسان، وبالتالي الخوف مشروع ومبرر من ازدياد الأعمال المخلّة بالامن. فإضافة الى التهجير والتهميش، سيُحرَم أكثر من مليون شخص من الحد الأدنى من المساعدة. فإذا افترضنا أن خمسة في المئة منهم فقط اختارت الخروج عن القانون، فهذا رقم ضخم يُضاف الى الأعباء الأمنية الكبيرة في هذه المرحلة. لذا فإيجاد الحل ليس ترفاً او خياراً، وعلى الحكومة ان تعمل لإيجاد الحلول، بأي ثمن كان».