Site icon IMLebanon

“الموقف البحري”… بواخر نفايات تشبه بواخر الطاقة

باخرة نفايات - هونغ كونغ
باخرة نفايات – هونغ كونغ

سلام طرابلسي

تتزايد المؤشرات لإمكانية اعتماد “الحلول البحرية” كمخرج لأزمة النفايات، ان على صعيد التصدير إلى الخارج، او على صعيد “استحداث موقف بحري” كما بات يشاع مؤخراً في أروقة السياسيين. والموقف المشار إليه عبارة عن إستئجار بواخر ترسو قبالة الساحل اللبناني، وتوضع النفايات داخلها، الى حين الاتفاق على حلّ نهائي. وهذا الاتجاه له الأرجحية على حساب الحلول الأخرى التي اصطدمت بمعارضة المواطنين في المناطق، وبالأكلاف المرتفعة، علماً ان الحلّ البحري لا يختلف في كلفته عن باقي الحلول، بل على العكس، فإن كلفته أعلى.
غير ان من يروّج لهذا الرأي من السياسيين، وإن بشكل غير معلن حتى اللحظة، لا يقدّم الشرح الوافر لهذا الحل، حتى أن أطراف السلطة، يفضّلون التنصّل من تحديد موقف واضح مما يحصل، وهذا ما برهنته جولة “المدن” على عدد من السياسيين الذين إمّا فضّلوا عدم الكلام، وامّا تنصّلوا عبر التخلّف المتكرر عن الالتزام بمواعيد الإجابة. وهذا التخبّط يوضح عدم تبلور حلّ حقيقي برغم اتفاق الجميع على خطورة الازمة، ويترك الاحتمالات مفتوحة على التكهن حول مصير النفايات في حال اعتماد حلّ الموقف البحري. فالبواخر عبارة عن كلفة مستمرة، والجهة التي ستدفع الكلفة مجهولة حتى الآن، ومصير النفايات المُحمّلة مجهول أيضاً، إلا اذا كان القصد التمهيد للتخلص منها عبر رميها في عرض البحر، عندما يعتاد الناس على وجود البواخر.

ويتزامن الحديث عن الموقف البحري مع اضراب تحذيري لموظفي وعمال مرفأ بيروت احتجاجا على بدء التحضيرات في المنطقة “أ.ب” AB لتجميع النفايات فيها، الا ان الاعتصام عُلّق بعد تطمينات أعطاها رئيس الحكومة تمام سلام بعدم رمي النفايات هناك. وكان أبو فاعور قد اتصل برئيس الحكومة وأطلعه على مخاطر وضع النفايات في المرفأ، لا سيما بوجود إهراءات القمح. وتبلغ منه قراره وقرار وزير الداخلية نهاد المشنوق بعدم وضع أي نفايات في هذه المنطقة حرصاً على الصحة والسلامة العامة. وفي جميع الاحوال، فإن تعليق الاضراب لا يعني الغاءه، وفق ما أكده رئيس نقابة الموظفين في المرفأ بشارة الاسمر، مشيراً الى أن أي “عودة لقرار رمي النفايات داخل المرفأ سيؤدي الى إقفاله من جديد”.
وقد سبق الاضراب توقفٌ عن العمل يوم أمس، حتى الظهر في ظل مراقبة مشددة من قبل نقابة وموظفي وعمال المرفأ منعاً لرمي نفايات إضافية. وتتابع النقابة اتصالاتها مع المسؤولين كافة لحل هذه المشكلة وابعاد الاخطار البيئية عن مرفأ بيروت.

اتجهت الانظار من البر نحو البحر، وفي المكانين تُجابَه سياسات الحكومة بالرفض الشعبي، ففي الشارع رفض الأهالي تحويل برّهم الى مكبات عشوائية، وفي البحر يرفض عمال المرفأ تحويل بحرهم الى مكب عشوائي، سواء عبر توسيع رقعة رمي النفايات في المرفأ، او من طريق دفع المكب كلياً بإتجاه البحر، وتكبيد الخزينة أعباءً إضافية، تماماً كما حصل مع بواخر الطاقة التي أتت لحل أزمة الكهرباء فزادت الطين بلّة، وها هي بواخر جديدة يتم التمهيد لقدومها، وبالتالي لجعلها بواخر نفايات تقف بالتوازي مع تلك التي ترسو في الجيّة بلا أي انتاج.