IMLebanon

كل شيء يتأخر ويتراجع.. والمشكلات وحدها تتقدم 50 أزمة ومخالفة في كل المجالات.. ولا مسؤول ولا مخالف!

electricity

عدنان الحاج

يوجد في لبنان حالياً أكثر من 10 أزمات من دون وجود أي مذنب أو مسبب لهذه الأزمات، نتيجة ضياع المسؤوليات وتهرب المسؤولين الحاليين بإعادة أسباب الأزمات إلى مسؤولين سابقين، مع العلم أن المسؤولين الحاليين أمضوا أكثر من 10 سنوات في المسؤولية عن مهام هذه الوزارة أو تلك.

وإذا توقف الأمر عند التعداد الفوري والسريع للمسؤوليات الضائعة والتي تسبب أزمات فإن الأمر يطاول كل القطاعات الرسمية تقريباً حيث يظهر الفشل أينما ظهرت مسؤولية وزارات وإدارات الدولة.
أمران يجب إبعادهما عن الأزمات المتزاحمة:

1 ـ الأمر الأول يتعلق بالاستقرار النقدي، حيث تتولى السلطات النقدية وفي مقدمتها مصرف لبنان والقطاع المالي والمصرفي إدارة القضية النقدية بالحد الأقصى من الحذر منعاً من اهتزاز الاستقرار النقدي الذي ينعكس بشكل واسع على الوضع الاجتماعي والمعيشي لأصحاب الدخول المتدنية والمتوسطة الذين لا يملكون مدخرات كبيرة بالعملات وبالليرة وهم الفئة الأكثر تضرراً على كل الصعد.

2 ــ النقطة الثانية تتعلق بالاستقرار الأمني الذي تجهد الأجهزة الأمنية، لا سيما الجيش من أجل توفيرها بالحدود الدنيا في ظل انتشار الأحداث في الدول المجاورة وفي بعض المناطق التي لا تزال بعيدة عما تبقى من مصالح الناس وفرص عمل الشباب التي تزداد صغراً وتوسع فرص البطالة على حساب فرص العمل. وقد زادت معدلات البطالة أكثر من 10 في المئة خلال السنوات الثلاث الأخيرة نتيجة عوامل تقليص فرص الاستثمار وتراجع الاستثمارات والرساميل الوافدة إلى لبنان بأكثر من 35 في المئة بالحدود الدنيا، وهي قد تكون أكبر من ذلك في حال احتساب الاستثمارات التي كانت موجودة وتراجعت أو هجرت البلاد.

3 ـ في ما خص التعاملات المصرفية تكفي الإشارة إلى أن الشيكات المتقاصة تراجعت أكثر من 6.3 في المئة مما يؤشر بشكل بسيط إلى تراجع النشاط التجاري ونمو ملحوظ في عدد الشيكات المرتجعة لأسباب مختلفة أبرزها تزايد الديون المشكوك بتحصيلها والتي فاقت 5.7 مليارات دولار، وهي تزيد عن نسبة 4 إلى 4.9 في المئة، ومرجح لها أن تزيد خلال استمرار الأزمة القائمة.

4 ـ عمليات الصرف الجماعي التي كانت تقوم وزارة العمل بمعالجتها تتزايد بشكل ملحوظ في العديد من المؤسسات من دون تسجيل أي وجود لحركة نقابية أو مطلبية، أو من دون بروز شكاوى العمل التي تصل عدد دعاويها أمام المحاكم إلى المئات والآلاف مع تعطيل مجالس العمل التحكيمية وعدم السماح بأي نشاط سوى معالجة عمليات الصرف بتحصيل التعويضات وليس العودة إلى العمل.
تكفي الإشارة إلى أن التحرك المبكر من قبل المضمونين في مرسوم نهاية الخدمة بات يفوق 62 في المئة من طالبي تصفية التعويضات. والتحرك المبكر كما هو معروف هو لإنهاء خدمات المضمون وتصفية تعويضه قبل بلوغ السن (64 سنة) أو قبل تمضية 20 سنة خدمة وما فوق، وهذه الحالات تجعل الأجير يخسر ما بين 50 إلى 25 في المئة من قيمة تعويضاته نتيجة التصفية المبكرة بسبب حاجة اجتماعية أو معيشية، وهي حال القسم الأكبر من طالبي تصفية التعويضات خلال الفترة الأخيرة من السنوات الثلاث وحتى اليوم. وهذه الحال كانت سائدة خلال الحرب الأهلية اللبنانية وتقطع أوصال الوطن وانتشار خطوط التماس بين مراكز العمل ومناطق سكن الطبقة العاملة.

القضية تنتشر بشكل كبير مضافاً إليها هذه المرة انتشار النفايات في زوايا الشوارع والمناطق. وانتشار تزايد تقنين الكهرباء وتزايد حالات الأعطال وأعمال الصيانة التي تنشط في مواسم الصيف والشتاء حيث تزداد الحاجة لاستهلاك الكهرباء وتصل حاجة الاستهلاك الحالية إلى ثلاثة آلاف ميغاوات بينما الإنتاج دون 1500 ميغاوات وهو قابل للنقصان وليس للزيادة نتيجة سياسات خطط الكهرباء، تحكمها المصالح والسمسرات والعمولات قبل وبعد التلزيم وخلاله من دون حسيب ولا رقيب ولا مسؤول عن أعباء الناس.
كل شيء يتناقص في البلاد من الخدمات والتقديمات باستثناء الأزمات والأعباء المعيشية التي تزيد وترفع فاتورة المواطن المتعددة الرؤوس لتأكل كامل دخله إذا توافر بين الاشتراكات والمولدات الخاصة والقدرات الذاتية لشراء الطاقة والمياه في عز موسمي حر الصيف وبرد الشتاء.
أما اهتمامات الدولة فهي في مكان آخر لا أحد يعرفه سوى أصحاب المصالح والتنفيعات على حساب المالية العامة والخدمة العامة والمصلحة العامة. إضافة إلى كوارث مخالفات الصحة العامة بتراكم الجراثيم المتأتية عن زوايا النفايات.
هناك أكثر من خمسين أزمة في لبنان ولا مسؤول عن أزمة واحدة، هناك خمسون سرقة ولا يوجد سارق واحد، هناك خمسون مخالفة عامة ولا يوجد مخالف واحد، بينما كل القطاعات تتراجع ويخسر لبنان ما تبقى من ميزاته بتواطؤ وصمت من دون اعتراض أحد.