سلوى بعلبكي
يمر لبنان منذ أعوام بأزمة سياسية وظروف اقتصادية حرجة، إلاّ أن اللافت ان ما يحصل لم يتزامن مع “نكسة” عقارية، وإن كان يشوب السوق العقارية جمود هذه السنة ترجم انخفاضاً في الاسعار قارب الـ4 %.
لا يزال الخبير العقاري رجا مكارم على اقتناع يلازمه منذ نحو 7 أعوام، بأنه رغم كل الظروف التي يمر فيها لبنان ورغم الأزمات التي تحوطه، فإن الوضع العقاري لا يزال متماسكاً رغم بعض الانخفاضات الطفيفة في الاسعار. وقد ابدى تفاؤلاً بأن الايام المقبلة ستكون أفضل مع اقتراب الحل لبعض الازمات التي يعانيها لبنان وخصوصاً حيال رئاسة الجمهورية، مشيراً الى اننا “صرنا اقرب الى آخر النفق من أوله رغم الضبابية
الموجودة”.
ولكن هذا التفاؤل، وفق مكارم، يشوبه بعض الحذر. فالمناعة التي يتمتع بها القطاع العقاري “تتآكل شيئاً فشيئاً. فالى متى يصمد القطاع، لا أعرف”.
وثمة مفارقة يشير اليها مكارم، إذ يلفت الى أنه رغم الجمود الحاصل، شهدت السوق العقارية خلال الاسبوعين الماضيين صفقات عقارية مهمة تمثلت ببيوعات (شقق فخمة واراض) بين الاشرفية والوسط التجاري بمبالغ راوحت بين 3 ملايين دولار و15 مليوناً، لافتاً الى أن سعر متر الاراضي التي تم بيعها في شارع سرسق وصلت الى 2500 دولار، علماً أنها كانت أقل من 2000 دولار قبل عامين، بارتفاع 25%. ولكن هذا لم يمنع مكارم من القول “أن ثمة تباطؤاً بدأ في العام 2010 وترجم تراجعاً في أسعار الشقق بين عامي 2013 و2014 نحو 0,7%. وفي 2015 بيّنت الدراسة التي أجرتها شركة “رامكو” للاستشارات العقارية لنحو 350 مشروعاً قيد الانجاز أن ثمة انخفاضاً يقدر بنحو 4%، أي قبل الحسومات التي يجريها المطوّرون للزبائن. ولكن هذه النسب لا تزال معقولة برأيه، مقارنة بالظروف التي نمر فيها، “علماً ان الجميع كان ينتظر انهيارات في الاسعار ولكن هذا لم يحصل. فهذا الوضع يراوح مكانه منذ 5 أعوام”.
وما يجعل السوق العقارية متماسكة، بحسب مكارم، هو “انه لا توجد مضاربات، فالناس تشتري لسكنها الخاص، وهذا ما يجمّد وضع السوق نوعاً ما”، لافتاً الى أن 99% من الطلبات على العقارات هي محض لبنانية، وهذا دليل عافية. إذ أن المالك الاجنبي لن يصمد أمام أي هزّة أمنية أو سياسية وسيهرع الى بيع العقار، على عكس اللبناني.
ولا ينفي ظاهرة بيع الخليجيين لعقاراتهم في لبنان، ولكنه يوضح أن عمليات البيع لا تشمل بيروت بل تقتصر على المناطق الجبلية. أما بالنسبة الى السوريين فإن السوق العقارية لم تلاحظ اي تغيير خلال الاعوام الاربعة الماضية. فالميسورون منهم يملكون شققاً في لبنان قبل أن تقع الاحداث في بلادهم، أما الباقون فيلجأون الى الايجارات، وهذا ما رفع نسبها على نحو لافت وخصوصاً خارج بيروت.
أسعار الشقق في بيروت
ويشير مكارم الى أن معدل سعر الشقة في وسط العاصمة بمساحة 330 متراً (6700 دولار للمتر الواحد)، نحو مليونين و200 الف دولار. أما في الاشرفية فيبلغ سعر الشقة بمساحة 229 متراً نحو 826 الف دولار.
ويوضح أن الاسعار في بيروت الادارية لا تقل عن 2100 دولار للمتر الواحد. ففي طريق الجديدة مثلاً لا يقل سعر المتر عن 2400 دولار، الباشورة (2100 دولار)، والبدوي (2600 دولار). أما الشقق المطلة على البحر فتراوح اسعارها بين 7 آلاف و10 آلاف دولار للمتر الواحد للطوابق الاولى.
ويشير الى أن ثمة 10 آلاف و100 شقة قيد الانشاء، بإنخفاض نسبته 3,8% عن العام 2014. وثمة 19 مشروعاً قيد الانجاز في منطقة وسط بيروت (140 شقة).
ويلاحظ مكارم أن احجام الشقق بدأت تتقلّص، إذ انخفضت نحو 14 متراً بين 2014 و2015، اي أن معدل مساحة الشقة في بيروت الذي كان يبلغ 252 متراً انخفض الى 238 متراً، ومن 333 متراً الى 238 في وسط بيروت. اما في الاشرفية فباتت مساحة الشقق بين 325 و 400 متر بعدما كانت تراوح بين 450 و 600 متر.
والدراسة التي أنجزتها “رامكو” في ربيع 2015، شملت 345 من المباني السكنية قيد الإنشاء في نطاق بيروت البلدي، وتكشف أن متوسط سعر شقة (في الطابق الأول) انخفض 4% بين عامي 2014 و2015. ومتوسط حجم الشقق قيد الانشاء 331 متراً مربعاً، يعكس سعراً وسطياً للشقة بـ 2,210,749 دولاراً.
ووفق مدير شركة “رامكو” كريم مكارم فإنه نظراً الى خفوضات المطورين، وتقليص مساحة الشقق السكنية الجديدة، انخفضت قيمة الشقق مقارنة بعام 2014.
وتظهر الفوارق الكبيرة في الأسعار خارج وسط بيروت التجاري، إذ تشير “رامكو” الى أن الاسعار تراوح في الأحياء الراقية، مثل عين التينة وسرسق، بين 4,900 دولار و 5,250 دولاراً للمتر المربع في الطابق الأول. أما في الأحياء المتوسطة في الأشرفية (مثل البدوي وحي السريان) فتبدأ الاسعار بـ 2,600 دولار للمتر المربع.