IMLebanon

روسيا تقرر شرعنة الصيرفة الإسلامية

IslamicBank
أليكسي لوسان

تشكلت في روسيا مجموعة عمل لإدخال الصيرفة الإسلامية إلى أسواق المال الروسية، ولتحقيق ذلك، فإنه من المزمع إجراء تعديلات في قانون ” المصارف والنشاطات المصرفية”.
ذكرت ذلك وكالة ” تاس” الروسية للأنباء نقلاً عن دميتري سافيلييف، رئيس هذه المجموعة ونائب رئيس لجنة الأسواق المالية في مجلس الدوما ( المجلس الأدنى للبرلمان الروسي). وبحسب قوله، فإن مجموعة العمل سوف تضم ممثلي المصرف المركزي الروسي، ووزارتي المالية والتنمية الاقتصادية. وأشار سافيلييف إلى أنه يجري التخطيط للسماح للمصارف الروسية بممارسة النشاطات التجارية، نظراً لأن الصيرفة الإسلامية تمنع منح الأموال بفائدة محددة، حيث تعرض في معظم الحالات عملية تبادل سلعة بأخرى.
من جهة أخرى، يقول قسطنطين بايموخاشيف المحامي في شركة UFS الاستثمارية، إن التعديلات التشريعية سوف تلعب دوراً هاماً في جذب استثمارات ضخمة إلى الاقتصاد الروسي، وبخاصة من جانب المستثمرين العرب.

الأسباب الرئيسة

وكان رستم مينيخانوف رئيس جمهورية تترستان ( الإقليم الروسي الذي تعيش فيه غالبية مسلمة) قد أعلن في يونيو/ حزيران الماضي، في إطار منتدى ” قمة قازان”، بأن الأموال الإسلامية سوف تساعد الشركات الروسية في تعويض النقص في التمويل نتيجة الفتور السياسي في العلاقات ما بين روسيا والغرب.
وبحسب بيانات التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي، فإن التمويل الإسلامي في جميع أنحاء العالم سوف يصل في نهاية عام 2015 إلى 3.4 ترليون دولار. وقال رستم مينيخانوف إن ” البلدان الإسلامية لم تنضم إلى محاولات عزل روسيا عن الساحة الدولية، كما أظهرت الأحداث الأخيرة في الاقتصاد العالمي أن المصارف الإسلامية تساعد في مواجهة الأزمات العالمية وتكمل النظام المالي”.
ويُعدّ رئيس تترستان بالذات قائد عملية توجه الصيرفة الإسلامية نحو روسيا، ففي 14 يوليو/ تموز الماضي وقّع مينيخانوف وغيرمان غريف رئيس أكبر مصرف في روسيا ( مصرف التوفير) اتفاقية تعاون في تقديم الخدمات في قطاع التمويل الإسلامي في جمهورية تترستان.
وبدوره، أوضح أحمد محمد علي المدني رئيس مجموعة بنك التنمية الإسلامي لموقع ” روسيا ما وراء العناوين”، أنه يجري تداول السندات الصادرة وفق أحكام الشريعة الإسلامية في البلدان غير الإسلامية أيضاً، بما فيها بريطانيا، وأن الحجم الإجمالي لمثل هذه السندات في جميع أنحاء العالم وصل إلى 120 مليار دولار، ويعتقد المدني بأنه ” يمكن تقديم تترستان باعتبارها مركزاً للصيرفة الإسلامية في روسيا”.
وكان مصرف ” أك. بارس”، أكبر مصرف في تترستان، قد جذب مؤخراً استثمارات وفق أحكام الشريعة الإسلامية. أما شركة ” أليانس” المحلية للتأمين فقد بدأت في شهر يناير/ كانون الثاني من هذا العامببيع باقة ” حلال ـ إنفيست”للتأمين الإسلامي.

المعوقات الرئيسة

يقول سيميون نيمتسوف المحلل في شركة ” روس ـ إنفيست” للاستثمار إن ” إدخال التمويل الإسلامي إلى النظام المصرفي الروسي، يعدُّ إشارة إيجابية، فهذا النوع من البزنس يكتسب زخماً كبيراً في جميع أنحاء العالم. كما أن تطوره داخل روسيا يسمح بتنويع مصادر جذب الاستثمارات، إضافة إلى أنه يزيد من ثقة المتدينين بالنظام المصرفي”. ولكن مع ذلك، لا يجب توقع حدوث قفزة كبيرة في تدفق التمويل الإسلامي من البلدان الإسلامية.
من جهته، يقول قسطنطين كوريشينكو رئيس قسم الأسواق المالية والتمويل الهندسي لدى أكاديمية الاقتصاد الوطني والخدمة الحكومية، والنائب السابق لحاكم المصرف المركزي الروسي إن ” الصيرفة الإسلامية هي مفهوم عقائدي وديني قبل أن تكون هناك أمور مالية، ولذلك يوجد عدد كبير من المعوقات أمام إدخالها في النظام القانوني والمالي في روسيا”.
ويرى كوريشنكو بأن تقسيم الأموال بحسب مصدرها الأصلي، والمفهوم السلبي للفائدة والصفقات العاجلة، كل ذلك يعقّد مسألة التوفيق ما بين الصيرفة “الإسلامية” و” المسيحية” إلى حد كبير. ويوضح كوريشينكو بأنه من الأسهل إدخال مثل هذه الآلية إلى البلدان ذات الأسبقية القضائية قياساً إلى روسيا، حيث يعمل مبدأ القانون المعياري فقط. وفي هذا الصدد، فإن إدخال الصيرفة الإسلامية يرتبط بإعادة النظر، إذا أمكن ذلك، بالقوانين الرئيسة.
ويرى قسطنطين بايموخاشيف أن هناك اختلافاً جذرياً بين النظامين الماليين الإسلامي والروسي، ويفسر قائلاً إن” المصارف الإسلامية لا تمنح قروضاً لزبائنها بمفهومها الكلاسيكي، بل تبيع سلعة حقيقية أو تعمل كشريك ( مشارك في الاستثمار) في مشروع ما، وتتحمل المخاطر المحتملة بالتساوي مع الزبون.

وإضافة إلى ذلك، فإن الصيرفة الإسلامية تعكس أحكام الشريعة وتمنع تمويل أنواع محددة من النشاطات التجارية، منها على سبيل المثال؛ منح قروض للشركات التي تنتج الكحول أو تبيعها، أو تلك الشركات التي تمارس الوساطة المالية أو غيرها. ويضيف بايموخاشيف قائلاً إن ” الاختلاف ما بين النظامين الماليين كبير جداً، ذلك أن إدخال التغييرات المناسبة في القانون لا تعدو كونها جزءاً صغيراً من ذلك الطريق الذي يتعين قطعه لدى تنفيذ عملية إدخال الصيرفة الإسلامية في النظام المصرفي الروسي”. وبحسب قوله أيضاً، فإن التمويل من جهة المستثمرين الإسلاميين يمكن أن يكون بديلاً لأسواق المال الغربية.