اعتبر رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس أن «الموضوع الاقتصادي سيفرض فرضاً على الاجندة الوطنية بقوة الواقع في وقت ليس ببعيد»، معلناً ان «كل واحد في المئة تراجع في الاستهلاك يخسر الناتج 400 مليون دولار، وهذه مصيبة كبيرة وأسطع دليل على الازمة الخانقة التي يعيشها القطاع التجاري».
وتخوّف شماس في حديث لـ»المركزية»، من «التعثر المالي للتجار والذي يهدّد بتظاهرة «الدينامو» أي انتشار عدوى الإفلاسات من منطقة الى منطقة ومن قطاع الى آخر وتفشي ظاهرة الشيكات المرتجعة».
وأضاف شماس: أوافق رئيس اللقاء الديموقراطي على كل رقم تقدم به، هذه الارقام ثابتة وموثقة وتعود بالتاريخ الى اوائل التسعينات، ودقّ ناقوس الخطر، ونحن كهيئات اقتصادية وكجمعية تجار بيروت كل مسعانا منذ سنوات ولغاية اليوم، ان تضيف الطبقة السياسية الملف الاقتصادي الى قائمة أولوياتها، وهذا ما فعله وليد جنبلاط. أما بالنسبة الى مضمون الكلام، هناك مجموعة من العناوين: العنوان الاول كتجار هو تراجع الاستهلاك، وهذا ما يتبيّن من خلال تراجع مقاص الشيكات للمرة الاولى منذ 20 سنة، وان الاستهلاك في لبنان يمثل 80 في المئة من الناتج القائم، وكل واحد في المئة تراجع في الاستهلاك يخسر الناتج 400 مليون دولار وهذه مصيبة كبيرة، وهذا المؤشر اسطع دليل على الازمة الخانقة التي يعيشها القطاع التجاري بما ان العرض التجاري ارتفع في حقبة ما بعد الدوحة، بينما الطلب انهار مباشرة بعد اندلاع الحرب في سوريا. فهذا الخلل بين العرض والطلب يقضّ مضاجع التجار ويجعلهم يتعثرون مالياً مما يهدّد بتظاهرة «الدينامو» أي انتشار عدوى الإفلاسات من منطقة الى منطقة ومن قطاع الى اخر. وما يزيد الوضع تفاقماً هو تفشي ظاهرة الشيكات المرتجعة بما يزعزع الثقة التاريخية بين حلقات مختلفة للسلسلة التجارية الواحدة.
وتابع: اما العنوان الاخر هو عنوان الاستثمار، سواء في القطاع الخاص او القطاع العام. اما في القطاع الخاص فالاستثمار في القطاع العقاري هو مقلق لان المقيمين باتوا يخرجون من هذا القطاع بعدما كان المغتربون والاجانب انكفأوا عنه في الفترة السابقة، والمعروف أن قطاع العقارات والبناء هو محرّك لكونه يتفاعل مع مجموعة من القطاعات الملاصقة وإذا مقولة Quand le batiment va tout va تصحّ في السراء وانما للاسف في الضراء ايضاً، فهذه الحقيقة المريرة التي نعيشها اليوم.
وأضاف: اما الاستثمار الخاص في القطاعات الانتاجية فهذا ما نستشفّه من خلال تراجع الاقتراض المصرفي المباشر او من خلال كفالات، مما يعني ان المشاريع الاستثمارية العائدة الى العملاء الكبار والصغار باتت على المحك وهذا ما يبشر بتراجع اكيد لوتيرة استحداث فرصة العمل في المرحلة المقبلة.
اما الاستثمار العام فهو متوقف بسبب عدم اقرار الموازنة العامة للسنة العاشرة على التوالي مما يحرم اللبنانيين من الحدّ الادنى من الصيانة والانفاق على بنية تحتية مترهلة.اما على صعيد المالية العامة فان لبنان لم يستفد من ثلاث فرص متزامنة وهي: تراجع سعر برميل النفط الى النصف، تآكل سعر صرف اليورو بنسبة 20 في المئة، استقرار الفوائد على العملتين اللبنانية والأميركية.
وختم شماس: هذا المشهد الذي رسمناه لا يأخذ في الحسبان انعكاسات النزوح السوري الكثيف على لبنان ان من حيث استهلاك البنية التحتية والخدمات العامة أو من حيث تعكير الجوّ الاقتصادي العام او من حيث استباحة أسواق العمل اللبنانية، وذلك في ظل هذه الظاهرة الأخيرة انعكاسات ميكرو إقتصادية على ايرادات الخزينة واشتراكات الضمان الاجتماعي، كما وارتدادات اجتماعية أكيدة بحرمان الألوف المؤلفة من العمال اللبنانيين من دخل لائق وقدرة شرائية مناسبة، بعد إقصائهم من أسواق العمل والإنتاج، في ظل مجتمع دولي مقصّر.