ذكرت صحيفة “النهار” أن الأزمة الحكومية تراوح مكانها وكذلك الاشتراعية، في انتظار نجاح المساعي السياسية والاتصالات في التوصل الى مخرج ما، فزيارات المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم المكوكية بين الرابية وعين التينة ومتابعة “حزب الله”، الى اتصالات وأفكار لبقية الكتل النيابية تهدف كلها الى فتح مجلس النواب أمام جلسة اشتراعية تحفظ من جهة الموقف المسيحي من “تشريع الضرورة”، ومن جهة ثانية مطلب الرئيس نبيه بري وبعض الكتل بفتح المجلس لضرورات مالية ومعيشية وتعديل قوانين مطروحة راهناً (في حال الاتفاق على ترقية ضباط).
في السياق هذا أتت مناشدة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله المسيحيين فتح أبواب مجلس النواب أمام الاشتراع واعتباره النائب العماد ميشال عون ممراً الزامياً لكل الملفات الرئاسية والحكومية والنيابية في إشارة واضحة في اتجاه الرابية وسائر الكتل. في هذا الوقت يتشبث حزب الكتائب بموقفه الرافض للتشريع قبل انتخاب رئيس للجمهورية، بعدما طالب أمس رئيس الحزب النائب سامي الجميّل من عين التينة الرئيس بري بمبادرة انقاذية للبلاد. أما “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية” اللذين يجمعهما “إعلان النيات” فثمة بحث مشترك بينهما في حلّ ما أو وسيلة لإمكان المشاركة في جلسة تشريعية تجمع مطلبهما ومطلب الرئيس بري في الوقت نفسه.
وأشارت “النهار” إلى أن لقاء حصل بعيداً من الإعلام في الرابية جمع العماد عون بموفد الدكتور سمير جعجع رئيس جهاز الاعلام والتواصل في “القوات” ملحم الرياشي في حضور أمين سر “تكتل التغيير والإصلاح” النائب ابرهيم كنعان للبحث في عدد من الأمور، منها فتح الدورة الاستثنائية للبرلمان وطريقة التعاطي معها، في إشارة واضحة الى رغبة الطرفين في تنسيق موقفهما ولتأكيد استمرارهما في المحافظة على الجو الجديد السائد بعد “إعلان النيات” بينهما، ليس على المستوى المسيحي فحسب بل أيضاً على المستوى الوطني، وتجلياته واضحة في التنسيق في العديد من الأمور التشريعية والنقابية والطالبية، واستكمالاً لهذه الغاية والبحث في قضايا التشريع، يزور كنعان اليوم ظهراً الدكتور جعجع في معراب.
وتخلل اللقاء المذكور طرح أفكار عدة لكنها لا تزال في حاجة الى تطوير، منها إدراج مشروعي قانون استعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني وقانون الانتخاب في جدول أعمال الجلسة الاستثنائية المطلوب عقدها، والتي كما علم تتضمّن أموراً مالية وقبول قروض وإصدار سندات أوروبوند. وذكرت “النهار” ان هناك فكرة يجري بحثها تقضي بالدعوة الى جلستين متتاليتين احداهما للأمور المالية والاخرى للقوانين الانتخابية واستعادة الجنسية باعتبارهما من “تشريع الضرورة” يطالب بهما عون وجعجع. ولكن حتى اليوم، لا تزال هذه الأفكار مجرد أفكار قابلة للتطوير والبحث ولم تحظَ بعد بموافقة أي طرف، ولا يزال الرئيس بري عند موقفه الداعي الى البدء بتوقيع فتح الدورة الاستثنائية قبل أي مطالبة أخرى وأن هيئة مكتب المجلس هي التي تحدد جدول أعمال الجلسة العامة.
وتقول مصادر “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات” إنهما بالتأكيد مع فتح مجلس النواب، والخلاف ليس على تشريع الضرورة ولا على الدورة الاستثنائية، بل على جدول الأعمال تحديداً وما يتضمّنه، “وبالتالي نحن متعاونون ومتفهمون لضرورات المرحلة على الاصعدة المالية والاقتصادية والمعيشية، لكنها في الوقت نفسه نطالب بالوقوف على رأينا”.
ويذكر ان أحد مطلبي “القوات” و”التيار”، إدراج قانون الانتخاب في جدول أعمال الجلسة العامة، تضمنه “إعلان النيات” بنداً اساسياً الى جانب بند رئاسة الجمهورية وهما أولوية استراتيجية للمسيحيين اليوم وثمة تساؤلات عن سبب عدم التوصل الى موقف عملي موحّد من الملفين، وإن كان يُسجّل للجانبين أنهما توصّلا إلى تحديد مواصفات الرئيس المطلوبة أي القوي في بيئته، وأن يؤمّن قانون الانتخاب مناصفة حقيقية غير صورية، ويبقى التشريع وانتخاب الرئيس والحاجة الى خيار مشترك يحترم هذه التفاهمات التي صنعها الطرفان. لذلك ترى أوساط متابعة أن قانون الانتخاب في هذه المرحلة هو الأكثر قابلية لإمكان التوصّل الى قواسم مشتركة، وقد يكون مفتاح الحلّ أو الربط في مسألة الدورة التشريعية الاستثنائية تمكّن الطرفان من جمع آرائهما حول قانون الانتخاب. ويبقى حتى الساعة ان هذا الأمر لم يخضع للبحث الا من خلال الصعوبات المتمثلة بالتزامات مسبقة لدى الطرفين أي القانون الارثوذكسي عند “التيار”، والقانون المختلط عند “القوات”. فهل يكون احتمال الجمع بينهما وارداً، هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة.