كتبت صحيفة “السفير”: “عندما تكون الرئاسة منسية، والحكومة معطلة بالأمر، وهيئة التشريع معطلة بلا عذر، والسياسة غائبة، يصبح كل شيء مباحاً، وربما مبرراً. لكن هذه القاعدة لم تعد تطال السلطة بأوجهها كافة فحسب، بل وصلت إلى الأحزاب والتيارات التي ظلت لسنوات عصية على لوثة التوريث، وإن ضربتها البطالة غالبا.
أمس، أكمل «التيار الوطني الحر» طلب انتسابه إلى نادي الأحزاب التقليدية. صار واحداً منها، قلباً وقالباً، بعدما فشل في تقديم تجربة ديموقراطية تليق به وبتاريخه الذي بني على أسس شبابية نضالية لا تشبه الأسس التي بنيت عليها الأحزاب الباقية.
عندما عاد ميشـال عون من المنفى لم يَعِد سوى بالتغيـير. لكـن مـع مرور السنين ظل الشعـار شعـاراً وإسماً لثـاني أكبر كتلة في المجلـس النـيابي، بعدما اصطدم بواقع مهتـرئ ومصالح مستبدة، جعلت منه خصماً لكل السلطة السياسية التي هلعت من «التسونامي» المقبل من عالم الغيب.
لم يستسلم عون لكنه هادن، فلم يتبقَّ له سوى أن يثبت أن قراءته للتغيير تنبع أولاً وأخيراً من إيمانه بالديموقراطية داخل تياره.. لكنه لم يفعل، ولم يستطع ان يفي بوعده «تأمين حقوق الشباب السياسية من خلال تأمين عملية الاقتراع مثل بقية الدول الديموقراطية».
ميشال عون ليس وليد جنبلاط، الذي يسعى لتسليم إبنه الزعامة والحزب، وليس أمين الجميل الذي أهدى حزب أبيه لإبنه. عون ليس إبن عائلة سياسية أو إقطاعية.. هو بالنسبة «لأبنائه» رمز وقائد وعصب للتغيير المرجو. و«التيار الوطني الحر» ليس ملك مؤسسه، كما تيار «المستقبل» أو «حركة أمل»، لكنه مع ذلك لم يستطع الصمود أمام مثالهم. ربما لأن الزمن ليس زمن الديموقراطية، وربما لأن «التيار» يحارب على جبهات عدة ولا يحتاج إلى فتح جبهة جديدة قد لا يخرج منها سليماً. ربما للجنرال مبرراته الموضوعية للقيام بما قام به، لكن أمام المحازبين كتلة من الإحباط التي تتطلب الكثير من العمل لإزاحتها.
لم تكن الانتخابات في «التيار» شأناً داخلياً ولن تكون. من انتظر انتخابات «التيار» من خارجه انتظرها لأنها كانت «الفرصة الجدية الوحيدة لهز الأحزاب الأخرى وتحريك الكتلة المعترضة فيها» حسبما كان يرى عونيون كثر. من انتظرها كان يأمل أن تشكل فرصة لخلق ديناميكية جديدة تواجه الضمور في الحياة السياسية.. وربما تؤسس لحياة جديدة. لكن كل شيء توقف فجأة لأن الرمز قرر أن ينزل عن العرش الذي وضعه فيه مناصروه، معلناً أنه خصم في «التيار» وليس حكماً.. كما أملوا.
ميشال عون قال في خطاب تسليم الحزب لصهره جبران باسيل إن «الكل رابحون»، لكن «الكل» لا يقولون ذلك. البعض وجد نفسه مهزوماً، ليس لأن نتيجة الانتخابات هزمته، بل لأنه وجد نفسه في مواجهة لا يريدها مع العماد عون نفسه. من دخل في المنافسة، إن كان اسمه ألان عون أو غيره لم يدخلها في وجه الجنرال، بل في وجه مرشح آخر يفترض أنه يوازيه في الفرص والحقوق، لكن ميشال عون كان له رأي آخر. نزل بثقله دعماً لجبران باسيل، مذكراً أنه ضمانة للكل وموصياً أن يصير الكل ضمانة لبعضهم البعض. والضمانة للكل تعني بما تعنيه ضمانة لمنافسة ديموقراطية، فهل كان الجنرال كذلك؟ قال ميشال عون في اللقاء الموسع الذي عقده أمس بحضور باسيل وعون ونواب «التيار» ومنسقيه إن «لا رابح ولا خاسر جراء التفاهم، بل الكل رابحون لأنه جاء نتيجة رغبة الأكثرية الساحقة»، لكن ألان عون أوحى بالعكس في بيانه، فدعا إلى تجاوز المرحلة «نزولاً عند رغبة الجنرال وثقتي المستمرة بشخصه».
بين قياديي «التيار» من يعلن جهاراً اليوم أن تيارهم فشل في تقديم النموذج، وبرهن أن تجربته لم تنضج بعد، فأذى صورته بعدما كان يفترض أن تحييها الانتخابات. والأهم أنه خسر صدقية شعاراته ومبادئه وبعض رصيده أو يكاد.
المفارقة أن لسان حال المرحبين بالإنجاز لم يكن أكثر تفاؤلاً من الراضين به على مضض. هؤلاء اعتبروا أن ما حصل هو أفضل الممكن، بعدما كان «التيار» مهدداً بالصدامات، وربما الانشقاقات، خاصة أن الانتخابات تجري من القاعدة.
أربع سنوات هي ولاية رئيس الحزب. وبين من يقول إن «التيار» انتهى بعد فشله في تقديم النموذج وبرهن أن تجربته لم تنضج، ومن يقول إن تجنب المعركة يعطيه فرصة لتجديد نفسه، من خلال انتخابات القطاعات والمجلس السياسي واللجان المركزية: وحدها التجربة ستكون الحكم.
من جهتها، كتبت كلير شكر في “السفير”: قد تكون من المرّات النادرة التي ينفلش فيها تناقض الآراء بين العونيين على الجدران الافتراضية، الى حدّ الضياع والقفز من أقصى التخوين الى أقصى المباركة لإنجاز الاتفاق وأبطاله.
بالأمس بدا مشهد هؤلاء سوريالياً، فيه الكثير من التشويه لتجربتهم النضالية التي صار عمرها أكثر من ربع قرن، وفيه الكثير من العبث الذي لا يدلّ إلا على حال البلبلة التي سادت الصفوف البرتقالية خلال الأيام الأخيرة.
في فضاء الإعلام الحديث، استفاض هؤلاء في التعبير عن مواقفهم من التفاهم الذي جرى التوصل إليه بين جبران باسيل وألان عون، ليأتي بالأول رئيساً لـ «التيار الوطني الحر»، وخليفة لميشال عون. بدا النقاش وجودياً، يحاكي المستقبل في تحدياته: ماذا ينتظر «التيار» في غده، أهو الموت السريري أو إعلان وفاة… أم مخدر موضعي.. أو القيامة الجديدة؟
انقسمت الآراء بين من رأى في التفاهم خشبة إنقاذ قادرة على حمل التنظيم خلال الفترة الانتقالية الى أرض صلبة، ولو نسبياً، بعد التخفيف من حمولة الخلافات والانقسامات التدميرية، وبين من اعتبره صفقة هجينة قضت على ما تبقى من الحالة النضالية بعدما أثبتت عجزها عن الاحتكام الى سلطة القصاصة الاقتراعية خوفاً من أحكامها الصارمة.
غداة انتشار خبر التسوية، هناك من شعر بخيبة أمل كبيرة، لا بل بإحباط عميق أعاده بالذاكرة الى 13 تشرين. حتى أنّ بعضهم ذهب في اعتراضه الى درجة تمزيق بطاقته الحزبية أو إعلان استقالته. كما تردد عن تقديم عضو الهيئة التأسيسية فارس لويس طلب ترشيحه للرئاسة. طبعاً، بقيت تلك المشاهد الاستثنائية، حالات فردية عاجزة عن الوقوف بوجه «تسونامي» التسوية، لكن عبرتها في رمزيتها ودلالاتها.
معظم من لامستهم هذه الحالة هم من الجيل النضالي الذي لا يزال حتى اليوم يتعامل مع تياره البرتقالي على أنَّه حالة نشأت من الشارع وإلى الشارع ستعود، وبالتالي لا مكان للتوليفات الوسطية. يرفض، في عقله الباطني الصياغات التسووية التي تفرضها الواقعية والبراغماتية، وحتى غريزة البقاء، ويفضِّل خوض غمار المنافسة حتى لو كانت معركة من أجل المعركة. ولهذا كانت الصدمة من نصيب هؤلاء.
حتى أن «التخريجة» التي أريد من خلالها تظهير التفاهم لتقديمه الى الرأي العام البرتقالي، بدت ركيكة جداً، ومصابة بالوهن، وزادت من منسوب الفوضى بين القواعد، وكأنّ صانعيها يخجلون بها، مع أنّهم قادرون على تقديم كل الحجج والبراهين التي تثبت صحتها، لا بل الحاجة اليها لعبور المرحلة بجسم متماسك.. خصوصاً أنّ الجنرال أكثر الراغبين بمضمونها.
بنظر المتحمسين لخيار إقفال صناديق الاقتراع، فإنّ غزيرة البقاء هي التي دفعت باتجاه إحناء الرأس أمام الاتفاق، لأنّ «التيار» لا يملك ترف النضال من أجل النضال فقط، وصار لا بدّ من التفكير بعقلانية أكثر كي يبقي على اتحاد صفوفه للحفاظ على قوته، خصوصاً بعد التحركات الميدانية الأخيرة التي أسقطت عنه ورقة توت التعبئة الشعبية. ولا بدّ من التحايل على الديموقراطية لبناء وعاء قادر على استيعاب الجميع.
وبالتالي فإنّ الصدام الداخلي، حتى لو لم يكن انشقاقياً في خاتمته، فهو سيزرع بذوراً سيئة بين أبناء الصف الواحد وقد تكون نتائجه تدميرية. من هنا كانت ملاقاته من غالبية القيادات البرتقالية والأرضية العونية.
عملياً، لم يكن الاتفاق خياراً يفاضل بين الصح والخطأ، وإنما بين الواقع والمجهول. بين أفضل الممكن، وأبغض الحلال، حتى لو كان هذا الحلال حقاً ديموقراطياً بامتياز. فانتصر التفاهم الذي يأمل العونيون أن يكون حقيقياً، وليس من باب تبويس اللحى.
لهذا بدا أنّ الحلقة العونية من خارج التنظيم هي الأكثر حماسة للتسوية، كونها غير معنية بالحسابات والحرتقات الداخلية، وتخشى على هذه الحالة من الذوبان أو التشرذم، الذي سيكون مصيراً حتمياً فيما لو تشلّعت الشجرة البرتقالية وصارت أغصاناً عارية.. وستطال مفاعيل هذا الانحلال الوسط المسيحي لا العوني فقط.
هكذا، فإنّ «التيار» يواجه تحدياً مصيرياً في بدايته التنظيمية كحزب سيُبنى على هيكلية واضحة يديرها نظام محدد يفترض أن ينقله من وضعية «التيار» المتفلت من الضوابط، الى حزب يطمح لبناء الحدّ الأدنى من المؤسسة القادرة على مواجهة الغد.
هنا مسؤولية الجنرال صارت مضاعفة لأن يرعى هذا الاتفاق ويحرص على احترام جوهره التشاركي، كما على جبران باسيل أن ينفض عنه تهمة «الإلغائية» ويثبت قدرته على سماع الرأي الآخر. كما على الفريق الآخر أن يبرهن أنّ الاتفاق لم يطرَّز على قياس أفراد وإنما لمصلحة المجموعة ككل.
بهذه الروحية دعا الجنرال إلى لقاء موسع، عُقد بعد ظهر أمس، في الرابية، حضره، الى جبران باسيل وألان عون، نواب «التيار» ومنسقو الأقضية واللجان المركزية، ليتلو أمامهم كلمة وجدانية يعبِّر فيها عن سعادته بالاتفاق الذي يجمع بين أبنائه، ومباركته له، مؤكداً أمامهم بأنه «الضمانة لهم.. ووصيتي لكم أن تكونوا ضمانة بعضكم بعضاً»…
وقد تقصَّد عدم الدخول في تفاصيل الاتفاق مكتفياً بالإشارة الى أنّ «التيار» فريق واحد ولا يجوز التعاطي بمنطق الشروط والشروط المضادة. وشدد على أن «لا رابح ولا خاسر جراء التفاهم، بل الكل رابحون لأنه جاء نتيجة رغبة الأكثرية الساحقة». وأنهى كلامه باكياً وسط تصفيق الحضور ودموعهم.
وقد توجه النائب ألان عون ببيان الى زملائه ورفاقه في «التيار» مؤكداً أنّه «عندما قرّرت خوض انتخابات رئاسة التيار الوطني الحر، كنت أطمح من خلال هذا التنافس الى تقديم رؤيتي لقيادة الحزب في المرحلة المقبلة والسعي لتقديم ما أراه الأفضل والأنسب لمستقبل التيار انطلاقاً من تجربة العشر سنوات الأخيرة وما ينتظرنا من تحديات في المرحلة المقبلة».
وقال: «إلا أن مسار الأمور منذ انطلاق الحملة الانتخابية انحرف عن الأهداف المرجوَّة، وأظهر عدم نضوج الظروف الملائمة لحماية العملية الانتخابية الحزبية الديموقراطية وينذر بانقسام يشكل خطراً على وحدة التيار في المرحلة التي ستلي الانتخابات».
أضاف: «نزولاً عند رغبة العماد عون وانطلاقاً من ثقتي المستمرّة بشخصه، وإدراكاً مني لخطورة التداعيات على وحدة التيار، خاصة في تلك المرحلة التي يتعرّض فيها للاستهداف السياسي الكبير، أدعوكم جميعاً الى تجاوز تلك المحطة والاستمرار في العمل سوياً يداً بيد لخير هذا التيار ومستقبله».
كتب ألان سركيس في صحيفة “الجمهورية”:
سلكَت إنتخابات «التيار الوطني الحرّ» طريقَ التوافق القسري بعد تدخّل العماد ميشال عون الذي نزل ساحةَ المعركة فارضاً وزيرَ الخارجيّة والمغتربين جبران باسيل رئيساً مستقبَلياً، ما إستدعَى إنسحاب النائب ألان عون معلّلاً بأنّ استكمالَ المعركة سيشقّ التيار. هذا الإنقلاب خلقَ وفقَ معارِضيه صدمة سلبية داخلَ صفوف «التيار» الذي كان يحلم بممارسة اللعبة الديموقراطيّة.
لم يعد السؤال: ماذا ستكون عليه إنتخابات «التيار الوطني الحرّ»؟ بل ماذا سيحصل بعد 20 أيلول، خصوصاً أنّ تململاً كبيراً وإحتقاناً يسودان صفوف «التيار» بعد فرض عون باسيل رئيساً، وظهور شريحة كبيرة غير راضية عن التسوية القسريّة التي تمّت.
وقد تبلور هذا الرفض بإعلان الأمين العام السابق لـ«التيّار الوطني الحرّ» في فرنسا فارس يوسف لويس ترشّحه إلى رئاسة التيار، ضارباً كلَّ مساعي الجنرال عرضَ الحائط. وعلى رغم عدم تكافؤ القوّة مع باسيل، إلّا أنّ قسماً كبيراً من الشريحة المؤيِّدة للنائب ألان عون قد تنتخبه، عدا عن ترشيحات قد تتقدّم لاحقاً، لأنّ المهلة النهائية لتقديم طلبات الترشّح تنتهي في 27 آب الجاري.
الساعات الأخيرة
الساعات الأخيرة قبل صعود العماد عون الى المنبر وإعلان التوافق، كانت صعبة على الجميع، حيث تكشف مصادرُ في «التيار الوطني الحرّ» لـ«الجمهورية» أنّ «الجنرال نزل بكلّ ثقله الى المعركة لفَرض باسيل ودفع ألان عون الى الانسحاب، وقدّ تدرّج موقفه بشكلٍ لافت وصادم، حيث وعد بادئَ الأمر بأنه سيترك اللعبة الديموقراطية تأخذ مجراها داخل «التيار» وسنبارك لمَن يفوز، لأنّنا نريد إعطاءَ نموذج في الإنتخابات الحزبية، من ثمّ بدأ يتمنّى على عدد من المفاتيح الإنتخابية تأييدَ باسيل في الإنتخابات، قبل أن يتراجع عن وعوده السابقة، عندما أيقنَ أنّ ميزان القوى يميل بشكلٍ كبير لمصلحة ألان عون، وأنّ خسارة باسيل باتت حتميّة، وبعدما لَمَس إصرارَ المجموعة المعارِضة لباسيل على إكمال المعركة، حسَم أمره وإتّبع خطواتٍ ساهمت في فَرْض باسيل».
ضغط عون
وتشير المصادر الى أنّ «الجنرال ضغط بشكلٍ كبير على النوّاب العونيين المعارِضين، من ثمّ لجأ الى الخطّة الأساسيّة التي دفعت ألان عون الى الإنسحاب، وهي قوله إنّ هزيمة باسيل تَعني كَسْر الجنرال، وعندما ناقشناه في هذا الطرح، خصوصاً أنّ المعركة داخلية صرف، وليست مع الخصوم ومَن سيَربح سيكون «تيار حر»، وأنّه الوحيد الذي خرج بهذا الطرح، كان جوابه هو هو، أيْ أريد باسيل رئيساً للتيار وإنتهى الموضوع، وإذا لم يأتِ ستكسروني بأيديكم وسيحدث شرخٌ واسع داخلَ التيار».
«تهريبة النظام»
وتلفت المصادر الى «تهريبة حصلت في النظام الداخلي للتيار شارك فيها الجنرال وباسيل، وهي التعديلات التي أُدخلت على صلاحياتِ رئيسِ التيار، وجعله ديكتاتورياً ومطلقَ الصلاحيات، وهذه كانت المعارَضة الاساسيّة وسبب ترشّح ألان عون، حيث إنتقل «التيار» من نظام ديموقراطي الى نظام رئاسي ديكتاتوري، فزادت المعارَضة، لكن نزولاً عند رغبة الجنرال إنسحب عون من المعركة».
وتؤكّد المصادر أنّ «الانسحاب تمّ بعد الحصول على ضماناتٍ من الجنرال، لكنها شفويّة، حيث تعهّد بعدم إستفراد باسيل بالقرار ومشاورة الجميع»، موضحة أنْ «لا قرار نهائياً بتعيين نائبَي الرئيس، وفي حال تفرَّد باسيل في القرارات فإنّ أحداً لن يماشيه، بل سيصبح رئيساً على تيار هو العضو الوحيد فيه، خصوصاً أنّ الجوَّ العام محتقن، وغالبية النواب ضدّه، ولهم حيثيتهم الخاصة في أقضيتهم بغضّ النظر عن التيار، في وقتٍ لم يستطع باسيل الفوزَ في قضاء البترون عام 2009، وهذه نقطة سوداء في سجلّه الحزبي ومشكلة مستقبَليّة ستواجهه ولن يكون حلّها إلّا بالعزوف عن الترشّح للإنتخابات النيابية».
وتختم المصادر: «باسيل وزير منذ العام 2008، وسُخّرت له كلّ الخدمات في الوزارات وأُعطي كلّ الدعم السياسي والمالي في وقت حُرم الباقون منه، ولم يستطع الفوزَ إلّا بعد تدخّل الجنرال، أما المجموعة المعارِضة فحارَبها باسيل وقطع عنها كلّ الخدمات المطلوبة علماً أنها تستطيع الفوز، وهذا يعني أنّ هناك شيئاَ غير مقبول».
ألان عون يشرح… ولكن
الوضع المتازّم داخل التيار عكَسَه البيان العنيف للنائب عون الذي أعلن فيه إنسحابَه من المعركة، وقد صدر بعدما ترأس العماد عون لقاءً في الرابية لناشطي «التيار الوطني الحر» حضره باسيل وألان عون، ليخرج بعدها الجنرال معلناً نجاحَ مساعي التوافق، لافتاً الى أنّ «التفاهمَ بين المتنافسين جاء نتيجة حوار، فلا رابح ولا خاسر جراء التفاهم بل إنّ الجميع رابحون لأنها رغبة الأكثرية الساحقة».
حاول النائب عون شرحَ أسبابَ عزوفه، وقال «عندما قرّرتُ خوض إنتخابات رئاسة «التيار الوطني الحر»، كنتُ أطمح من خلال هذا التنافس الى تقديم رؤيتي لقيادة الحزب في المرحلة المقبلة والسعي لتقديم ما أراه الأفضل والأنسب لمستقبل التيار انطلاقاً من تجربة العشر سنوات الأخيرة وما ينتظرنا من تحدّيات في المرحلة المقبلة»، مشيراً الى أنّ «مسارَ الأمور منذ انطلاق الحملة الإنتخابية إنحرف عن الأهداف المرجوّة وأظهر عدمَ نضوج الظروف الملائمة لحماية العملية الإنتخابية الحزبية الديموقراطية ويُنذِر بإنقسام يشكّل خطراً على وحدة التيار في المرحلة التي ستلي الانتخابات»، مضيفاً: «نزولاً عند رغبة العماد عون وإنطلاقاً من ثقتي المستمرّة بشخصه، وإدراكاً منّي لخطورة التداعيات على وحدة التيار خصوصاً في تلك المرحلة التي يتعرّض فيها للإستهداف السياسي الكبير، أدعوكم جميعاً الى تجاوز تلك المحطة والاستمرار في العمل سويّاً يداً في يد لخير هذا التيار ومستقبله، شاكراً كلَّ مَن عبّر لي عن تأييده ومحبته وثقته».
مرحلةٌ جديدة بدأت من تاريخ «التيار» عنوانها باسيل رئيساً، في وقت ختمت المرحلة السابقة على زغل، ما يدفع مناصرون كثر الى التخوّف من أن يصبح «التيار» تيارات متصارعة إذا سلك باسيل طريق الإستفراد نظراً الى الدعم المطلق الذي يتلقاه من الجنرال، والنظام الداخلي الذي يعطيه صلاحياتٍ مطلَقة.