كشف مقرّبون من الميليشيات العراقية التي تقاتل في سوريا إلى جانب قوات الأسد عن أن خبراء عسكريين إيرانيين يعملون على تشكيل نواة صلبة لـ”حزب الله” السوري قوامها مقاتلون سوريون يتبنون المذهب الجعفري وشاركوا في القتال خلال السنوات الأربع الأخيرة ضمن الميليشيات العراقية المختلفة.
وقالوا إن غالبية الذين يتم استقطابهم وتدريبهم ينضوون ضمن لواء “رقية الجعفري” الذي ضمّ في انطلاقه مقاتلين من ميليشيات عراقية التحقت بالحرب السورية تحت شعار حماية المراقد الشيعية في دمشق ثم توزعت للقتال في مختلف الجبهات.
وتريد إيران بناء حزب عقائدي سوري يكون مواليا لها مثلما هو الحال مع “حزب الله” اللبناني.
وقال مراقبون إن طهران تتحسب لما بعد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، وتعمل على بناء قوة عقائدية مسلحة بهوية سورية تحفظ مصالحها، وتساهم في الحفاظ على وصول الدعم الإيراني إلى “حزب الله” اللبناني.
وتشكيل هذه القوة يمكن أن يجنب إيران الانتقادات التي توجه لها بأنها تتدخل في سوريا لإنقاذ الأسد، على أمل أن تنجح الميليشيا الجديدة في فرض سيطرتها على المناطق التي تقع بيد المعارضة السورية ودون الحاجة إلى دعم دائم من الميليشيات الشيعية الوافدة.
وتسابق طهران الزمن لتحويل “حزب الله” السوري إلى قوة ذات تأثير خوفا من عزم روسيا والولايات المتحدة فرض “جنيف1” كأرضية للحل السياسي في سوريا، ما يعني آليا مطالبة الميليشيات الأجنبية بمغادرة البلاد.
وأشار محللون إلى أنّ الساسة الإيرانيين لا يثقون كثيرا في العلويين ليس فقط لاختلاف في المذهب بينهما ما يحول دون ولائهم التام لها، ولكن في ظل مؤشرات عن قبول قيادات علوية بارزة مبدأ التضحية بالأسد مقابل أن تضمن لنفسها دورا مهمًا في سوريا المستقبلية، وأن تقيم علاقات قوية مع عواصم غربية خاصة واشنطن وباريس.
وزادت شكوك الإيرانيين تجاه وفاء العلويين بعد المؤتمر الذي انعقد بالقاهرة في آذار 2013 وشاركت فيه 250 شخصية علوية أعلنت تخليها عن الأسد وانضمامها لتحركات إقليمية للتخلص منه.
ومن الواضح أنّ “حزب الله” السوري سيجد في مواجهته أعداء كثيرين سيكون العلويون على رأسهم لأنّ وجوده يهدّد مصالحهم، ويقوّض فكرة الدولة العلوية.
وتراهن إيران على الولاء المذهبي في تحديد الأذرع التابعة لها مثلما هو حاصل في اليمن مع الحوثيين وفي البحرين مع جمعية الوفاق، وفي لبنان مع “حزب الله”.
الجعفريون غير العلويين بنظر إيران
ولعب “حزب الله” اللبناني دورا مهما في استقطاب المجندين إلى لواء “رقية الجعفري” الذي قد يعلن في القريب عن تغيير اسمه إلى “حزب الله” السوري.
ويأتي هؤلاء المجندون من أماكن مختلفة في دمشق، مثل مناطق زين العابدين والإمام جعفر الصادق (حوش الصالحية والجوراء على التوالي) المعروفة بسكانها الشيعة.
ودمشق موطن لمرقد السيدة رقية ابنة الإمام الحسين التي تم أسرها في معركة كربلاء وتوفيت في الأسر في دمشق.
وينحدر منتسبو لواء رقية كذلك من قرى شيعية سورية على غرار أمّ العمد في محافظة حمص، أو من القرى الشيعية في إدلب، وبعضهم كان إطلاق سراحهم أو استعادة جثامينهم محور المفاوضات التي جرت مؤخرا في تركيا بين ممثلين عن إيران و”حزب الله” من جهة وجماعة “أحرار الشام” السورية المعارضة من جهة ثانية، وقد كانوا يقاتلون تحت راية “حزب الله”.
ومن المؤكد أن ظهور “لواء رقية” يعود إلى ما قبل هذا الصيف، فقد كشف فيديو بثه تلفزيون الأنوار القناة الثانية عن أن المجموعة شاركت في التدخل الفاشل للميليشيات الشيعية في كل من درعا والقنيطرة أواخر الشتاء ومطلع الربيع من أجل طرد المعارضة المسلحة التي قويت شوكتها هناك.
واعتمدت الميليشيات الشيعية في كثير من الأحيان على أهمية مرقد السيدة رقية كوسيلة لتجنيد المقاتلين. وخلال هذا الصيف، نشرت إحدى الميليشيات العراقية، وتدعى كتائب المقاومة الإسلامية في العراق، إعلانا للتجنيد عبر شبكات التواصل الاجتماعي للقتال في سوريا، داعية المهتمين بالدفاع عن مراقد السيدة زينب والسيدة رقية الاتصال عن طريق أرقام الهواتف المدرجة أو استخدام رسائل الـ”فايسبوك” و”تويتر”.
وأغرقت إيران الساحة السورية بفصائل مختلفة من الميليشيات التي تأتمر بأوامرها، وذلك في مواجهة مد الفصائل السنية الوافدة من الخارج للقتال ضد قوات الأسد مثل “جبهة النصرة” وتنظيم “داعش”.
ويوجد بين الفصائل الشيعية المقاتلة فصائل لبنانية على غرار “حزب الله”، وأخرى إيرانية مثل قوات الحرس الثوري، وميليشيات شيعية عراقية مثل لواء ذو الفقار الذي ظهر في حزيران عام 2013، وكان أول قوة معلنة ومستقلّة للعراقيين الشيعة في سوريا، وكل هذه الفصائل لها العديد من التفريعات والتشكيلات المنبثقة عنها.
يضاف إليها العشرات من المقاتلين الأفغان والباكستانيين الذين لجأت إليهم إيران للتغطية على انسحاب ميليشيات عراقية للمشاركة في الحرب على “داعش” في العراق.