Site icon IMLebanon

الصناعة الكورية تواجه تحديات تنافسية الجوار الأصفر

سونج جونج آه

مع تعمّق الكآبة في شركات كوريا الجنوبية، فإن شركات التصنيع تُكافح لدعم الأرباح المتراجعة، وتراجع الحصة السوقية في ظل احتدام المنافسة من الصين ذات التكلفة المنخفضة، واليابان الغنية بالحصيلة النقدية.

شركات التصدير الكبرى في كوريا الجنوبية، منها سامسونج إلكترونيكس وهونداي موتور، تواجه تحدّيات متنامية حيث تجد نفسها مُحاصرة بين الشركات اليابانية المنافسة النامية، التي تستفيد من الين الأضعف وبين الشركات الصينية التي تلحق بالركب بسرعة، في كثير من القطاعات الصناعية.

هذه المشكلات ليست جديدة بالنسبة إلى لشركات في كوريا الجنوبية، لكن حدة المعركة اشتدت لحماية هوامش الربح والحصة السوقية المتقلصة، جنبا إلى جنب مع التباطؤ الاقتصادي في الصين، وهي أكبر سوق تصدير بالنسبة إلى كوريا الجنوبية، وارتفاع قيمة الوون الحاد مقابل العملات الرئيسية.

الأسبوع الماضي، أصبحت صورة العملة أكثر قتامة مع قيام بكين بالتخفيض غير المتوقع لقيمة الرينمينبي، على الرغم من أن التأثير في عدد من أكبر الشركات في كوريا الجنوبية، سيتم تخفيفه من قِبل عملياتها الصناعية الكبيرة في الصين.

يقول مايكل نا، مختص الاستراتيجية في “نومورا”، “إن الشركات الكورية تتعرّض للضغط على نحو متزايد من جاراتها الأكبر في الصناعات الكُبرى. الين الأضعف يمنح الشركات المنافسة اليابانية ميزة تنافسية في بناء السفن، والإلكترونيات الاستهلاكية والسيارات (كما) تتعرّض لتحدّ على نحو متزايد من الشركات الصينية في قطاع التكنولوجيا مثل الشاشات والأجهزة. يبدو أنه ليست هناك أي وسيلة للخروج”.

تم تسليط الضوء على علامات الإجهاد من قِبل أرباح النصف الثاني، مع تقصير معظم الشركات في كوريا الجنوبية عن تقديرات السوق، وذلك وفقاً لشركة هونداي للأوراق المالية.

انخفضت الأرباح التشغيلية للربع السابع على التوالي في شركتي سامسونج إلكترونيكس وتراجع صافي الأرباح للربع السادس في شركة هونداي موتور، أكبر شركة لصناعة السيارات في البلاد.

كما انخفض صافي الأرباح إلى النصف في شركة إل جي إلكترونيكس وشركة صناعة الصُلب الضخمة بوسكو، في حين إن شركات بناء السفن الثلاث الأكبر حققت خسائر تشغيلية مجتمعة تبلغ 4.7 تريليون وان (أربعة مليارات دولار).

عانت شركة سامسونج تراجعا مماثلا في الحصة السوقية للهواتف الذكية. في الصين – أكبر سوق للهاتف الذكي في العالم – انخفضت إلى النصف لتُصبح 9.6 في المائة في الربع الأول، من 18.8 في المائة في نفس الربع من العام السابق، وذلك وفقاً لشركة الأبحاث آي دي سي، الأمر الذي أقصى شركة سامسونج إلى المركز الرابع، بعد شركة أبل والشركتين الصينيتين المنافستين هواوي ولينوفو.

في إشارة إلى المخاوف حول تراكمات ديون الشركات المتنامية، قررت وكالات التصنيف الائتماني تخفيض تصنيف الشركات الكُبرى في بناء السفن، وتكرير النفط، والمواد الكيميائية والصُلب، في حين إن قوة الوون المستمرة – ولا سيما مقابل عملات الشركاء التجاريين في أوروبا، وجنوب شرق آسيا، واليابان – تقوم بتغذية المخاوف بشأن القدرة على التنافس.

تراجعت الصادرات في كوريا الجنوبية للشهر السابع على التوالي حتى تموز (يوليو) الماضي، لكن عملتها بدأت تتعرّض لضغط صعودي مُتجدد من الفائض القياسي للحساب الجاري في النصف الأول من هذا العام، حيث قام انخفاض أسعار النفط بتعويض تراجع الصادرات.

يقول نا، “يبدو أن كوريا تفقد مناطق على نحو متزايد أمام الصين تماماً كما فعلت اليابان بكوريا في العقود الأخيرة. ينبغي لهم أن يجدوا القدرة التنافسية الخاصة بهم غير التسعير من حيث الجودة أو الابتكار لعكس حظوظهم”.

التوقعات على المدى القصير ليست مُشرقة. معظم المحللين يتوقعون أن تأتي نتائج أسوأ بكثير من الشركات الكورية في النصف الثاني، إلا إذا حدث انتعاش حاد في الاقتصاد العالمي.

يقول كريس بارك في وكالة موديز لخدمة المستثمرين، “إن معظم شركات التصنيع الكورية تقوم بتشغيل أعمال دورية تعتمد للغاية على الطلب الصيني. وليس هناك كثير مما تستطيع القيام به لتحدّي دورة الصناعة العالمية”.

الوضع الضعيف للشركات عمل على تأكيد الحاجة المُلحّة إلى إجراء الإصلاحات الهيكلية لتعزيز القدرة على التنافس. بارك جيون هاي، رئيسة البلاد، جعلت الإصلاحات في سوق العمل والقطاع المالي في كوريا الجنوبية من البنود الرئيسية في أجندتها السياسية، لكن بوصولها منتصف فترة ولايتها التي مدتها خمسة أعوام، فإن إدارتها لم تقم بأي تقدّم يُذكر.

بدلاً من ذلك، كانت هناك زيادة في الشركات “الحية الميتة”، التي تفشل في خدمة الديون من خلال الدخل، لكنها مستمرة بسبب قروض الدولة الرخيصة.

عدد الشركات غير القادرة على تغطية نفقات الفائدة بالأرباح التشغيلية على مدى ثلاثة أعوام ارتفع إلى 3295 العام الماضي، أو 15.2 في المائة من جميع الشركات، من 12.8 في المائة في عام 2009، وذلك وفقاً لبنك كوريا.

الدعم الحكومي السخي يبقي الشركات المتعثّرة واقفة على قدميها، مع قيام سيئول، منذ الأزمة المالية للفترة 2008-2009، بتأخير إعادة هيكلة الشركات التي تشتد الحاجة إليها بسبب المخاوف من التأثير السلبي في النمو الاقتصادي على المدى القصير.

نسبة القروض غير المنتجة في المصارف كانت منخفضة نسبياً عند 1.56 في المائة في نهاية آذار (مارس) الماضي، وذلك وفقاً لهيئة الرقابة المالية، لكن نسب القروض غير المُسدّدة لقطاعات بناء السفن والبناء مرتفعة حيث تبلغ 5.45 في المائة و5.28 في المائة، على التوالي.

وقد حذّرت وكالة موديز الشهر الماضي “أن زيادة الشركات (الحية الميتة) هي بمثابة عامل سلبي على الائتمان بالنسبة للمصارف الكورية، ونتوقع من القروض الكبيرة للشركات في القطاعات المُنخفضة هيكلياً أن تشكل خطرا كبيرا على جودة الأصول”.

ذكرت وكالة التصنيف أن أكثر من 12 في المائة من إقراض الشركات من قِبل المصارف التجارية الكبيرة التي تُديرها الدولة، كان موجها إلى الصناعات الضعيفة مثل الشحن، وبناء السفن، والبناء والصُلب.

يقول لي هان ديوك في معهد إل جي للأبحاث الاقتصادية “إن الإصلاحات الهيكلية ليست سهلة، لكن من الصعب أن نتوقّع أي انتعاش بدونها. استمرار الدعم الحكومي لتلك الشركات الخاسرة يستنزف الحيوية الاقتصادية الشاملة في البلاد، ويحرم الشركات الواعدة من الفرصة للحصول على الاستثمارات اللازمة”.