عشر ساعات متتالية عاشتها طرابلس أمس من دون كهرباء كانت كافية لـ “تقصُم ظهر البعير”، وتستدعي من وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس بصفته مواطناً عادياً، أن يتقدم بإخبار الى النائب العام المالي في بيروت لفتح التحقيقات اللازمة وتحديد المسؤوليات.
واللافت في الموضوع، أن النائب العام المالي القاضي علي ابرهيم تحرك بسرعة، فاستدعى المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك للحضور الى النيابة العامة المالية الثلثاء المقبل، للاستماع إلى إفادته حول “إهدار الأموال العامة”. إلاّ أن درباس أكد في اتصال مع “النهار” ان الإخبار الذي تقدم به، لم يكن موجهاً ضد حايك شخصياً بل ضد السياسة المتهتكة التي تصر الطبقة السياسية على ممارستها، بما ينذر بالانهيار”. وعاب على مجلس الوزراء تخصيصه ملياري دولار لمؤسسة الكهرباء، التي “لا تعطينا في المقابل الاّ الظلام الدامس، وكأنه لا يكفينا ظلام القلوب والعقول”. وما استفز درباس الى هذه الدرجة، هو أن أحد مرضى غسيل الكلى اتصل به يشكو وضعه من جراء انقطاع الكهرباء المتواصل في الشمال، “أنا مواطن أتألم مع المواطنين المتألمين”. واكد أنه “من غير المقبول أن نتحمل كمواطنين هذا الاهمال، فمؤسسة الكهرباء لا عمل لها واقفالها اجدى وأوفر على خزينة الدولة”.
وإذ اعتبر أنه لو تمّ تخصيص الملياري دولار لتجار الكابلات والمولدات لكانوا أمنوا الكهرباء للمواطنين 24/24، قال: “زحلة أفضل مثال، وكذلك بلديات الجنوب التي توفر الكهرباء لمواطنيها بأرخص الاسعار”، مضيفاً ان “الامتياز الحصري لمؤسسة الكهرباء هو أكبر كارثة للبنان”.
وجاء في إخبار درباس:
“المستدعي: المواطن رشيد توفيق درباس – نقيب محامي طرابلس سابقاً.
بالنظر الى الكوارث الكهربائية المتفاقمة وبالأخص ما حدث أمس في طرابلس والشمال بحيث أصبح الإنقطاع اليومي يصل الى ما لا يقل عن عشر ساعات متتالية مع إنارة متقطعة لمدة ساعتين، وبما أن المكلف اللبناني ينفق على قطاع الكهرباء بصورة مباشرة وغير مباشرة مليارات الدولارات من دون ان يستفيد من استمداد الكهرباء،
وبما ان الخزينة اللبنانية تنفق ما لا يقل عن ملياري دولار أميركي سنوياً ثمناً لظلام العيون وكأنه لا يكفينا ظلام القلوب والعقول، وبما أن مقامكم الموقر هو المرجع المسؤول عن صيانة المال العام وحفظه من الجرائم والإهمال المرتكب في حقه، جئت بكتابي هذا بصفتي مواطنا يقدم إخباراً لكي يتحرك الحق العام ويفتح التحقيقات اللازمة لإستنقاذ المال العام من النزف المستمر وتحديد المسؤوليات” .
وعلى خط مواز، أصدر رئيس لجنة الطاقة والاشغال النيابية محمد قباني بياناً حمّل فيه “المسؤولية السياسية لوزراء الطاقة الذين يمثلون جهة سياسية واحدة، فيما تتمثل المسؤولية الإدارية بالمدير العام لمؤسسة الكهرباء كمال الحايك المستمر في منصبه منذ 12 سنة، أي فترة انهيار القطاع. والغريب أن مجلس الوزراء اتخذ قراراً خاطئاً أخيراً. فبدل إقالة مدير العتمة والتقنين كمال الحايك إذ به يجدد تعيينه”. واعتبر ان مجلس الوزراء خالف القانون رقم 181 لعام 2011 الذي حدد مدة شهرين لتعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان، وهو مطالب بتصحيح هذه المخالفة.
ولكن مصادر مؤسسة الكهرباء استغربت زجّ اسم الحايك في الموضوع وكأنه المسؤول الاول عن مشكلة الكهرباء. وسألت هل هكذا يكافأ من يقضي وقته في خدمة المؤسسة؟ هل هكذا يكافأ الموظف “الآدمي” في الدولة؟ هل كان عليه أن يسرق كما يفعل الآخرون ليقال إنه يعمل بضمير”.
الى ذلك استغربت مصادر متابعة هذه الضجة “المفتعلة”، وتمنّت “لو أن هذه الاصوات التي تعلو اليوم للتهجّم على المؤسسة ومديرها، علت في الفترة التي كانت فيها ابوابها مقفلة لأكثر من 4 أشهر، دفاعاً عن مؤسسة عامة تخدم المواطنين”.
ومشكلة الكهرباء في طرابلس استدعت تحرك المعنيين في المدينة، فأجرى النائب سمير الجسر سلسلة اتصالات شملت مدير شركة قاديشا في طرابلس عبد الرزاق بارود الذي أبلغه أن السبب يعود الى نقص في الإنتاج في معملي الزوق والزهراني. ثم اتصل بحايك الذي أبلغه “ان سبب تراجع ساعات التغذية يعود إلى تناقص الإنتاج من 1600 ميغاواط إلى 1500 بعدما توقفت الدولة السورية بالأمس عن امداد لبنان بـ100 ميغاواط كان يستجرها منها، لذلك زادت ساعات التقنين”.
كذلك استنكر النائب محمد كبارة “التقنين القاسي والعشوائي المفروض على طرابلس منذ أيام والذي يضاعف من معاناة أهلها لا سيما في ظل حرارة الصيف المرتفعة”، داعياً وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان الى تحمل مسؤولياتهما تجاه عاصمة لبنان الثانية، لا أن يكون هناك “أبناء ست وأبناء جارية”.
وطالب المعنيين في وزارة الطاقة وكهرباء لبنان بالتراجع الفوري عن هذا التقنين الظالم، و”إلا سيكون لنا كلام آخر”.