علاء بشير
تفاعل التقنين الحاد الذي تعيشه طرابلس، الى درجة لم تعد تطاق، بالتزامن مع موجة حر يشهدها لبنان وأزمة نفايات بدأت تطال العاصمة الثانية، وهو امر استدعى الدعوة الى حراكٍ مدني احتجاجاً على وضع الكهرباء وأزمة النفايات.
وفي حركةٍ تعكس استياء قادة المدينة، أجرى النائب سمير الجسر سلسلة اتصالات أبرزها مع المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال الحايك، احتجاجاً على التقنين وللمطالبة بحق المدينة، فيما تقدم وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس بإخبار الى النائب العام المالي، حول مسألة الكهرباء في طرابلس. كما استنكر النائب محمد كبارة التقنين القاسي والعشوائي، داعيا وزارة الطاقة وشركة كهرباء لبنان الى «تحمل مسؤولياتهما تجاه عاصمة لبنان الثانية باعتماد عدالة في التوزيع«.
درباس
إذاً، تقدم درباس بإخبار الى النائب العام المالي في بيروت تناول فيه الانقطاع اليومي للكهرباء في طربلس والشمال لفتح التحقيقات اللازمة لتحديد المسؤوليات. وجاء في الإخبار،الآتي:
«بالنظر للكوارث الكهربائية المتفاقمة وبالأخص ما حدث أمس في طرابلس والشمال بحيث أصبح الإنقطاع اليومي يصل الى ما لا يقل عن عشر ساعات متتالية مع إنارة متقطعة لمدة ساعتين، وبما أن المكلف اللبناني ينفق على قطاع الكهرباء بصورة مباشرة وغير مباشرة مليارات الدولارات دون ان يستفيد من استمداد الكهرباء، وبما ان الخزينة اللبنانية تنفق ما لا يقل عن ملياري دولار أميركي سنويا ثمنا لظلام العيون وكأنه لا يكفينا ظلام القلوب والعقول، وبما أن مقامكم الموقر هو المرجع المسؤول عن صيانة وحفظ المال العام من الجرائم والإهمال المرتكب بحقه، جئت بكتابي هذا بصفتي مواطنا يقدم إخبارا لكي يتحرك الحق العام ويفتح التحقيقات اللازمة لإستنقاذ المال العام من النزف المستمر وتحديد المسؤوليات«.
الجسر
وعلى أثر انخفاض مستوى التغذية في التيار الكهربائي في مدينة طرابلس أجرى الجسر سلسلة اتصالات مواكبة للموضوع مستفسرا عن السبب وداعيا إلى عدم زيادة ساعات التقنين القاسية اصلا وشملت الاتصالات مع مدير شركة قاديشا في طرابلس عبد الرزاق بارود الذي أبلغه ان السبب يعود لنقص في الإنتاج في معملي الذوق الزهراني، ثم اتصل الجسر بمدير عام شركة كهرباء لبنان كمال حايك ناقلا له الصورة ومتمنيا عليه العمل على إعادة الأمور إلى نصابها فابلغه الحايك ان سبب تراجع ساعات التغذية يعود إلى تناقص الإنتاج من 1600 ميغاوات إلى 1500 بعد أن توقفت الدولة السورية بالأمس عن امداد لبنان بـ100 ميغاوات كان يستجرها منها ولذلك زادت ساعات التقنين. فطلب الجسر منه مراعاة مدينة طرابلس والشمال ككل نظرا للتقنين اليومي القاسي وأن يكون هناك عدالة في توزيع التقنين فوعد الحايك بالعمل على ذلك وإعادة التقنين إلى ما كان عليه.
كبارة
واستنكر كبارة التقنين القاسي والعشوائي المفروض على طرابلس منذ أيام والذي يضاعف من معاناة أهلها لا سيما في ظل حرارة الصيف المرتفعة، داعيا وزارة الطاقة وشركة كهرباء لبنان الى تحمل مسؤولياتها تجاه عاصمة لبنان الثانية وأن تعتمد عدالة في التوزيع، لا أن يكون هناك أبناء ست وأبناء جارية.
وقال كبارة في تصريح أمس: «إن طرابلس تغرق في الظلام منذ أيام، وقد طفح الكيل مع الأهالي، خصوصا أن التقنين الظالم بلغ حدا غير مسبوق، في حين أن مدنا ومناطق أخرى تنعم بالتيار الكهربائي، وهذا يؤكد أن ثمة عقابا مفروضا على طرابلس لا نعرف أسبابه، لكننا لن نسكت عنه وسنواجهه بكل الوسائل المتاحة أمامنا«.
وأضاف: «إن أهالي طرابلس يلتزمون مع شركة كهرباء لبنان بدفع كل الرسوم المتوجبة عليهم، وتشير الاحصاءات الى أن طرابلس هي من أكثر المدن اللبنانية إلتزاما بدفع الفواتير، ومن حق المدينة أن تنعم بالتيار الكهربائي وإذا كان هناك من نقص في التغذية العامة، فلن نسمح بأن يكون على حساب طرابلس، بل يجب على المسؤولين المعنيين في وزارة الطاقة وفي شركة كهرباء لبنان أن يتحملوا مسؤوليتهم تجاه العاصمة الثانية وأن لا يتعاطوا مع اللبنانيين كأبناء ست وأبناء جارية وأن يقوموا باعداد تقنين منظم وعادل بين كل المناطق اللبنانية بدون إستثناء بما في ذلك بيروت الادارية. وتابع كبارة: إن الدولة تتعاطى معنا كمواطنين درجة ثانية، وهذا ما لن نقبل به، فنحن نريد حقنا في التغذية الكهربائية، ولن نتهاون في هذا الحق»، محذرا المسؤولين المعنيين، ومطالبا اياهم بـ»التراجع الفوري عن هذا التقنين الظالم، وإلا فانه سيكون لنا كلام آخر«.
الاوضاع الميدانية
أخضعت طرابلس وجوارها لتقنين حاد على مدى الأيام الثلاثة وهو أمر مستمر بفعل قطع التيار الكهربائي عن مختلف المناطق والأحياء بشكل شامل، حيث لا تتعدى ساعات التغذية سوى ساعتين في اليوم الواحد.
واستاء المواطنون والتجار وأصحاب المؤسسات من هذا الانقطاع في ظل موجة الحر الشديدة التي تضرب المنطقة في آب، ولم يصدر أي توضيح من المسؤولين عن سبب زيادة ساعات التقنين والانقطاع في التيار، ولا عن الفترة التي قد تستغرقها.
وتجمع عدد من المخاتير في محلة الميناء للبحث في كيفية رفع الصوت وقرروا تنظيم اعتصام عند مستديرة البيئة، وكذلك مخاتير القبة حضوا نواب المدينة لاجراء الاتصالات السريعة قبيل فوات الاوان لان الناس كفرت.
وأثار هذه الانقطاع موجة عضب لدى عموم المواطنين سيما بعد الوعود الكثيرة التي اعطيت لهم من قبل المسؤولين بتحسين التيار وصولا الى اعطائه 24 على24 ساعة. ولكن النتيجة جاءت بالعكس أصبح الناس يفرحون ويهللون كلما جاءت الكهرباء ساعة واحدة .
وعبر المواطن محمد الزعبي بكلمة «حرام الناس» اذا لم يعطونا الكهرباء هذه الايام، لماذا نريدها بقية الايام، لهيب آب ولهيب المسؤولين واحد، باختصار لا يوجد مسؤولين يهتموا باوضاع الناس الحياتية والمعيشية .
ويطالب مصطفى رجب بمحاكمة المسؤولين عن هذا القطاع، الذي فيه هدر كبير ولا يتم توفير الطاقة للناس ولو بالحد الادنى ساعتين. ويقول «انشوينا« ولا أحد يسأل عن المواطنين كيف يعيشون وفي اي ظروف .
ولا تملك رندة اسماعيل سوى الدعاء على المسؤولين عن هذا القطاع الذي يتردى يوما بعد يوم. وقالت: «لم نعد نستطيع شراء شيء من الاطعمة، كل ما يوجد لدينا من طعام القينا به في سلة النفايات، البرادات لا تعمل بسبب عدم توفر الطاقة، ونحن نعيش الظلم والقهر ولا من مسؤول يشعر أو يرد «.
بدورها جمانة العتر أوضحت انها فرت وعائلتها الى القرية ليس بسبب الحر فقط بل بسبب عدم توفر الطاقة الكهربائية، «التي تحولت الى كارثة لا نستطيع النوم في الليل حريق فوق حريق. نعمة الكهرباء أصبحت كارثة في المدينة «.
أما خالد الهوز فأشار الى «اننا توقفنا عن شراء معظم البضائع المثلجة لاننا البرادات لا تعمل، والاشتراك وحده لا يلبي حاجاتنا، وقد تكبدنا خسائر باهظة لاننا لن نعد نستطيع تخزين اي شيء«.
الى ذلك، لم يتمكن أصحاب المولدات الخاصة من تغطية كامل فترة انقطاع التيار مما زاد على المواطنين بؤسهم الذي زاد من حدته غياب المسؤولين عن مؤسسة الكهرباء عن السمع وهم الذين أعلنوا سابقا ان قطع التيار سيقتصر على الاحد فقط ولمدة ستة ساعات فاذا بهم يفاجؤون باستمرار انقطاع التيار الى يومي الاثنين والثلاثاء«.
ويقول التاجر خالد بلطجي «حرام الناس يموتون ألف مرة في النهار الطقس عليهم وشركة الكهرباء تزيد من أوجاعهم وهي المفترض أن تكون اليوم أكثر انتاجا وفقا للوعود التي اعطيت سابقا. خسائرنا المادية كثيرة لان معظم المواد الغذائية اتلفت، ولكن خسائرنا المعنوية أكبر لاننا لم نعد نثق بهكذا مسؤولين في مؤسسة يفترض أن تدر ارباحا، فاذا بها تقع تحت عجز كبير، كل ذلك بسبب الفساد السائد فيها«.
أما ربة المنزل غزوة سلطان فتصف الوضع بالكارثة، وتقول: «هل يشعر المسؤولين في شركة الكهرباء بمعاناة الناس، أم انهم يعيشون في ابراج عالية؟. الناس مظلومة في البلد مشاكل كثيرة متراكمة وزادت من حدتها انقطاع التيار الكهربائي بشكل متواصل على مدى الايام الثلاثة الماضية، انقطعت المياه عندنا، ولا نرفع الشكوى الا لله من المسؤولين في الكهرباء المفترض بهم العمل على تأمين الطاقة للمواطنين«. ولا تجد ربى بركة عبارة تصف فيها الاوضاع المخزية التي تعيش فيها في حي القبة – طرابلس سوى القول: «في اي عصر نعيش؟ لا كهرباء ولا مياه الاوبئة والامراض بدأت تنخر في اجسادنا ونحن لا نملك القدرة على شراء الدواء، فكيف بالمعالجة؟. وتختصر الله يستر من الايام المقبلة والتي على ما يبدو انها سوف تكون أشد واقسى وفقا لسيل الوعود التي اعطيت قبل عامين من وزير الطاقة شخصيا بأن الكهرباء ستتحسن تدريجيا لتصل الى ذروتها 24 ساعة على 24، ولكن الامور تسير بالعكس تمام وبتنا نحتفل كلما جاءت الكهرباء لساعتين فقط والمياه كذلك«.
