سامر الحسيني
الموسم «منيح وجيد ومقبول» تلك هي عيّنة «بسيطة» من صفات وعبارات يطلقها مزارعو البطاطا حين يُسأل أحدهم عن واقع هذا الموسم الذي يصنّف في خانة المواسم المربحة وفق توصيف العشرات منهم.
مزارعو البطاطا لا يتكلّمون ولا يصرخون ولا يستغيثون، وسكوتهم يعني رضاهم عن موسمهم الذي يقولون عنه «ماشي حالو»، حسب تعبير المزارع يونس سعيفان الذي لا يلاحظ وجود مشكلات تعترض قلع مواسم البطاطا لهذا العام، باستثناء انخفاض الإنتاج في بعض الحقول من جراء تأثيرات الأحوال المناخية من موجات صقيع في بداية الموسم الى موجات حر قبل أيام من قلع البطاطا.
تتشارك الحقول الزراعية على امتداد البقاع بمشهد يجمع الجرارات الزراعية التي تعمل على قلع الإنتاج الزراعي مع شاحنات التصدير التي تنتظر امتلاء حمولتها، لتتوجه مسرعة إلى مرفأي بيروت وطرابلس لحجز مكانٍ لها على خط التصدير الناشط حالياً باتجاه دول الخليج العربي.
في هذا الموسم، ينأى مزارعو البطاطا في البقاع عن كل معاناة العام الماضي التي رافقت مواسم قلع البطاطا التي تكدّست في المستودعات ولم تجد طريقاً للتصريف وأسواقاً على عكس الموسم الحالي الذي يزداد الطلب عليه يوماً بعد يوم ووجهته دول الخليج العربي.
يحصر سعيفان مشكلة الموسم الحالي لحقول البطاطا في موضوع العمالة السورية التي لم تكن متوافرة وفق حاجة الحقول الزراعية، الأمر الذي أدّى الى رفع أجرة العمال السوريين من 7 آلاف إلى 12 ألف ليرة يومياً.
وتتصدّر العوامل المناخية قائمة العراقيل التي واجهت سبيل المزارعين في هذا الموسم، لما تسبّبت به موجات الصقيع والحر من آثار سلبية على الإنتاج الزراعي، الأمر الذي أدّى الى اهتراء الشتول ويباس البذور، وبالتالي الى انخفاض الإنتاج.
في المقابل، انعكس انخفاض الإنتاج في حقول البطاطا على واقع سعر مبيع كيلو البطاطا الذي يبلغ حالياً 550 ليرة في «أرضه»، وهو رقم «مميّز» حسب تعبير رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع ابراهيم الترشيشي الذي يتحدث لـ «السفير» عن إيجابية في موضوع الأسواق العربية المفتوحة في هذا الموسم أمام قوافل وكونتيرات البطاطا اللبنانية.
حسب أرقام الترشيشي يتمّ تصدير أسبوعياً أكثر من 3 آلاف طن عبر 100 «كونتينر» تصل الى أسواق التصدير العربية عبر البحر.
خلاصة مجريات موسم البطاطا في لبنان كانت جيدة لهذا الموسم حسبما يؤكد نزيه بقاعي الذي يشير لـ «السفير» الى عوامل عدة تجمّعت وتراكمت هذه السنة أدت الى إبعاد شبح الخسائر المالية التي مُني بها مزارعو البطاطا في العام الماضي، إلا انه في المقابل لم يكن هناك أرباح كبيرة نظراً لتبخر كل الأرباح من خلال الكلف الإضافية عبر التصدير البحري وانخفاض الإنتاج في بعض الحقول من جراء العوامل الطبيعية.
سوق التصدير أكثر من جيد، ومردّه حسب بقاعي الى إحجام أوروبا عن التصدير، بعدما خفّضت رقعتها الزراعية من حقول البطاطا، كما أن تفاقم الأوضاع العسكرية في سوريا، أدّى الى تراجع المساحات المزروعة بالبطاطا وكل هذا كان يناقض يوميات العام الماضي إن كان عبر أوروبا التي أغرقت الأسواق العربية التقليدية بإنتاجها من البطاطا التي لا يمكن للبنان ان ينافسها نظراً للفارق الكبير في أسعار الكلفة الإنتاجية لمصلحة الإنتاج الأوروبي، كما ان العام الماضي شهد تصدير كميات من البطاطا السورية إلى الأسواق العربية.
في المحصلة، يمكن الجزم بأن موسم البطاطا الحالي يعد مربحاً ولا خسائر في اجندة المزارعين، ولكن لا يمكن للأرباح المتواضعة في حقول البطاطا أن تعوّض الكوارث الزراعية التي لحقت بمزارعي الأشجار المثمرة الذين لم يجدوا طريقاً وسبيلاً آمناً ومفتوحاً سوى طريق عربات الخضار والفاكهة المتنقلة على الطرق في لبنان.