سلام طرابلسي
يعتبر لبنان سوقاً مفتوحة لاستيراد وتصدير الحيوانات وتجارتها، إذ يستورد العديد من الحيوانات الحية، التي يُمكن تقسيمها إلى نوعين: الحيوانات التي تستورد بهدف الإستهلاك (حيوانات المزارع) وهي مراقبة تلقائيا من قبل وزارتي الصحة والزراعة، والحيوانات المستوردة بهدف تربيتها في المنازل، أو ما يعرف بحيوانات الزينة كالكلاب والقطط والقرود وغيرها.
السوق المفتوحة بأرقامها وأحجامها، تطرح إشكالية التنظيم والمراقبة. فمن يراقب تلك الحيوانات من الناحية الصحية، ومن ناحية الأسعار وأماكن البيع؟ ويفترض أن تجارة الحيوانات ولوازمها في لبنان تحتاج الى ترخيص، إضافة الى المراقبة الصحية. ونظرا الى أن الاقتصاد اللبناني حر، فلا قيود أو ضوابط للدولة على أسعار مبيع هذه الحيوانات. إذ تعتبر أسعار حيوانات الزينة مُرتفعة، بسبب ارتفاع كلفة الشحن، لكن وقبل كل شيء هناك هامش ربح التاجر الذي يشكل الحلقة الأساس في رفع اسعار هذه الحيوانات. هذه الفوضى هي نتيجة غياب قوانين تحكم هذه التجارة.
يشرح جاسم عجاقة، مستشار وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم، ان “الإستيراد والتصدير يحتاجان إلى ترخيص، وهذا نابع من مبدأ أن الحيوانات المُستوردة يمكن أن تحمل أمراضاً، لذا يتوجب على التاجر أن يمتلك شهادة صحية للحيوانات المُستوردة. أضف إلى ذلك أن هناك أنواعاً من الحيوانات يُمنع الإتجار بها نظراً لندرتها”. ويوضح عجاقة الى ان هناك خطوط تجارة “غير شرعية” في هذا القطاع، فبعض الحيوانات “يتم إدخالها بطرق غير شرعية الى لبنان”، وهنا يبرز دور الأجهزة المولجة بمراقبة الحدود.
من ناحية ثانية، تُظهر الملاحظة الميدانية انتشار العديد من المتاجر الخاصة ببيع حيوانات الزينة، واللافت أن العدد الاكبر منها غير مرخص ولا يخضع للحد الأدنى من الشروط الصحية، ولا للمراقبة لجهة الاسعار. ويشير صاحب محل ” PEGASUS PET SHOP” لبيع الحيوانات، هلال البساط الى ان “نسبة المحلات الحاصلة على ترخيص لا تتعدى الـ15%”. ويحمل البساط المسؤولية للدولة والبلديات، لأنه “لو كان هناك مراقبة لما تجرأ أحد على فتح متاجر غير مرخصة”. وحول الاسعار، يوضح البساط لـ “المدن” ان بعض اسعار القطط تتراوح عموماً بين 10-20 دولاراً و500-600 دولار، لكن بعض الانواع يتخطى الـ 1000 دولار، اما الببغاوات، فتتراوح اسعارها بين 100 و500 دولار، وهناك طيور يتخطى سعرها الـ 1500 دولار، وتختلف الاسعار بحسب الاحجام والانواع وبلد الاستيراد”. ويضيف البساط في هذا الاطار، الى ان “أوكرانيا وبلغاريا هما أكثر بلدين يستورد منهما لبنان مثل هذه الحيوانات”. وعموماً، يستورد لبنان الحيوانات والمنتجات الحيوانية من البرازيل في المرتبة الاولى “بنسبة 191.778%، ثم فرنسا في المرتبة الثانية بنسبة 93.965%، فإسبانيا في المرتبة الثالثة بنسبة 54.002%. ويستورد لبنان أيضاً بهدف التصدير، ويعدّ العراق البلد الاول الذي يُصدّر اليه لبنان الحيوانات والمنتجات الحيوانية وتبلغ نسبة التصدير إليه 4.499%، وتحتل المانيا المرتبة الثانية بنسبة %2.436، فيما تأتي رومانيا في المرتبة الثالثة بنسبة 1.562%”.
وعن الاسعار يقول البساط، ان ارتفاعها يعود اساساً الى “كلفة الشحن، فالكيلوغرام تكلفته 3 دولارات، بحسب الوزن والحجم، ويُضرب السعر بثلاثة اضعاف لأن الحيوانات حية، إضافة الى كلفة الجمارك التي تبلغ 5% من السعر، و10.5% TVA”.
وتجدر الاشارة الى ان التهريب من سوريا الى لبنان كان ناشطاً خلال سنوات طويلة، ويترافق ذلك مع نشاط مافيات التهريب عبر المطار، التي تستفيد من الفساد المنتشر في لبنان، وهؤلاء يُدخلون الحيوانات دون اخضاعها الى الجمارك والى المراقبة الصحية. وبفعل الحرب، تراجعت سوق التهريب من سوريا، وفق البساط، لتبقى سوق المافيات فاعلة، بإنتظار صحوة الدولة.
سوق تجارة حيوانات الزينة مازالت بعيدة عن الاضواء، وبالتالي فإن عمليات الغش تكون على نطاق اوسع. وعليه، تتحول هذه التجارة من قطاع اقتصادي الى قطاع فساد، لا يعرف المواطن انه وقع ضحيته، ظناً منه ان جمال الحيوان وندرته كافيان لتشريع الفساد والسرقة ومخالفة القوانين.