يعتقد سياسيون وخبراء اقتصاد أن ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل بين فئة الشباب الجزائري دليل فشل سياسات حكومية كلفت أموالا طائلة دون تحقيق نتائج إيجابية.
وأشارت آخر دراسة لصندوق النقد العربي بعنوان “بطالة الشباب في الدول العربية” الخاصة بالشهر الجاري، إلى تزايد ظاهرة البطالة بين أوساط شباب الجزائر بنسبة 24% في الفئة العمرية بين 15 و24 عاما للذكور، و38% في نفس الفئة العمرية بالنسبة للإناث، مشيرا إلى أن النسبة العامة للبطالة بالجزائر تقدر بـ9.8%.
ويرى خبراء التقتهم الجزيرة نت أن هذه السياسات الحكومية تكتفي بالمعالجة الاجتماعية للبطالة من خلال إقرار تحويلات اجتماعية موجهة للعاطلين، أو من خلال قروض بنكية موجهة خاصة للشباب.
وحسب إحصائيات وزارة العمل، فإن برامج القروض المصغرة الموجهة للشباب سمحت بإنشاء 270 ألف شركة صغيرة، ساهمت في خلق 70 ألف فرصة عمل سنويا منذ 2007، لكن في الواقع تعرض نصف هذه المؤسسات تقريبا للإفلاس، وبات أصحابها تحت طائلة المتابعة القضائية.
وفي حديثه للجزيرة نت، رصد مستشار وزير الطاقة الأسبق محمد مبتول عدة أسباب تقف وراء انتشار البطالة في الجزائر، أهمها اعتماد الاقتصاد الجزائري على قطاع المحروقات بنسبة 98%.
غياب التنافسية
ويستوعب هذا القطاع 2% من إجمالي عدد العمال، أما باقي القطاعات الأخرى -التي تمثل 2% من الميزان التجاري- فغير قادرة على استيعاب الطلب الكبير لليد العاملة المحلية، أمام عزوف الشركات المتوسطة والصغيرة عن التوسع بسبب غياب التنافسية.
ويعتقد مبتول أن سبب فشل البرامج الموجهة للشباب في خلق القيمة المضافة وامتصاص البطالة هو أن الهدف من هذه البرامج شراء السلم الاجتماعي، وليس خلق شركات دائمة تساهم في القيمة المضافة للاقتصاد.
يذكر أنه منذ 2011 شهدت الجزائر عدة احتجاجات، خاصة في المناطق النفطية بالجنوب الجزائري للمطالبة بتوفير فرص التشغيل.
من جهته، يعتقد وزير الصناعة الأسبق عبد المجيد مناصرة أن الأرقام التي يقدمها صندوق النقد العربي مصدرها الحكومات العربية. وبرأيه فإن “هذه الحكومات تزين الأرقام، لأنها تريد إيهام الناس بأنها أنجزت تقدما، فخفضت من نسب البطالة، وحققت تقدما في نسب النمو الاقتصادي، وخفضت من نسبة العجز ومن التضخم”.
ومن حيث المبدأ يقول للجزيرة نت “أغلب الحكومات العربية أرقامها مشكوك في صحتها”. ويعتبر مناصرة أن الأرقام المعلن عنها تثير المخاوف لأنها تتحدث عن أن ربع الشباب الجزائري في حالة بطالة، مما يعني حرمان الدولة من طاقة وقوة هذه الفئة.
سياسات فاشلة
ويتابع “بدل أن يتحول الشباب من عامل بناء وإضافة، تحول إلى عبء بسبب السياسات الفاشلة للتشغيل”، وهي السياسات التي صنفها “سياسات استهلاكية تحرص على كمية إنفاق المال العام أكثر مما تحرص على طريقة خلق القيمة المضافة للاقتصاد”.
وبرأي مناصرة، فإن سياسات التشغيل التي اعتمدت على منح قروض للشباب من أجل خلق شركات مصغرة سياسات جيدة في أهدافها، لكن الطريقة التي سيرت بها حولتها إلى برامج “شعبوية” من خلال ربطها بأجندات انتخابية، مما جعل الشباب يقول “بأن تلك الأموال منحت له لكي يصرفها وليس ليستثمرها”.
وذكّر مناصرة بتصريح مسؤول لم يذكره بالاسم، أكد في الحملة الانتخابية لرئاسيات الـ17 من أبريل/نيسان 2014، بأن من حق الشباب الزواج بأموال القروض التي تمنح لهم، وهي التصريحات التي أدلى بها الوزير الأول عبد المالك سلال.
في المقابل يؤكد المرشح الرئاسي الأسبق موسى تواتي عن حزب الجبهة الوطنية الديمقراطية للجزيرة نت أن سياسة الاعتماد على الريع البترولي، وانتشار الفساد عاملان ساهما في إضعاف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ببلاده، الأمر الذي حال دون تطور تلك المؤسسات، وخلق مناصب شغل جديد.