اسكندر الديك
بعد ارتفاع أعداد اللاجئين في ألمانيا، خصوصاً الحاصلين على شهادات عليا، حضّت «وكالة العمل الاتحادية» الحكومة الألمانية والهيئات المعنية العمل على تسهيل حصول المؤهلين علمياً منهم، وعلى رأسهم الأطباء والمهندسون بكل أطيافهم، على تأشيرة إقامة وعمل لهم ولعائلاتهم.
وطالب مسؤولو الوكالة الحكومة بالعمل سريعاً على إزالة العقبات البيروقراطية التي تمنع ذلك، أو تطيل بت أوضاعهم، لحاجة سوق العمل الماسة إليهم. ووصل إلى ألمانيا الآلاف من الأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات والمهنيين الكفؤين من سورية والعراق وتونس ومصر ودول عربية وأجنبية أخرى خلال السنوات الأربع الأخيرة، هرباً من الأوضاع المضطربة في بلدانهم. وانضمت «وكالة العمل الاتحادية» أخيراً إلى «اتحاد غرف الصناعة والتجارة» الألمانية، الذي كان دعا بدوره المسؤولين إلى الاستفادة السريعة من اللاجئين المتخصصين علمياً ومهنياً وتسهيل عملية دمجهم في سوق العمل الألمانية التي تعاني نقصاً في الأيدي العاملة على خلفية تراجع عدد السكان.
وتفاقم الوضع عندما فتحت الحكومة باب التقاعد لمن بلغ 63 عاماً بدءاً من مطلع السنة، بدلاً من سن الـ66، لكل من عمل مدة 45 سنة متواصلة، وبالتالي يُتوقع أن تخسر سوق العمل الألمانية عشرات الآلاف من هؤلاء سنوياً.
وأشار عضو مجلس إدارة الوكالة رايموند بيكر إلى «إمكان تنفيذ هذه الفكرة من خلال البطاقة الزرقاء التي تعتمدها ألمانيا منذ العام 2012 لجذب الأكاديميين فقط الراغبين بالمجيء وحدهم أو مع عائلاتهم للعمل في ألمانيا». وتسمح البطاقة بحصول هؤلاء على حق إقامة بعد إثبات تلقيهم عرضاً للعمل في ألمانيا، بشرط ألا يقل الأجر الموعودون به عن 48400 يورو سنوياً.
واقترح بيكر انتقاء الكفاءات العالية بين اللاجئين وسحب صفة اللجوء عنهم وإدخالهم سوق العمل بعد التخلي عن العقبات البيروقراطية، مثل الإصرار على خروجهم من ألمانيا لتقديم طلب الحصول على «البطاقة الزرقاء»، مؤكداً أن لا معنى للتمسك بهذه الشكليات طالما أنهم أصبحوا في ألمانيا.
وتشهد ألمانيا منذ فترة نقاشات متزايدة حول سُبل الاستفادة من الطاقات الموجودة بين اللاجئين الذين اضطروا لمغادرة بلدانهم بسبب الحروب والنزاعات وانسداد أفق العمل فيها، كما هي الحال في سورية والعراق تحديداً. ووصفت نائب رئيس الكتلة النيابية لـ «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» ايفا هوغل الفكرة التي طرحها مسؤول الوكالة بـ «الجيدة جداً». وأضافت أنها تفضل في البداية انتظار قرار الهيئة المعنية بإعطاء حق اللجوء، خصوصاً أن اللاجئين يحصلون في العادة على تأشيرة إقامة في البلاد طبقاً لمعاهدة جنيف للاجئين، وهي أفضل كثيراً من الإقامة المحدودة التي توفرها لهم البطاقة الزرقاء.
وقال الناطق باسم كتلة نواب «الحزب المسيحي الاجتماعي» شتيفان مايار «الاقتراح جدير بالنقاش»، ولو أن كتلته لا تقبل بخلط الأمور بين حق اللجوء ومسائل الهجرة إلى ألمانيا.
وأضاف: «نرى أن من الممكن في حالات محدودة القبول بتغيير بعض فقرات البطاقة الزرقاء بما يسمح للاجئين المتخصصين بتقديم طلب الحصول عليها في ألمانيا وفي أوروبا». ولكن هوغل أكدت أن رأيها يختلف عن رأي زميلها، فهي لا تفكر فقط في الأكاديميين، بل بحصول كل لاجئ على تأشيرة إقامة تعزز اندماجه في البلد.
وإلى جانب هذا النقاش، أقرت الحكومة منتصف الشهر الجاري مشروع قانون تقدمت به وزيرة العائلات الاشتراكية مانويلا شفيسيغ يقضي بتوزيع الأطفال اللاجئين من دون أهلهم إلى ألمانيا، وعددهم 18 ألفاً عام 2014، على كل الولايات الألمانية الـ16، وبنسب مختلفة تبعاً لعدد سكان كل ولاية. والهدف من هذا القانون وفقاً للوزيرة الاشتراكية، تأمين سكنهم وحاجاتهم اليومية ورعايتهم، ودمجهم في المجتمع وفي الدراسة، وفي سوق العمل لاحقاً.