اعلن رئيس الحكومة تمام سلام أمام زواره، إن دعوته مجلس الوزراء الى الانعقاد الخميس المقبل جاءت من منطلق أنه يعتبر أن واجبه “ليس المشاركة في الشلل التام الذي يتحكم بالبلد والذي يقود الى العجز، والى انهيار الدولة”.
وأوضح زوار سلام لـصحيفة “الحياة”، أنه على رغم أن الاتصالات لترتيب مناخ مواتٍ ومخارج تسمح لوزيري “التيار الوطني الحر” جبران باسيل وإلياس بوصعب بالتعاطي بإيجابية مع دعوته مجلس الوزراء الى الانعقاد، لم تسفر حتى الأمس عن نتائج عملية، فإنه قرر توجيه الدعوة لأنه يتحرك “من منطلق مسؤوليتي على رأس السلطة التنفيذية التي مهمتها إدارة شؤون البلاد والعباد، ولأن كل التأخير والتعثر والتعطيل الذي سيطر على عملها وأدى الى إعاقة الإنتاجية، تأسس على سلبيات تقود الى نتيجة واحدة هي انهيار البلد”.
وبرر سلام لزواره دعوته مجلس الوزراء للانعقاد على رغم الخلافات التي سبق أن اندلعت في جلساته السابقة بسبب تباعد المواقف حول خيار التمديد للقيادات العسكرية وإصرار وزيري “التيار الوطني الحر” على نيل موافقته وحلفائه على طريقة اتخاذ القرارات وعدم اعتماد التصويت، ودور الوزيرين في وضع جدول الأعمال، بالقول إنه “مضت سنة و3 أشهر على عجز القوى السياسية عن انتخاب رئيس للجمهورية وسنة على شلل السلطة التشريعية وعلى تسرب هذا الشلل الى السلطة التنفيذية، فكيف يمكن البلد أن يحمل كل ذلك التعطيل؟”.
وقال زوار سلام إنه يعتبر أن من واجبه أحياناً التريث وإعطاء فرصة للأخذ والرد، بفعل الشغور الرئاسي، وهذا ما يمارسه منذ حصول هذا الشغور، “لكننا وصلنا الى وقت، وعلى رغم شعوري بأني مشارك في ذلك العجز عن انتخاب رئيس وتغطية استمرار الشغور الرئاسي، فإني مقتنع بأن ليس من واجبي على الإطلاق المشاركة في انهيار الدولة”.
وأشار زوار رئيس الحكومة الى أنه “عندما لوّح بالاستقالة قبل أسابيع، وعلى رغم كل ردود الفعل الخارجية والداخلية على هذا الخيار والتي تمنت العودة عنه، فإن لسلام قراره بعدم المشاركة في حصول الانهيار في دور الدولة في المقابل”، بل إن سلام لفت هؤلاء الزوار الى أنه “ربما يعتبر البعض الاستقالة انهياراً، لكني أعتبر أن الأخطر هو العجز عن إنقاذ البلد والدولة”. ومن هنا دعوته مجلس الوزراء للانعقاد، إذ مضت 3 أشهر على توقف البت بمواضيع حياتية ملحة وأخرى إنمائية تراكمت وتحتاج الى جلسات أخرى، تفوق المواضيع المدرجة على جدول الأعمال الأخير الذي تجمّد البت ببنوده.
وكشفت “الحياة” أن نقاط جدول الأعمال التي أضافها سلام الى البنود العالقة منذ 3 أشهر، أربعة بنود هي: تأمين اعتمادات دفع الرواتب لموظفي القطاع العام، البت بموضوع النفايات، قبول الهبات والقروض التي تتطلب قراراً من مجلس الوزراء أو إحالة الى البرلمان بمراسيم، وتعيين الجانب اللبناني في دعوى التحكيم بين الدولة اللبنانية وشركة طيران بريطانية، والتي ترتِّب على البلد ملايين الدولارات.
ما هي التوقعات حول مجريات الجلسة إذا استمر اعتراض وزيري “التيار الوطني الحر” على جدول الأعمال؟ زوار سلام ينقلون عنه أنه “ما زال عند نظرته التي تقوم على أن التوافق هو الخيار الأبرز والأقوى في اتخاذ القرارات في شأن البنود المطروحة، لكن دون التعطيل”. وأبلغ سلام هؤلاء الزوار أنه إذا كان هناك اعتراض أو عدم موافقة على بند ما أو قضية بالاستناد الى وجهة نظر مقنعة تستأهل إعادة النظر في أي بند أو موضوع، فهذا شيء، أما عدم الموافقة لمجرد الرفض فهذا شيء آخر. وهو يعطي مثلاً بند الهبات الخارجية لمشاريع إنمائية وملحة لمصلحة لبنان. إذا كان هناك اختلاف على أنها مضرة أو مزعجة للبنان نبحث بالأمر، لكن في غياب الاعتراض المقنع عليها كيف نحرم البلد منها؟ والموضوع ليس أكثرية (في التصويت) أو أقلية، بل هو البت بحاجات البلد. وهذا دور مجلس الوزراء الذي ننادي به طوال المدة السابقة. وهو تلبية حاجات البلد والناس. ويكرر سلام لزواره اللازمة القائلة إن الصراعات السياسية القائمة على قدم وساق، والتباينات ليس مكانها طاولة مجلس الوزراء، هذا ما ارتضيناه منذ البداية لحكومة المصلحة الوطنية. لماذا نأتي بهذه المواضيع الخلافية إلى مجلس الوزراء في وقت يعلم الجميع أن حلها خارجه؟ فلنسيّر أمور الناس. هل أزمة انتخاب رئيس الجمهورية تحل في مجلس الوزراء؟ حتى فتح الدورة الاستثنائية للبرلمان لا يبت به في مجلس الوزراء بل بمرسوم يصدر خارج إطار المجلس.
وفي وقت أكدت مصادر وزارية لـ “الحياة”، أن 12 وزيراً وقع حتى الآن على مرسوم فتح الدورة الاستثنائية للبرلمان، فإن حسم الموقف من مطلب بعض الكتل المسيحية وضع قانون الانتخاب ومشروع قانون استعادة الجنسية على جدول أعمال أي جلسة نيابية، لا يلاقي حتى الآن قبولاً من الرئيس نبيه بري، بل إن مصادر سلام تنقل عن رئيس البرلمان تشديده مجدداً على أنه يجب ألا يفرض أي كان جدول أعمال الجلسات التشريعية علينا، فهذا من صلاحيات هيئة مكتب المجلس النيابي، وحين تفتح الدورة الاستثنائية وتبدأ جلسات التشريع، تجتمع الهيئة وتقرر، وهي ليست غريبة عن الواقع الراهن ويمكن اعتماد البنود التي لا تسبب إشكالاً. وتنقل مصادر سلام عن بري تأكيده أن في حالة الاشتباك السياسي الكبير في البلد من الأفضل ألا نأتي بمواضيع تعرقل التشريع بل تسهل شؤون البلد، فالرئيس بري حين يدعو إلى دورة استثنائية، فلشعوره بضرورة البت بقوانين تساهم في منعة البلد وتحصينه من الانهيار، خصوصاً تلك التي لها علاقة بالأمور المالية. ويشارك سلام بري في ضرورة فتح الدورة الاستثنائية.
إزاء إمكان إصرار وزيري “التيار الحر” على اعتبار التمديد للقادة العسكريين غير قانوني، يشير زوار سلام الى أنه يعتبر هذه الأمور تفصيلية مرتبطة بأسماء من هنا أو من هناك، وأن ما يواجهه البلد أخطر وأكبر، مثل أزمة النفايات. ويسأل سلام أمام زواره: كيف تعالج الحكومة أزمة النفايات وهي مفككة ومتعثرة ومنقسمة، وهي في مواجهة كارثة كبرى. هل بات لأي إنسان في أي بقعة حق معارضة أي جهد لتفلت الأمور وتصبح الدولة غير المتماسكة عاجزة كلياً؟
وهو يرى أن أي مكاسب أو منافع للقوى السياسية ستسقط أمام هذه الكارثة البيئية والصحية بامتياز، والتي لا لون طائفياً أو سياسياً لها، بل إن لونها هو العفن المستشري في كل لبنان عامة.
وماذا عن الجهود التي يبذلها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بين زعيم “التيار الحر” ميشال عون وسلام، والتي تردد أنها تشمل إيجاد مخرج قانوني للتمديد للقادة العسكريين عبر ترقية عمداء الى رتبة لواء، أو رفع سن التقاعد للعمداء؟
زوار سلام ينقلون عنه أنه لم يتبلور شيء يبنى عليه حتى الآن، على الأقل معه هو، لكنه أشار الى أن اللواء إبراهيم يتحرك لإيجاد مخارج ويبذل جهوداً ليست الأولى، خصوصاً أنه نجح في الماضي في تذليل بعض العقبات. وتشير مصادر حكومية الى أن ما يرفد هذه الجهود، أن الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله دعا القيادات المسيحية مجدداً في خطابه الأخير، الى تفعيل عمل البرلمان والتوقيع على مرسوم فتح الدورة الاستثنائية، وهذه النصيحة تشمل حليفه العماد عون.